قارة شابة... ولكن!

19 يناير 2023
طلاب داخل مدرسة في أوغندا (إيزاك قسماني/فرانس برس)
+ الخط -

عندما تقول إن 15 في المائة من سكان الكرة الأرضية يساهمون في أقل من 3 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي، فإنك لا محالة تعني سكان القارة السوداء، حيث الأصقاع والأدغال المظلمة التي تكبلها أغلال التخلف والصراعات الداخلية الدموية. ذلك ما كان سائداً عن أفريقيا، رغم الاعتراف بكونها واعدة في مجال التنمية والتطور والاستثمار بفضل مواردها الطبيعية، وأنها الحاضنة لأكبر عدد من الشباب القادر على العمل.
يذكر الباحث السوداني بكري الجاك: "في أفريقيا ما يعادل 12 مليون شاب من المتعلمين الذين يدخلون سوق العمل سنوياً، في حين أن أسواق العمل في القارة لا توفر أكثر من ثلاثة ملايين فرصة عمل، بحسب دراسة للبنك الدولي لعام 2022، وهذا يحدث في ظل حالة ركود اقتصادي غير مسبوق، إذ يقدر عدد العاطلين الشباب بحوالي 33 في المائة حسب تقديرات منظمات دولية، مع غياب تام لأي أفق لاستشراف المستقبل".
لكن خرج علينا من يقول إن أمام القارة فسحة واعدة وملموسة من الأمل، وإنها "قارة المستقبل"، وإن "الشباب والطبيعة أهم وعود المستقبل في أفريقيا"، كما عنون كل من جيك برايت وأوبري روبي كتابهما الذي نشرته مؤسسة "توماس دون" في نيويورك في عام 2016، ليظهرا لنا صورة متفائلة بالنسبة لأفريقيا المستقبل.

موقف
التحديثات الحية

الأمر الذي وافق عليه المحلل الاقتصادي وخبير البنك الدولي، إيان سولومون، والذي يصف أفريقيا بأنها "قارة تتنوّع على صعيدها التحديات الصعبة بقدر تنوُّع الفرص الواعدة، وبقدر تنوُّع الشعوب التي لا تزال ترى فيها وطناً تعيش بين جنباته".
أمام أفريقيا تحديات كبيرة تتمثل في ارتفاع مستويات البطالة، ونقص الخدمات، والافتقار إلى الهياكل الأساسية، بجانب انخفاض مساهمتها في الناتج العالمي، في إشارة إلى تشكيلها 3 في المائة من زيارات موقع غوغل، وأقل من 3 في المائة من نشاط التجارة العالمية، وأقل من 3 في المائة من اشتراكات الهواتف المحمولة، وأقل من 3 في المائة من حيازة أنشطة الأوراق المالية المملوكة للقطاع الخاص على مستوى العالم، مع معاناتها من فجوات الخدمات والمرافق الأساسية، إذ إن أقل من 32 في المائة من سكانها يتمتعون بإمدادات منتظمة من الكهرباء، ونسبة الربع فقط من السكان لديهم حسابات مصرفية، والكثير من بلدانها تفتقر إلى شبكات الطرق.
في المقابل، تعد معدلات زيادة السكان في أفريقيا الأسرع بين قارات العالم، كما أنها الأسرع في مضمار التحول الحضري، وتحّول أساليب الحياة والمعيشة، ومواقع الاستقرار والإنتاج، من الأدغال والبوادي والأحراش، إلى العواصم والمدن والضواحي. وبين هذه الصور والتصورات يظل الأمل ماثلاً في غد مشرق للقارة الشابة.
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون