غازات الدفيئة وأثرها في تغير المناخ

23 يناير 2023
ارتفاع حرارة الأرض يؤثر على كل الأحياء (ليونيل بونافينتور/فرانس برس)
+ الخط -

أهم الغازات التي تؤثر في تغير المناخ هي ثاني أوكسيد الكربون والميثان وأوكسيد النيتروز، إضافة إلى الغازات المفلورة، والتي تلتقط الحرارة وتحبسها في الغلاف الجوي، الأمر الذي يزيد من درجة حرارة الأرض.
منذ بدء الثورة الصناعية، بدأ المناخ بالتغير رويداً رويداً، حتى وصل معدل ثاني أوكسيد الكربون في أجواء خمسينيات القرن الماضي إلى 5000 مليون طن متري، ثم أكمل مسيرته صعوداً بمعدل 5000 مليون طن متري كل 10 سنوات، وصولا إلى 2500 كل 20 سنة بعد ثمانينيات القرن الماضي، أي قبل أربعين سنة، والارتفاع مستمر بصورة متأرجحة، ووصل أقصاه خلال عامي 2016 و2020، أما أسباب الانبعاثات فهي استعمال الوقود الأحفوري.
التغيرات في مناخ الأرض مدفوعة بالانبعاثات البشرية المتزايدة لغازات الاحتباس الحراري، ولها بالفعل تأثيرات واسعة النطاق في البيئة، وخصوصاً الأنهار الجليدية، فالصفائح الجليدية تتقلص، والجليد يتفكك في وقت مبكر، والنطاقات الجغرافية للنباتات والحيوانات تتحول، والنباتات والأشجار تزهر مبكراً. الآثار التي توقعها العلماء قبل مدة طويلة تحدث الآن بوضوح، وربما بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً، ومنها الجفاف، والحرائق، والأمطار الغزيرة، وفقدان الجليد، وارتفاع مستوى سطح البحر، وموجات الحرارة الأطول والأكثر كثافة.
حسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن ارتفاع درجات الحرارة سيستمر عقوداً بسبب انبعاث غازات الدفيئة التي تسبب بها الإنسان. حتى الآن، ارتفعت حرارة كوكب الأرض 1.1 درجة مئوية، وسترتفع حسب تقرير الهيئة في عام 2021 إلى 3 درجات خلال العقود القليلة القادمة. هذا الأمر يعني أن تغير المناخ سيضرب في كل الاتجاهات، ومع ذلك، فإن هذه الآثار المستقبلية تعتمد على الكمية الإجمالية لثاني أكسيد الكربون التي نبعثها، وإذا تمكنا من تقليل الانبعاثات، فقد نتجنب بعض أسوأ الآثار.
في هذا الإطار، أعلنت شركات مسببة لإنبعاث الغازات في أنحاء العالم عن خطط لاستخدام مشاريع لتحقيق صفر انبعاثات غازات دفيئة بحلول عام 2050، ويطالب المستثمرون بممارسات مستدامة، في حين تتطلع الحكومات إلى تعزيز تقنيات الطاقة المتجددة.
تسمح هذه المشاريع للشركات المسببة للتلوث بدفع مالكي الأراضي من القطاع الخاص لتخزين ثاني أكسيد الكربون ومنع وصوله إلى الغلاف الجوي، عبر زراعة الأشجار التي تحتفظ بثاني أوكسيد الكربون لإنتاج الخشب والثمار وتطلق الأوكسجين في الأجواء، وقد يواجه هذا المشروع عوائق في حال تسبب تغير المناخ في حرائق أو أعاصير وسيول أو جفاف، وقضت تلك الظواهر على الزراعات. 

ويراقب العلماء تغير المناخ من الأرض بواسطة مراكز انبعاث غازات الدفيئة، ومن الجو عبر طائرات الاستشعار عن بعد، ومن الفضاء من خلال الأقمار الصناعية، إضافة إلى استعمال برامج وتطبيقات لرصد ودراسة تغير المناخ في الماضي والحاضر والمستقبل.
وفرت هذه المراقبة سجلات بيانات تدل على مؤشرات رئيسية لتغير المناخ، منها ارتفاع درجة حرارة المحيطات؛ وفقدان الجليد في أقطاب الأرض، وذوبان الأنهار الجليدية الجبلية؛ وكثرة التغيرات في الطقس المتطرف مثل الأعاصير وموجات الحر، والتداعيات على التنوع البيولوجي، خاصة عند الحيوانات التي تهرب نحو مناطق أكثر ملائمة لها، إذ إن النباتات تسعى أيضاً للهجرة، وسنتطرق في مقالة تالية إلى هجرة أشجار الغابات نحو أماكن جديدة ملائمة لها بعد أن أفقدها تغير المناخ بيئتها التي عاشت فيها آلاف السنين.
(اختصاصي في علم الطيور البرية)

المساهمون