أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم الجمعة، بأنّها "قلقة جداً" بشأن إعادة قبرص أكثر من 100 مواطن سوري إلى لبنان، من دون أن يُصار إلى تحديد ما إذا كانوا في حاجة إلى حماية قانونية ومن منهم قد يُرحَّل إلى وطنه الذي مزّقته الحرب.
وأشار مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في قبرص إلى أنّ عمليات الترحيل والنقل بين الدول "من دون ضمانات قانونية وإجرائية للأشخاص الذين قد يحتاجون إلى حماية دولية" تتعارض مع القانون الدولي، وكذلك القانون الأوروبي.
وأكّدت المفوضية الأممية لوكالة أسوشييتد برس أنّ عمليات النقل هذه قد تؤدّي إلى إعادة المهاجرين إلى بلد "قد يواجهون فيه خطر الاضطهاد والتعذيب، والمعاملة أو العقوبة القاسيتَين أو اللاإنسانيتَين أو المهينتَين، وغير ذلك من الأذى الذي لا يمكن إصلاحه".
وكان هؤلاء المهاجرون السوريون البالغ عددهم 109 قد وصلوا جميعاً إلى قبرص على متن ثلاثة قوارب منفصلة في الفترة الممتدة ما بين 29 يوليو/ تموز الماضي والثاني من أغسطس/ آب الجاري، قبل إعادتهم إلى لبنان بقارب تحت حراسة الشرطة القبرصية.
وأوضحت الحكومة القبرصية أنّ عمليات الإعادة هذه تتمّ بطريقة قانونية، تماشياً مع الاتفاقية الثنائية التي وقّعتها الدولة الجزيرة ولبنان المجاور في عام 2004.
وبحسب المسؤول البارز في وزارة الداخلية القبرصية لويزوس هادجيفاسيلو، فإنّ الاتفاق يُلزم لبنان بمنع ووقف "العبور الحدودي غير الشرعي" و"الهجرة غير الشرعية" التي يخوضها الأفراد الذين يغادرون أراضيه.
وقال هادجفاسيليو لوكالة أسوشييتد برس إنّ "هؤلاء الأفراد أُعيدوا إلى لبنان الذي يُعَدّ آمناً، وحيث يتمتّعون بالمزايا الممنوحة لمئات آلاف اللاجئين" فيه.
أضاف المسؤول القبرصي: "في ظلّ هذه الظروف، نعتقد أنّهم لا يواجهون أيّ خطر، وأنّ اختيارهم الإبحار نحو دولة عضو في الاتحاد الأوروبي يتمّ لأسباب اقتصادية واضحة".
ويستقبل لبنان نحو 805 آلاف لاجئ سوري مسجّل لدى الأمم المتحدة، لكنّ المسؤولين يقدّرون بأنّ العدد الفعلي أعلى بكثير، إذ يتراوح ما بين 1.5 مليون ومليونَين.
وقد حاول عدد متزايد من المهاجرين المحتملين، لاجئين ولبنانيين، مغادرة لبنان عن طريق البحرّ منذ وقوع البلاد في أزمة اقتصادية خانقة، وذلك على مدى السنوات الأربع الماضية.
وبحسب بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإنّ نحو 90 في المائة من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون تحت خطّ الفقر المدقع.
ولفت هادجيفاسيلو إلى أنّه تماشياً مع الاتفاقية الثنائية، لا تنظر السلطات القبرصية في طلبات لجوء المهاجرين، لأنّ وصولهم "بصورة قاطعة مسألة تعدّ غير قانوني".
وتابع أنّ "جمهورية قبرص ليست، بأيّ حال من الأحوال، متورّطة في إعادة المهاجرين إلى أوطانهم، وهي لا ترفض قط المساعدة في إجراء عملية بحث وإنقاذ لحماية الأرواح أولاً وقبل كلّ شيء".
وكان وزير الداخلية القبرصي كونستانتينوس يوانو قد قصد لبنان، في شهر يوليو/ تموز الماضي، لإجراء محادثات مع رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته نجيب ميقاتي ومسؤولين كبار آخرين لضمان بقاء الاتفاق الثنائي سارياً وتعزيز التعاون بشأن وقف وصول المهاجرين.
وفي هذا السياق، صرّحت المتحدثة باسم مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ليزا أبو خالد، لوكالة أسوشييتد برس، بأنّ المهاجرين الـ109 الذين أُعيدوا من قبرص "رُحّلوا بمعظمهم إلى سورية بعد تحقيق الجيش اللبناني معهم".
(أسوشييتد برس)