فئات ضعيفة تدفع ثمن الحرب الطائفية في باكستان

02 يناير 2025
قلة المواد الأساسية في أسواق إقليم خيبر بختونخوا، 3 ديسمبر 2024 (ديلاور خان/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني منطقة كورام القبلية الباكستانية من أزمة إنسانية حادة بسبب النزاعات القبلية وإغلاق الطرقات، مما أدى إلى نقص في الأدوية والغذاء ووفاة أكثر من 50 طفلاً.
- فشلت الجهود الرسمية وغير الرسمية في فتح الطرقات، مما اضطر الحكومة لاستخدام المروحيات لنقل الاحتياجات، لكن الكميات غير كافية والمستشفيات تعاني من نقص حاد في المعدات.
- الأحزاب الدينية تعتصم في كراتشي للضغط على الحكومة، بينما يحذر الزعماء القبليون من تفاقم الوضع ويدعون لفتح الطرقات.

خلقت الحرب الدائرة في منطقة القبائل الباكستانية أوضاعاً إنسانية سيئة لشرائح مختلفة. وتعتصم الأحزاب الدينية منذ أيام في مدينة كراتشي لمطالبة الحكومة باتخاذ خطوات فورية لوضع حدّ للحرب، وإيصال الاحتياجات الأولية

تتفاقم الأوضاع الإنسانية في منطقة كورام القبلية الباكستانية المحاذية للحدود مع أفغانستان، بسبب إغلاق الطرقات التي تربط المقاطعة بباقي المناطق، بينما فشلت كل المحاولات الرسمية وغير الرسمية لإقناع القبائل بفتح الطرقات، ما جعل الحكومة تستخدم مروحيات لنقل احتياجات أساسية للسكان.
ومن أبرز مشاكل المنطقة تعطّل عمل المستشفيات والمستوصفات الطبية، وعدم توفر المعدات فيها، ما جعل المرضى في حالة حرجة، علماً أن الحرب الدائرة بين القبائل خلّفت عشرات الجرحى الذين لا يمكن نقلهم إلى مناطق أخرى عبر المروحيات، لأن الحكومة لا تتحمل مسؤوليتهم، أما عامة الناس فلا يستطيعون التنقل عبر مروحيات.
وفي وقت يعاني جميع السكان من عدم توفر الرعاية الصحية، دفعت فئات محددة أثماناً باهظة، منها كبار السن والمرضى المزمنون والجرحى، أما النصيب الأكبر فكان للأطفال إذ أعلنت السلطات وفاة أكثر من 50 منهم بأمراض مختلفة، خاصة تلك الموسمية، في حين يعتبر العلاج والرعاية الصحية شبه معدومين، كما لا يوجد غذاء مناسب.
وقالت مؤسسة "إيدهي" للخدمات الإنسانية، في بيان نشرته في 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي: "تسبب عدم توفر الرعاية الصحية والأدوية في وفاة 50 طفلاً منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والوضع كارثي جداً في ظل عدم وجود أدوية ومعدات طبية وغذاء مناسب، والآثار السلبية للوضع السائد تطاول الجميع، لكن المناعة الضعيفة جداً زادت عدد الوفيات لدى الأطفال. ونحذر من تفاقم الوضع في حال عدم فتح الطرقات التي تربط كورام بباقي المناطق".

ويقول الطبيب صابر حسين لـ"العربي الجديد": "قد يكون عدد الوفيات أكبر بكثير، خصوصاً أن الأمراض الموسمية تنتشر بشكل كبير بين الأطفال وكبار السن. وفي ظل الحصار المطبق حالياً على بعض المناطق، بسبب إغلاق الطرقات، باتت الأدوية أثمن شيء، وقد أوصلت الحكومة بعض الأدوية والمعدات الطبية إلى المستشفيات، لكن كمياتها لم تكن كافية فتوفي الكثير من الجرحى".
يضيف: "الوضع كارثي بكل معنى الكلمة. في العادة نجري عشرات العمليات الجراحية في المستشفى المركزي يومياً، ونعاين مئات المرضى، والآن لا نملك معدات طبية كافية لإجراء عمليات جراحية، ولا أدوية مناسبة. هذه حال المستشفى المركزي، أما في الأسواق فالأدوية غير موجودة في الصيدليات، ويحتاج مرضى إلى عناية فائقة ومستمرة وأدوية في شكل متواصل خصوصاً الأطفال وكبار السن، لكن الأدوية غير متاحة والحكومة لا تحرك ساكناً في شأن القضية، ولا تفعل شيئاً كأن لا شيء حدث في وقت يموت الناس بسبب عدم وجود الدواء والرعاية الصحية".

طائرة نقلت مساعدات طبية إلى إقليم خيبر بختونخوا، 17 ديسمبر 2024 (علي مرتضى/ فرانس برس)
طائرة نقلت مساعدات طبية إلى إقليم خيبر بختونخوا، 17 ديسمبر 2024 (علي مرتضى/ فرانس برس)

ويقول الزعيم القبلي في منطقة كورام، خير حسن، لـ"العربي الجديد": "باتت الحياة صعبة للغاية، ويريد كل الناس الهروب ليس فقط من الحرب الدائرة، بل من الحصار وإغلاق الطرقات منذ أكثر من 80 يوماً، ما يمنع إدخال احتياجات الحياة إلى كورام. العداء بين القبائل والحرب الدائرة بينها يجعلان الوضع خطيراً للغاية، والشرائح الضعيفة تدفع الثمن بينما تتفرج السلطات".
ويذكر خير حسن أن عدد الأطفال الذين توفوا نتيجة الحصار وعدم وجود الدواء والغذاء المناسب أكثر مما تذكره الجهات الرسمية وغير الرسمية. والآن لا يأخذ أحد أطفاله إلى الأطباء والمستشفيات لأسباب عدة، أولها أن الطرقات خطيرة، لأن كل قبيلة تسعى إلى أخذ الثأر في هذه الحرب، كما أن هناك خشية من أن تقتل جهة ثالثة أشخاصاً من الطرفين لتصعيد الحرب الطائفية، وتستهدف جماعات مسلحة قبائل شيعية. من هنا يعتبر الذهاب إلى المستشفيات في المناطق النائية أمراً خطيراً. أما السبب الثاني فمعرفة أنه لا جدوى من الذهاب إلى طبيب، في ظل عدم وجود دواء، وخروج الأطباء الذين لا ينتمون إلى المنطقة بطريقة أو أخرى. الوضع كارثي، والحكومة تكتفي بإطلاق وعود، ويأتي مسؤولوها أفواجاً في مروحيات ثم يذهبون ويقولون إن جهود الوساطة التي لم تأتِ بنتيجة".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويقول كريم خان، وهو أحد المشاركين في اعتصام الأحزاب الدينية في مدينة كراتشي للمطالبة بمعالجة الوضع في منطقة القبائل، لـ"العربي الجديد": "الحرب كارثة في حد ذاتها ثم الحصار وإغلاق الطرقات، وفوق كل ذلك لا تحرك الحكومة ساكناً، ولا تبالي بموت الأطفال والنساء والرجال نتيجة الحرب وبسبب عدم وجود المعدات الطبية والدواء والغذاء. نتعهد بأن نواصل جهودنا للضغط على الحكومة كي تتخذ خطوات عاجلة وفاعلة من أجل معالجة هذه المعضلة".

المساهمون