غزة: طلاب متفوقون يخشون مستقبلاً بلا جامعة

01 اغسطس 2023
معدلات النجاح تراوحت بين 65 و70 في المائة (محمد الحجار)
+ الخط -

بعد إعلان نتائج الثانوية العامة في قطاع غزة يوم الخميس في 20 يوليو/ تموز، انطلقت الزغاريد والألعاب النارية في شوارع القطاع، وزفت فرق فلسطينية الناجحين والمتفوقين أمام أبواب منازلهم، وانتشرت عشرات الفيديوهات التي وثقت لحظة إعلان النتائج.

لكن الفرحة لم تكتمل، فعدد كبير من الذين حصلوا على معدلات مرتفعة في الثانوية العامة تعجز أسرهم عن دفع الأقساط الجامعية للكليات التي يرغبون في الالتحاق بها، ولم يبق أمامهم إلا إنتظار المنح التي تقدم من المؤسسات الرسمية أو الخاصة أو متبرعين.
آية عزام (18 عاماً) طالبة متفوقة حصلت على معدل 99 في المائة، التقط لها الصحافي هاني أبو رزق فيديو وهي تبارك لنفسها عبر لوحة صغيرة كتبت فيها اسمها وذكرت "الحمد لله 99 في المائة"، لأن أحداً لم يهنئها على تفوقها، هي التي تقيم في منزل متهالك. وبكت وهي تقول إنها لن تحقق حلمها في دراسة الطب.
انتشر فيديو عزام بسرعة، وسرعان ما حضرت فرق موسيقية لزفِّها أمام منزلها وتهنئتها في منطقتها النائية التي تقيم فيها. وبعدها، تلقت خبراً ساراً من مكتب الرئيس الفلسطيني يفيد بحصولها على منحة كاملة لدراسة الطب في جامعة الأزهر في القطاع. 
وينتظر الكثير من الطلاب، وخصوصاً المتفوقين منهم، والذين تعجز عائلاتهم عن تأمين أقساطهم الجامعية، خبراً مماثلاً. ويُحاول عدد منهم نشر مناشدات عبر الإذاعات المحلية أو مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تحقيق طموحاتهم في دراسة تخصصات يحلمون بها.

الصورة
يرقصون الدبكة تعبيراً عن سعادتهم (محمد الحجار)
يرقصون الدبكة تعبيراً عن سعادتهم (محمد الحجار)

من بين هؤلاء الطالبة نغم عطية (19 سنة) التي حصلت على معدل 97.4 في المائة، وتعيش مع والدتها في منزل جدها منذ سبعة أعوام. تقول لـ"العربي الجديد": "لحظة إعلان النتائج، شعرت بسعادة كبيرة كأنني رديت الجميل لأمي التي اجتهدت لتربيتي طوال السنوات الماضية، وقد رفضت الارتباط مجدداً بعد طلاقها ثم وفاة والدي من أجل تربيتي وشقيقيّ. لكن لم تدم الفرحة كثيراً. نعتمد على راتب جدي الذي يكفي فقط لإطعامنا. وأنتظر الحصول على أي منحة أو أي حل آخر لأتمكن من دراسة طب الاسنان". 
الحال نفسه ينسحب على زيد أبو سعدة (18 سنة) الذي حصل على معدل 98 في المائة،‎ وينتظر الحصول على دعم بعدما قصد العديد من المؤسسات الداعمة للخريجين. كما ينتظر بعض المؤسسات التي ستعلن عن فتح باب التقدم للحصول على منح دراسية للمتفوقين من أجل دراسة هندسة البرمجيات. يعيش مع عائلته الممتدة، وقد اضطر أشقاؤه إلى ترك الجامعة والعمل لتأمين احتياجات العائلة من مأكل وملبس، بالإضافة إلى تعليم الأصغر سناً في المدارس.

 

الصورة
فرحة بالنجاح (محمد الحجار)
فرحة كبيرة بالنجاح (محمد الحجار)

وانتقد البعض توجه عائلات الطلاب إلى منصات إعلامية رسمية ورقمية ومؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي وصحافيين، في محاولة لنشر معاناتهم على أمل تحريك أي تفاعل إيجابي مع قضيتهم، وخصوصاً خلال العام الدراسي الجاري. إلا أن أبو سعدة وغيره من الذين حصلوا على معدلات عالية لا يكترثون لتلك الانتقادات، وينتظرون معرفة ما إذا كانت المنح الجامعية الخاصة بالمتفوقين ستشملهم  بعد اجتياز اختبارات الكليات.
ويقول أبو سعدة لـ"العربي الجديد": "نريد أسرع طريقة للاستجابة وخصوصاً بالنسبة لبعض الطلاب الذين حصلوا على معدلات تتجاوز 95 في المائة. لا يهمنا حديث الناس بل مستقبلنا. الجميع هنا يحبط لأن واقع قطاع غزة صعب. في الوقت نفسه، سأحاول التقدم لمنحة دراسية في الخارج لعلني أخفف الأعباء عن كاهل أسرتي وأشقائي الذين ساندوني للحصول على هذا المعدل. شقيقي رفيق (26 سنة) حصل على معدل 89 في المائة،‎ لكنه ترك الجامعة بسبب الحاجة إلى العمل في ظل عدم قدرة العائلة على تأمين المصاريف الجامعية وغيرها. وكان محبطاً من المستقبل ويحاول دعمي في الوقت الحالي".  

وتشير أرقام وزارة التربية والتعليم العالي في قطاع غزة إلى أنه تقدم أكثر من 39 ألف طالب وطالبة لامتحان الثانوية العامة هذا العام، مشيرة إلى أن معدلات النجاح تراوحت ما بين 65 و70 في المائة في مختلف الفروع، وهي ضمن أعلى نسب النجاح في السنوات الأخيرة. وهذه المرة الثانية التي يقدم فيها طلاب الثانوية العامة على الامتحانات مباشرة بعد عدوان إسرائيلي في مايو/ أيار الماضي. وكانت المرة الأولى عام 2021، وقد اندلع عدوان استمر مدة 11 يوماً في الشهر نفسه. يشار إلى أن معاناة الطلاب هذه تتكرر في كل عام في القطاع الذي يعاني بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2007.

المساهمون