أذهلت المنتجات الزراعية العملاقة التي تنتجها مقاطعة شاندونغ، شرقي الصين، مستخدمي الإنترنت بعد انتشار مقطع فيديو لحبة بطاطا حلوة أكبر من رأس الإنسان. وتداول النشطاء صوراً لأنواع أخرى من الخضار في المقاطعة بأحجام كبيرة غير طبيعية. وتعد المقاطعة الشرقية أكبر مصدر زراعي في الصين، وتشتهر أيضاً بوجود أطول السكان على مستوى البلاد، ما جعل الأمر أحد المواضيع الأكثر بحثاً على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة.
وبحسب أرقام مجلس الدولة، يبلغ متوسط طول الرجال في شاندونغ 175 سنتمتراً والنساء (163 سنتمتراً)، وهذه أرقام تتجاوز المعدل الطبيعي لطول المواطنين من الجنسين. لكن الخبراء يقولون إنه "من غير الواضح ما إذا كانت الفاكهة والخضار العملاقة في المقاطعة معدلة وراثياً، أو أن ذلك يعود إلى نوع الأسمدة والمواد الكيميائية الأخرى المستخدمة"، فيما يرى آخرون أن "سكان شاندونغ أطول وأكبر وأقوى من بقية سكان الصين، لذا يأكلون أكثر نسبياً، ويفضلون الكميات الكبيرة من الطعام، علماً أن الأطباق المقدمة أكبر أيضاً من الأحجام المعتادة".
حبة بطاطا وزنها 10 كيلوغرامات
وشهدت قصة المنتجات العملاقة تفاعلاً كبيراً في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين نشرت امرأة تدعى خوان، على صفحتها في موقع "ويبو"، المعادل الصيني لـ"تويتر"، صورة لحبة بطاطا تزن 10 كيلوغرامات، مع عبارة: "في شاندونغ، كل شيء كبير وقياسي". ولم تمضِ ساعات حتى جرى تداول المنشور على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، وحظي بأكثر من 250 مليون مشاهدة ومشاركة. وعلّق أحد المتابعين: "يا إلهي إنه أمر لا يصدق"، بينما كتب آخر: "إنها أكبر من رأس الإنسان، لم أرَ سابقاً مثل هذه البطاطا الكبيرة".
ومع انتشار أخبار الفواكه والخضار العملاقة، شارك مستخدمو الإنترنت في الصين صوراً أظهرت المفارقة بين حجم الخضار وطول أجساد السكان في المقاطعة الشرقية. ونشر أحدهم صورة لامرأة مسنّة تقف حاملة حزمة من البصل الأخضر بارتفاع حوالى مترين، وكتب: "انظروا إلى المرأة تبدو أقصر بقليل من حزمة البصل"، ما يعني أن طول هذه المسنّة قد يصل إلى 180 سنتيمتراً. وتكهن البعض بأن هذه الظاهرة ترتبط بعوامل مختلفة، بينها المناخ والعادات الغذائية في مقاطعة شاندونغ.
حاجة ملحة أو فضول
يقول تشون توي، وهو مزارع في مقاطعة شاندونغ، لـ"العربي الجديد"، إن "الحديث عن المنتجات الزراعية كبيرة الحجم ليس جديداً، بل أمر شائع في المقاطعة التي تميزت منذ عقود بإنتاج خضار بأحجام قياسية مقارنة بمقاطعات زراعية أخرى. وهناك أسباب تتعلق بطبيعة التربة والمناخ والأسمدة المستخدمة في الزراعة. وخلال فترة المجاعة التي أصابت الصين في خمسينيات القرن الماضي، وشهدت سحق المزارعين للتحول إلى الإنتاج الصناعي، عانت البلاد من نقص شديد في المنتجات الزراعية التي لم تكن كافية لتلبية احتياجات الناس، فكانت شاندونغ إحدى المقاطعات الأساسية في تصدير الحبوب والخضراوات إلى باقي المناطق، لذا استخدم مزارعوها الأسمدة للحصول على منتجات كبيرة الحجم يسهل تخزينها وتوزيعها وقت الحاجة. ومنذ ذلك الحين، ظلت هذه المنتجات العملاقة تظهر بين موسم وآخر، لكن أسباب استخدامها اختلفت مع مرور الوقت وتغيرت الظروف، وينحصر إنتاجها اليوم في تلبية فضول الناس فقط، ليس أكثر".
طفرة جينية
ويعلّق الباحث في معهد الدراسات والعلوم الإنسانية في مقاطعة فوجيان (جنوب شرق)، تشين يونغ، على الظاهرة بالقول لـ"العربي الجديد": "طالما كانت المنتجات ذات الحجم الكبير إحدى السمات الملحوظة في مقاطعة شاندونغ، لكنها طفرة جينية حالياً بسبب استخدام نوع معين من الأسمدة". وعن علاقة الظاهرة بطول سكان المقاطعة المختلف عن باقي سكان البلاد، يقول: "بالطبع هناك علاقة وثيقة بنوع الطعام الذي يتناوله السكان باعتبارهم المستهلكون الأول للمحاصيل العملاقة التي أنتجت بفعل تدخل بشري، وتدخل أجسامهم نسباً كبيرة من الهرمونات التي تحدث بمرور الوقت طفرة جينية تشكل سمة بارزة لهم. والأمر يشبه ما يفعله لاعبو كمال الأجسام الذي يتناولون هرمونات لتكبير العضلات، وبناء جسم مثالي". يضيف: "الكثير من الأمراض المعدية أو المميتة انتقلت إلى البشر عن طريق الأكل والشرب، ما يعني أن هناك احتمالاً كبيراً أن تتسبب الهرمونات المسؤولة عن إنتاج خضراوات عملاقة في ولادة أجيال بأحجام ومعدلات طول غير طبيعية في مقاطعة شاندونغ. وقد تستحق الظاهرة البحث والدراسة لعلنا نتوصل في المستقبل القريب إلى طريقة تساعد في إعادة إنتاج أجيال جديدة بمعايير ومقاييس مختلفة".
يشار إلى أن اللوائح الصينية الجديدة لا تسمح بزراعة محاصيل معدلة وراثياً، باستثناء القطن. ورغم أن الأرز أحد الأغذية الأساسية للشعب الصيني، فإنه لا يُسمح بزراعة أنواعه المعدّلة لغرض التجارة، ومن يفعل ذلك يُعاقب بالسجن.