قاذفات العشائر تشلّ الحياة في جنوب العراق

17 سبتمبر 2021
تعجز القوات العراقية عن السيطرة على سلاح العشائر (محمد صواف/فرانس برس)
+ الخط -

شلّ نزاع عشائري متجدّد منذ أكثر من شهر، الحياة في إحدى بلدات محافظة ذي قار في جنوب العراق، بعدما تسبّب في إحراق وتعطيل مشاريع خدمية، فضلاً عن منع الأهالي من التجوّل خوفاً من القصف العشوائي المتبادل بين العشيرتَين المتنازعتَين.

وعلى مدى الأيام الأخيرة، شهدت بلدة الشطرة، انتهاء هدنة بين عشيرتَي الدبات والبايش الهلاليّين، لتعود الاشتباكات المسلحة بينهما وتُستخدم فيها أنواع من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، الأمر الذي تسبّب في إحراق مركز صحي ومشروع للمياه بالإضافة إلى تدمير أبراج للإنترنت، وسط قلق يعبّر عنه عراقيون بسبب عدم القدرة على السيطرة الأمنية على هاتَين العشيرتَين.

وليل أمس، تجدّد النزاع والقصف المتبادل بينهما، الأمر الذي تسبّب في سقوط قتلى وجرحى، من بينهم شبّان من عشائر أخرى. ووفقاً لمسؤول أمني في المحافظة فضّل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، فإنّ "قوات الشرطة لم تتمكّن من السيطرة على النزاع حينها، بسبب كثافة النيران المتبادلة بين العشيرتَين، الأمر الذي استدعى مطالبة الجيش بالتدخّل".

ويوضح المسؤول أنّ "فرقة مدرّعة من الجيش وصلت بعد منتصف الليل إلى موقع الاشتباك وانتشرت في المنطقة، قبل أن تبلّغ عبر مكبّرات الصوت واتصالات هاتفية العشيرتَين بأنّها سوف تفضّ النزاع بالقوة إن لم يتوقّف"، مشيراً إلى أنّ "النزاع انتهى قبل فجر اليوم ونُقل المصابون إلى مستشفى قريب".

يضيف المسؤول نفسه أنّ "الحياة شبه مشلولة في البلدة، بعدما أُحرق مركز صحي بصواريخ أر بي جي، في خلال النزاع الأخير، كذلك دُمّرت محطة لتصفية المياه وأبراج خاصة بشبكة الإنترنت، فضلاً عن عدد من المنازل"، مؤكداً أنّ "الأهالي يخشون التحرّك خوفاً من القصف والرصاص العشوائيَّين".

وتحاول عشائر أخرى تهدئة الأجواء لفضّ النزاع، منتقدة دور الأجهزة الأمنية الضعيف، لا سيّما في ما يتعلق بالسيطرة على أسلحة العشائر. في هذا الإطار، يقول الشيخ فالح الشويلي لـ"العربي الجديد" إنّ "العشائر تحاول التهدئة وفضّ النزاع، وثمّة تحرّكات يوميّة بهذا الصدد"، لافتاً إلى أنّه "لنا لقاءات واجتماعات مع شيوخ العشيرتَين المتنازعتَين، وسوف نسعى إلى إبرام هدنة جديدة بينهما".

وينتقد الشويلي "تقصير الأجهزة الأمنية في محافظة ذي قار، إزاء هذا الملف، وعدم تنفيذها الوعود بسحب سلاح العشائر"، مؤكداً أنّ "السلاح المنفلت لدى العشائر هو الذي يدفع في اتّجاه النزاعات، الأمر الذي يتطلّب تنفيذ حملات أمنية للسيطرة عليه، لا سيّما السلاح الثقيل والمتوسّط".

من جهته، انتقد الباحث في الشأن العراقي شاهو القرة داغي، في تغريدة على موقع "تويتر"، ضعف سلطة الدولة أمام العشائر. فكتب: "الاشتباكات في ذي قار مستمرّة بين عشيرتَين في قضاء الشطرة. كيف يمكن بناء دولة مؤسسات في ظل انتشار السلاح وعجز الأجهزة الأمنية عن ضبطه، خوفاً من العشائر ونفوذها؟".

وفي سياق متصل، تداول ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي تسجيلات فيديو للمعارك العشائرية في ذي قار، منتقدين العجز الحكومي بالسيطرة عليها. فكتب الإعلامي حامد حديد في تغريدة: "ما يجري في بلدة الشطرة من ترويع النساء والأطفال على أيدي جهلة ومراهقي العشائر، وصمة عار في جبين كلّ من ساهم في وصول المجتمع العراقي إلى هذا المستوى من الجهل والتخلف والعصبية".

تجدر الإشارة إلى أنّ القوات العراقية كانت قد نفّذت في الأعوام السابقة مجموعة من الخطط بهدف نزع السلاح المنتشر، علماً أنّ سلاح الجو العراقي شارك في بعض تلك الخطط. لكنّها عجزت عن السيطرة على سلاح العشائر، إذ إنّ أبناء العشائر بمعظمهم مرتبطون بفصائل مسلّحة ويرفضون تسليم أسلحتهم.

المساهمون