غزيون يتداوون في الصيدليات لتوفير كلفة الاستشارة

07 مارس 2023
مجتمع غزة بين الأكثر تعرضاً للأمراض (محمد الحجار)
+ الخط -

تشتد الأزمات الصحية في قطاع غزة، كما تتوالى أزمات الحصول على العلاج في ظل تردي الأوضاع العامة. ويلجأ العدد الأكبر من الغزيين في المراحل الأولى للمرض إلى العلاج المجاني عبر العيادات الحكومية أو تلك التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين "أونروا"، أو الجمعيات الخيرية. 
لكن أحياناً يضطر المرضى إلى قصد عيادات أطباء متخصصين، وتلقي علاج غير مجاني، لكن البعض يعجزون عن ذلك بسبب حاجة القطاع الطبي إلى متخصصين، فيما يقرر آخرون التداوي من خلال الصيادلة، ويتجنبون زيارة العيادات التي أصبح الطريق إليها يشترط توفر المال لتسديد تكاليف الحجز والاستشارة والأدوية باهظة الثمن في ظل ارتفاع مستويات الفقر والبطالة في القطاع.
ولا يمكن تجاهل خشية المواطنين من التوجّه إلى العيادات والمستشفيات كي لا يصدموا بإصابتهم بأمراض جديدة كما حصل مع يوسف عبد الله (50 سنة) الذي يعاني منذ خمس سنوات من مرض الربو، ثم تبين بعدما أجرى تحاليل جديدة أخيراً أنه مصاب بداء السكري.
يتعالج عبد الله في عيادة حكومية قريبة من مكان سكنه في بلدة جباليا شمالي غزة، في حين يلجأ إلى إحدى الصيدليات القريبة من منزله إذا شعر بألم إضافي أو ضيق في التنفس، ويشير إلى أن الصيدلي يمنحه علاجاً يراعي إصابته بالربو والسكري، ولا يتسبب له في أعراض جانبية.
يقول لـ"العربي الجديد": "يحتاج أخذ موعد مع طبيب في بعض العيادات إلى أسابيع وربما أشهر، وقد تصل تكلفة الاستشارة وشراء أدوية الوصفات إلى 100 دولار، في حين أنني عاطل من العمل وأتلقى مساعدة من أخي الذي لا يستطيع كل مرة توفير مبلغ العلاج. من هنا لا أتردد في قصد صيدلي قريب من منزلي إذا شعرت بأي ألم، لأحصل على مسكن أو حبوب".

الصورة
يذهب غزيون إلى الصيدليات فور شعورهم بألم (محمد الحجار)
يذهب غزيون إلى الصيدليات فور شعورهم بالألم (محمد الحجار)

لا يختلف الأمر بالنسبة إلى صفوت العبيد (55 سنة) الذي لا يحب الاقتراب من العيادات الخاصة، ويفضل التوجه إلى صيدليات للحصول على مطهرات ومسكنات آلام وفيتامينات، خصوصاً بعدما عانى كثيراً من عمليتين خضع لهما في الظهر، واستدعتا الكثير من العلاجات والكشوفات الطبية، علماً أنه خضع لإحدى العمليتين في مستشفى حكومي والتي فشلت قبل أن تنجح الثانية في مستشفى خاص دفع فيه مبلغاً مالياً كبيراً. وهو عاطل من العمل منذ سنوات ويعتمد في مصاريف العلاج على اثنين من أبنائه.
ويقول العبيد لـ"العربي الجديد": "الصيدلي أرحم من الطبيب الذي تكلفنا زيارته مبالغ والخضوع لفحوصات وإجراء صور أشعة. نحن شبه متوفين في الحياة العامة في ظل عدم وجود أية مقومات للحياة، والصيدلي يمنحني علاجاً سريعاً عندما أصف له أوجاعي. في السابق كنا نتجه إلى الطب الشعبي والأعشاب، لكنْ هناك أعراض تستدعي أخذ أدوية وحقن عاجلة في وقت لا يمكن انتظار استشارة طبيب، وأنا شخصياً من المتشائمين من زيارة الطبيب".

الصورة
يحذر أطباء المواطنين من الحصول على أدوية من صيدليات (محمد الحجار)
يحذر أطباء المواطنين من الحصول على أدوية دون وصفات (محمد الحجار)

في المقابل، حذر عدد من الأطباء المواطنين من الحصول على أدوية من دون الاستشارة الطبية، وشدد بعضهم خلال ندوات جمعت نقابات الصيادلة والأطباء على ضرورة تجنب منح أدوية من دون وصفات طبية مختومة، خصوصاً تلك التي تحتوي على نسبة من المورفين، وكذلك بعدم منح أنواع أدوية أخرى في مقدمها المضادات الحيوية. 
ويرفض الصيدلي سليمان ساق الله تعميم مقولة استبدال الاستشارات الطبية بالصيدليات، ويخبر "العربي الجديد" أنه "من عادة الغزيين اللجوء في الأمراض الموسمية المرتبطة خصوصاً بفصل الشتاء إلى الصيدليات لتناول أدوية تخفّض الحرارة وأخرى لتسكين الألم ومضادات حيوية، والصيادلة يؤدون دورهم في منح أدوية استناداً إلى شرح المريض للأعراض. وبعض الأدوية التي تمنح تعالج آلام المغص والمعدة والصداع وآلام مناطق المفاصل والظهر، وتتضمن أيضاً مراهم لمناطق حساسة وحروق".

ويشير أيضاً إلى تجنب الصيادلة منح المرضى أدوية ذات مفعول قوي وتحتوي على مركبات كيميائية مخصصة لحالات معينة، ويقول: "يحضر مرضى في حالات برد أو مغص تستدعي منحهم أدوية ذات مفعول سريع، ونحن نسألهم قبل منحها عن معاناتهم من أمراض".
ويؤكد الصيدلي زياد طه لـ"العربي الجديد"، أن 60 في المائة من الناس يقبلون على الصيدليات في شكل يومي للحصول على أدوية من دون استشارة طبية، وهم يشترون أدوية اعتادوا عليها، أو لمعالجة حالات عاجلة بعد شرح الأعراض. ويقول: "يتوجه الناس نتيجة الفقر إلى الصيدليات بعد العيادات المجانية الحكومية أو تلك التابعة لأونروا، فالحال ليست كما في الدول المتقدمة حيث يرتبط الحصول على أدوية باستشارات طبية".

المساهمون