استمع إلى الملخص
- **التمييز العنصري البيئي:** مصطلح يصف استهداف مجتمعات الأقليات في سياسات البيئة، ظهر في التسعينيات لمناقشة العلاقة بين العنصرية والبيئة.
- **تفاقم الأوضاع الصحية:** سكان شمال الخرطوم وجنوب كردفان يعانون من آثار التلوث، مثل الإجهاض والتشوهات الخلقية، وسط إنكار وصمت رسمي لحماية الشركات.
ليست الأرقام وحدها التي تصدم في السودان بل وجوه من يوردونها في أسى ممزوج بالخوف من آثار متلازمة التلوث والاستنزاف والتدمير البيئي، فالنفط والذهب من الموارد التي تؤدي إلى مشكلات بيئية كفيلة بتحويل بوصلة أهل الاقتصاد والسياسة نحو التخطيط التنموي المستدام تحقيقاً للأمن البيئي والعدالة البيئية، والحفاظ على أغلى الموارد المتمثلة في الأرض والإنسان.
وتتجسد العدالة البيئية في اتخاذ إجراءات قانونية تحول دون نشوء بؤر للتلوث في المناطق التي تسكنها الطبقات الفقيرة، ولأن العدالة البيئية ترتبط بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، يكون ما يحدث في مناطق استخراج البترول وتكريره، وحقول التنقيب عن الذهب هو الأقرب إلى مفهوم حديث بدأ ظهوره في أدبيات البيئة وحقوق الإنسان، وهو "التمييز العنصري البيئي"، والذي يعرفه زعيم الحقوق المدنية الأميركية الأفريقية، بنيامين شافيس، بأنه "التمييز العنصري في صنع السياسات البيئية، وإنفاذ الأنظمة والقوانين والاستهداف المتعمد لمجتمعات الأقليات في مرافق النفايات السامة".
بدأ استخدام المصطلح في عام 1990 حين التقى عدد من العلماء وصانعو السياسات لمناقشة العلاقة بين العنصرية والبيئة في مؤتمر بكلية الموارد الطبيعية بجامعة ميشيغن. كان المصطلح السابق هو "الإنصاف البيئي"، والذي ظهر في أواخر الثمانينيات لوصف الحركة المتنامية لمعالجة التفاوتات العنصرية والجنسية والطبقية.
وتزايدت في السنوات الأخيرة شكاوى سكان قرى شمال العاصمة الخرطوم من الآثار المتفاقمة لمصفى تكرير البترول بعد ملاحظة تزايد عدد حالات الإجهاض، والتشوهات الخلقية للمواليد، وتزايد الإصابات بالسرطان والفشل الكلوي، وأمراض الصدر.
وهناك اتفاق على أن الأمر لا يحتاج إلى بحث بقدر ما يحتاج إلى دراسة علمية تضع المسؤولين أمام الحقائق الكارثية، وتطرح الحلول. في مقابل الإنكار والصمت، تعلن اللجنة الوطنية لمناصرة البيئة منذ سنوات، حقائق كارثية تشهدها محلية التضامن بجنوب كردفان، من جراء تأثيرات شركات التنقيب عن الذهب، منها تسجيل المئات من حالات الإجهاض، وحالات التشوه الخلقي، ما أدى إلى إجراء تحقيق رسمي، لكن لم يتم الكشف عن نتائجه.
الأمر الذي عده رئيس لجنة التحقيق، صديق تاور، متعمداً لحماية الشركات من المساءلة القانونية، مؤكداً أن الاستثمار أصبح بوابة لانتهاك سيادة البلاد كون الشركات العاملة في مجالات النفط والذهب أجنبية، أو تعمل تحت غطاء محلي.
هذا ما كان يحدث قبل اندلاع الحرب، حين كان بالإمكان المراقبة، وحصر الأنشطة السالبة في نطاقات ضيقة، فكيف يكون الحال الآن، والعديد من أهل الشأن يصرون على أن الذهب أحد أسباب الأزمة.
(متخصص في شؤون البيئة)