تعيش مئات العائلات الفلسطينية في الشمال السوري اليوم، هي التي كانت تقيم في مخيم اليرموك جنوب دمشق، وهجرت من جراء الحصار والقصف من قبل النظام السوري قبل سنوات، علماً أن الأخير عاد وسيطر على المخيم عام 2018. تتوزع هذه العائلات في الشمال السوري بين بعض المخيمات والمدن، مثل مخيم دير بلوط بريف حلب ومخيمات يافا والحرمل والقلوب الرحيمة بريف إدلب، بالإضافة إلى بلدتي أطمة وعقربات بريف إدلب الشمالي. وعلى الرغم من ظروفهم الصعبة، يتابع المهجرون الفلسطينيون في الشمال السوري، والذين يزيد عددهم عن خمسة آلاف شخص، التطورات في قطاع غزة لحظة بلحظة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع شعور بالعجز والخذلان، ويتمنون أن تتوفر لهم فرصة للمساهمة في رد العدوان الإسرائيلي والتخفيف عن أهلهم في قطاع غزة.
ويقول محمد طه، وهو فلسطيني مقيم في أطمة بريف إدلب، إنه كان يقيم في مخيم اليرموك بريف دمشق. لكن بسبب القصف الهمجي، هجر قسراً من المخيم ووصل إلى الشمال السوري. وفي الوقت الحالي، يتابع ما يحصل في قطاع غزة وما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من مجازر لحظة بلحظة. الأخير استهدف الحجر والبشر، والوضع الإنساني هناك صعب. "كلاجئين فلسطينيين في الشتات والشمال، تحترق قلوبنا لما يجري. لكن لا حول لنا ولا قوة. الدول العربية أغلقت الحدود. لا نستطيع المغادرة لأن النظام السوري يحاصر مناطقنا".
ويرى أن "ما فعلته غزة، بعد حصار طويل، عجزت عنه الدول العربية كلها. وانتصرت غزة منذ عملية طوفان الأقصى. ونحن كلاجئين فلسطينيين في الشمال، نقول لأهلنا في غزة: أصبروا ورابطوا".
أما اللاجئ أحمد السيد، فيقول إنه يتابع أحداث غزة بكل أسى وحزن وخيبة أمل وإحساس بالعجز. نرى ما يحدث ونحن مكبلو الأيدي ولا نستطيع فعل شيء بسبب الأنظمة الفاسدة والحكام العرب. الشعب العربي يتوق لمناصرة غزة لكن الحكام يغلقون الحدود، وأهل غزة يقتلون جهاراً. مساحة غزة 365 كيلومتراً مربعاً وتضم أكثر من مليونين شخص، ما يعني أنها بقعة كثيفة سكانياً. بالتالي، أينما سقطت قذائف الاحتلال، يسقط شهداء وجرحى. مجموعة من المقاتلين كسروا هيبة الجيش الذي لا يقهر ودخلوا المستوطنات".
بدوره، يقول أسامة، وهو غزي، وكان قد صل إلى الشمال السوري منذ بداية الثورة السورية، إن "أهلنا في غزة اليوم يعانون من جراء الحصار، حيث لا يوجد ماء ولا كهرباء ولا طعام ولا دواء. أتواصل مع أهلي بين الحين والآخر، وقد بقوا 3 أيام من دون مياه. كما أن شبكة الإنترنت لا تتوفر غالباً". ويوضح أن الاحتلال قصف مخابز، ما يعني احتمال حدوث مجاعة في غزة. ومن لا يقتل من جراء القصف سيموت من الجوع، والعالم يتابع". ويقول: "أتابع بحرقة وألم وما في اليد حيلة. نشارك في وقفات من أجل غزة". يضيف أن "أهلنا في غزة يعاقبون اليوم لأنهم طالبوا بحقهم وأرضهم والعالم كله يقف ضدهم. الوضع مأساوي جداً في غزة. يقتل الأطفال والنساء والرجال على مرأى من العالم كله. لو تتاح لي فرصة للذهاب إلى غزة لن أتردد أبداً. سأذهب وأموت هناك".
صالح العلي، وهو فلسطيني من مخيم اليرموك، يقول إن "الأخبار من غزة حزينة، وخصوصاً مشاهد أشلاء الأطفال والنساء. لكن غزة حققت نصراً للأمة العربية والإسلامية. لا نملك سوى الدعاء لهم، إذ نعاني مثلهم. تم تهجيرنا من فلسطين عام 48، ونهجر مراراً".
حرم هؤلاء من العيش في بلادهم من جراء النكبة الفلسطينية عام 1948، بالإضافة إلى أسباب أخرى، ليجدوا أنفسهم مجبرين على متابعة الإبادة الجماعية من خلال الشاشات، من دون أن يكون في مقدورهم غير الدعاء وربما المساهمة في تقديم المساعدات، هم الذين عانوا كثيراً من جراء الحرب السورية.