عنف وموت على طرق تهريب السوريين في غابات بلغاريا

21 اغسطس 2024
مهاجرون سوريون وصلوا إلى بلغاريا (هريستو روسيف/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رغم المخاطر، يحاول شبان سوريون الوصول إلى أوروبا بحثاً عن حياة آمنة، حيث سجلت منظمة "الإنقاذ الموحد" وفاة ثلاثة شبان في بلغاريا وشاب آخر في كرواتيا.
- طرق التهريب تتطلب السير لساعات طويلة، ويواجه المهاجرون عنفاً مفرطاً من الجيش البلغاري. بعضهم يتراجع ويفضل البقاء في تركيا بعد دفع مبالغ كبيرة للمهربين.
- تلقت منظمة "الإنقاذ الموحد" نداءات عديدة تتعلق بوفيات وإصابات بسبب التعب وضربات الشمس، وتدخلت فرق الإنقاذ في بعض الحالات، موثقة تعاطي بعض المهاجرين للمخدرات.

رغم المخاطر والوفيات التي تُسجل على طرق التهريب، سواء عبر البر أو البحر، لا يزال شبان سوريون كثيرون يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر هذه الطرق بحثاً عن مستقبل وحياة آمنة قد تحقق لهم الاستقرار الذي يتطلعون إليه.
أخيراً، رصدت منظمة "الإنقاذ الموحد" المعنية بمتابعة اللاجئين السوريين الذين يسلكون طرق التهريب، وفاة ثلاثة شبان سوريين في غابات بلغاريا خلال أقل من أسبوع، وذلك بعدما وصلوا إليها من تركيا. وعرّفت الشبان بأنهم أحمد حسن الصالح السلوم (18 سنة)، ومجد عبد العزيز الحسين، ومحمد قدور المتحدر من مدينة حلب.
وكشفت المنظمة أيضاً أنه سبق أن توفي الشاب محمد المسالمة المتحدر من مدينة درعا خلال محاولته العبور من كرواتيا إلى ألمانيا إثر تعرضه لأزمة قلبية.
ليست طرق التهريب سهلة، خاصة عبر الغابات التي يتطلب عبورها السير لساعات طويلة قبل الوصول إلى سيارات نقل يشرف عليها مهربو البشر. يقول فاضل العبود، المتحدر من مدينة دمشق، لـ"العربي الجديد": "وصلت إلى مدينة إسطنبول مطلع أغسطس/آب الجاري، وبقيت أياماً ثم توجهت إلى منطقة للانطلاق باتجاه الحدود البلغارية. وقد خيّرنا المهرب بين البقاء في منزل مقابل دفع أجر يومي، أو تدبّر أمر السكن بأنفسنا. وبالنسبة لي فضلت الخيار الثاني، وانتظرت تلقي اتصال من المهرب الذي هاتفني بعد أربعة أيام، وحدد لي موقع اللقاء. وبالفعل وصلت في الموعد المحدد، وغادرنا إسطنبول إلى منطقة قريبة من أدرنة حيث نقطة الانطلاق. مشينا نحو ست ساعات للوصول إلى الشريط الحدودي مع بلغاريا، وكان الوضع سيئاً للغاية، ونجح البعض بعبور الحدود واعتقل آخرون، أما أنا فقد تراجعت عن العبور وفضلت البقاء في تركيا، ثم دفعت مبلغ 800 دولار لسائق سيارة أعادني إلى إسطنبول بعدما اتفق المهرب معه. حالياً أقيم في إسطنبول، ولن أحاول الذهاب عبر الطريق البري أبداً لأنه متعب جداً، شاهدت شباناً كثيرين يقيمون عند الشريط الحدودي من دون أن يملكوا المال للعودة".
من جهته، يخبر خالد السرميني الذي ألقي القبض عليه في بلغاريا وأعيد إلى تركيا، أن الجيش البلغاري يتعامل بعنف مفرط مع المهاجرين، ويقول لـ"العربي الجديد": "الضرب المفرط أمر محتم لدى القبض على أي شخص. الرحلة في الغابات متعبة جداً وكثير من الشباب يسلمون أنفسهم للجيش البلغاري خوفاً من الموت جوعاً أو عطشاً".

على الحدود بين بلغاريا وتركيا (نيكولاري دويشينوف/ فرانس برس)
على الحدود بين بلغاريا وتركيا (نيكولاري دويشينوف/فرانس برس)

يضيف: "حاولت مع آخرين الوصول إلى العاصمة صوفيا، وكان هدفنا الأول بلوغ مكان أطلق عليه المهربون نقطة التحميل، أرشدنا إليها مساعد مهرب يدعى ريبري. بدأت رحلتنا من جنوب تركيا، وبعدها إلى إسطنبول ثم أدرنة. مشينا 15 ساعة في طريق وعرة جداً وسط الغابات، واسترحنا مرتين فقط لمدة لم تتجاوزا الساعة. ورغم المشقات والصعوبات وصلنا إلى نقطة التحميل، لكن تبين أنها كانت خدعة من المهربين الذين طلبوا من كل شخص دفع مبلغ 1000 دولار لنقلنا بالسيارة إلى العاصمة صوفيا، كنا مجموعة من تسعة أشخاص، لم نملك المال المطلوب فاتصل المهربون فوراً بالجيش البلغاري الذي وصل خلال وقت قصير".
ويشير إلى أن "ما حدث لدى قدوم جنود الجيش البلغاري لا يُحتمل، إذ تعرضنا لضرب بطرق بشعة، حتى أنهم داسوا على صدورنا بأحذيتهم العسكرية وضربونا بقوة. أصيب بعض الشبان بكسور، من بينهم شقيقي، في أضلعه الصدرية عند عودتنا إلى إسطنبول. أجبرونا على السير بعدما نقلونا بسيارة عسكرية نحو ساعة للعبور إلى الأراضي التركية، وهناك وقعنا أيضاً تحت رحمة مهربين طلبوا من كل شخص دفع مبلغ 25 ألف ليرة تركية (720 دولاراً) لتأمين سيارة. حالياً، يتعافى شقيقي من الكسور التي تعرض لها، وأنا أيضاً من الكدمات على جسدي. المهربون مجرمون يهتمون فقط بالمال، ولا يكترثون بمن يموت أو يُصاب على الطريق".

بدوره، يوضح المكتب الإعلامي في منظمة "الإنقاذ الموحد" أنه تلقى العديد من النداءات من بلغاريا خلال العام الحالي تتعلق بوفيات بسبب التعب والإرهاق وضربات الشمس. وفي بعض الحالات تدخلت فرق الإنقاذ في اللحظات الأخيرة، لكن كثيرين لم ينجوا أيضاً.
يتابع: "لاحظنا أن بعض المهاجرين يتعاطون المخدرات. على سبيل المثال تعلّق آخر نداء تلقيناه بمهاجر تناول حبوباً مخدرة، وعندما وصلت فرق الإنقاذ كانت حالته الصحية مستقرة نسبياً ثم تدهورت فجأة بعد ساعة ما استدعى نقله إلى المستشفى. وبحسب النداءات التي وصلتنا توفي أكثر من عشرة أشخاص من جنسيات سورية وعراقية ومصرية.
وأشارت المنظمة أيضاً إلى أنها تلقت أكثر من 40 نداءً خاصاً بمهاجرين في بلغاريا يعانون التعب والمرض، ووثقت قسماً منها. أما بشأن الاعتداءات على المهاجرين فلم تصلها معلومات دقيقة عن العصابات، وبالنسبة للاعتداءات الجسدية تحدث مهاجرون عن تعرضهم لضرب مبرح من جنود الجيش البلغاري، ما أدى إلى إصابات جسدية بالغة مثل كسور في الأيدي، قبل إعادتهم إلى تركيا.