فلسطينيون محاصرون بتداعيات كورونا في رمضان

13 ابريل 2021
يحرص بعضهم على شراء الزينة رغم الأزمة المالية (عصام الريماوي/ الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من أنّ الإجراءات التي فرضتها الحكومة الفلسطينية للحدّ من تفشي فيروس كورونا الجديد في الضفة الغربية المحتلة، جاءت أقلّ حدة هذا العام، بالمقارنة مع العام الماضي، فإنّ تداعيات الجائحة ما زالت تحاصر الفلسطينيين اقتصادياً وصحياً. في الوقت نفسه، لا يمنع الخوف من العدوى الناس من الاستعداد لاستقبال شهر رمضان بما تيسّر.   ومع صرف رواتب الموظفين الحكوميين العاملين في السلطة الفلسطينية، انتعشت الأسواق بشكل ملحوظ، لا سيما قبيل حلول شهر رمضان. وبدأ متطوعون شباب بتزيين المنازل والمحال كما جرت العادة.  

يقول عصمت سعادة، من مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، لـ"العربي الجديد" إنّه سعى إلى توفير كلّ ما يلزم البيت من طعام وشراب قبيل بدء الشهر الفضيل: "هذا شهر الخير والبركة، وفرحتنا بحلوله كبيرة. وعلى الرغم من الحالة المادية الصعبة، يجب علينا تأمين كلّ ما تحتاجه عائلاتنا. اشتريت معظم الحاجيات، وسأعمل على توفير النواقص قريباً". عائلة عصمت مؤلفة من سبعة أشخاص. وما زال، إسوة بآلاف الموظفين الحكوميين، يعاني من تبعات توقف الرواتب لأشهر طويلة، بسبب عدم تحويل الاحتلال الإسرائيلي أموال المقاصة (ضرائب تجبيها وزارة المالية الإسرائيلية على السلع الواردة شهرياً إلى المناطق الفلسطينية، وتقوم بتحويلها إلى وزارة المالية الفلسطينية، وتصل إلى نحو 180 مليون دولار شهرياً)، للسلطة الفلسطينية، ما اضطره إلى استدانة مبالغ مالية كبيرة لتأمين احتياجات أسرته. 

أمّا ثريّا عبد الحق، وهي من مدينة سلفيت، شمالي الضفة الغربية، فتعرب عن سعادتها بحلول رمضان لما فيه من تقرب إلى الله، وخصوصاً بعد عام عصيب فقدت خلاله بعض أحبتها من جراء كورونا. وتقول إنّها سعت، بما تيسّر، إلى شراء الاحتياجات الأساسية لشهر رمضان، بعدما تأثر عملها في مشغل الخياطة نتيجة الإغلاقات المتكررة التي فرضتها الحكومة لمواجهة الفيروس. ولتُفرح أطفالها، اشترت أضواء ملوّنة لتزيين بيتها من الداخل والخارج ترحيباً برمضان، متمنية أن تقام صلاة التراويح في المساجد، كونها طقوساً جميلة ترتبط بهذا الشهر.

قضايا وناس
التحديثات الحية

عموماً، شهدت الأسواق إقبالاً على شراء المواد الغذائية واللحوم والدواجن. يقول مؤيّد عقاد، وهو صاحب محل لبيع اللحوم المجمدة في مدينة طولكرم، شمالي الضفة الغربية: "هناك إقبال كبير، ونأمل أن يستمر ذلك خلال رمضان. وفّرنا أنواعاً كثيرة من اللحوم بأسعار مقبولة، خصوصاً لذوي الدخل المحدود والمتوسط". أما جمعة صالح، وهو صاحب وكالة للمواد التموينية، فيؤكّد أنّ "الأصناف كافة متوفرة في الأسواق، بأسعار جيدة، ولا داعي للتزاحم على شرائها، لأنّ ذلك قد يدفع بعض التجار إلى رفع الأسعار في ظلّ ضعف الرقابة الحكومية".

وانتظر أصحاب محال الحلويات شهر رمضان بفارغ الصبر، بسبب كثرة الإقبال عادة على شراء الحلويات. ويقول سامر شحروري، وهو صاحب محل لصنع عجينة الكنافة في نابلس، لـ"العربي الجديد" إنّ لديه "قائمة طويلة من الطلبيات". وينقل عن أصحاب تلك المحال تفاؤلهم بحركة شرائية جيدة تعوضهم عن الخسائر التي لحقت بهم مؤخراً بسبب الإغلاق العام. يضيف: "رمضان من غير حلو (حلويات) مش (ليس) حلو".

يعدّ عجينة القطايف (حازم بادر/ فرانس برس)
(حازم بدر/ فرانس برس)

من جهته، يشير عبد الله أبو الخير، وهو صاحب محل حلويات في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، إلى أنّ تداعيات الإغلاق العام الناتج عن تفشي كورونا، ما زالت حاضرة، إذ عادة ما يستعد الناس لاستقبال رمضان قبل شهر من موعد حلوله. ويقول إنّه ليس مستعداً، حاله حال آخرين، لإقامة ولائم على موائد الافطار وتزيين المنزل خوفاً من العدوى بالفيروس، مضيفاً أنّه لا يشعر بفرحة هذا الشهر كعادته، ويسعى إلى توفير المستلزمات الأساسية فقط. وينتقد عبد الله لجوء الحكومة الفلسطينية إلى الإغلاق العام أو الجزئي، مشيراً إلى أنّه يتوجب عليها توفير اللقاحات لطمأنة الناس، كي يتمكنوا من العودة إلى حياتهم الطبيعية.

هذا العام، لم يزين زياد معالي، وهو من بلدة القبيبة، شمال غربي القدس، وسط الضفة الغربية، حديقة منزله كما اعتاد في كلّ عام قبل تفشي كورونا، استعداداً وابتهاجاً بالشهر الفضيل، خصوصاً بعد وفاة أحد جيرانه نتيجة إصابته بفيروس كورونا. زياد الذي يعمل سائق سيارة أجرة، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ الاستعدادات لرمضان لم تأتِ كالمعتاد في ظلّ سوء الأوضاع الاقتصادية والخوف من نقل العدوى للآخرين، هو الذي اعتاد على تزيين حديقة منزله قبل أسبوع من حلول شهر رمضان. بالنسبة إليه، تبقى فقط العبادة خلال هذا الشهر. يزعجه أن يضطر إلى وضع الكمامة طوال الوقت خلال عمله، ويفرح حين يوصل راكباً إلى وجهته، كي يتمكن من إزالتها قليلاً، كونها تضايقه. ويتمنّى أن توفر الحكومة لقاحات كورونا بدلاً من اللجوء إلى فرض الإغلاق العام.

أما الستينية شلبية الطويل، أم سفيان، وهي من بلدة السموع جنوب الخليل، جنوبي الضفة الغربية، فتقول لـ "العربي الجديد" إنّ كورونا منعها من تحضير الوجبات الرمضانية التي كانت تعدها لأفراد عائلتها بسبب عدم القدرة على إقامة العزائم (الولائم) كما في السابق. وعلى الرغم من الأجواء الكئيبة التي فرضها تفشي كورونا، فهي تعمل على تزيين منزلها لتسعد من حولها، وتتمنى أن تكون قادرة على الصلاة في المسجد الأقصى خلال رمضان. من جهتها، تحاول هبة فالح، وهي من مدينة رام الله، إسعاد أطفالها خلال رمضان سواء من خلال الزينة أو شراء الاحتياجات الأساسية، وإن كانت لن تتمكن من زيارة أهلها خارج رام الله، بسبب الإغلاق، والخشية من التقاط العدوى.

المساهمون