علماء الأرصاد الجوية متهمون بمؤامرات

15 مايو 2023
خلال حملة لناشطين بيئيين في ملقة الإسبانية (خورخي غيريرو/ فرانس برس)
+ الخط -

بعدما أعوام وعقود من تقدير وإعجاب واسعين، بات علماء الأرصاد الجوية في بلدان غربية عدة أهدافاً للشتم والتهديد من مروجي نظريات المؤامرة الذين يتهمونهم بالكذب أو حتى بالتأثير مباشرة على المناخ.

واتُهمت هيئة الأرصاد الجوية في إسبانيا، عبر مواقع التواصل، بتلفيق ظاهرة الجفاف، وكذلك هيئة الأرصاد الجوية في أستراليا بالتلاعب في سجلات الحرارة. أما هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية فقيل إنها بالغت في تقدير مسألة الاحترار المناخي.

يقول أستاذ علوم المعلومات في جامعة كاتالونيا الإسبانية، ألكسندر لوبيز بورول: "لم يعد فيروس كورونا بين المواضيع الرائجة لدى المؤمنين بنظريات المؤامرة الذين تحوّلوا إلى نشر معلومات مضللة عن التغيّر المناخي. وهم يعتبرون الهيئات العلمية التي يهاجمونها جزءاً من الأنظمة القائمة".

وفي ظل الجفاف الذي ضرب إسبانيا، تلقت وكالة الأرصاد الجوية في البلاد، مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية، رسائل مسيئة تضمن بعضها عبارات "أنتم قتلة" و"مجرمون" و"نحن نراقبكم" و"ستدفعون الثمن".

ونددت وزيرة البيئة تيريزا ريبيرا بإطلاق هذه العبارات، وغرّدت عبر "تويتر": "يسيء الكذب وتأجيج نظريات المؤامرة والخوف والشتم إلى مجتمعنا"، علماً أن الرسائل وجهها خصوصاً مؤيدو نظرية "كيمتريل" التي جرى تكذيبها مرات، وتفيد بأن الخطوط المرئية التي تطلقها الطائرات في السماء تمثل آثاراً لمواد كيميائية تُنشر عمداً لأسباب سرية، ما يوقف هطول الأمطار ويتسبب في الجفاف.

ولمّح البعض أيضاً إلى نظرية "خطة 2030" التي تشير إلى أن النخب العالمية تتآمر لاستعباد الشعوب من خلال نشر جائحة كورونا، والسياسات الخاصة بالمناخ. واعتبرت الناطقة باسم وكالة الأرصاد الجوية في إسبانيا، إستريلا غوتييريس ماركو، إنّ "ما يثير السخرية هو إهانة مؤسسة اهتمت دائماً بمصالح الناس، وتحاول المساهمة في سلامتهم".

ويلاحظ بورول تزايد منحى إنكار الأزمة المناخية، ويقول: "لم يعد الناس يثقون بالسياسيين أو القضاة أو وسائل الإعلام، في وقت ترتفع تكاليف المعيشة. وإذ يشعرون بغبن، ينتهي بهم الأمر بالاستماع إلى أشخاص يخاطبون مشاعرهم مباشرة".

وفي أستراليا، اتهمت وسائل إعلام محافظة ونشطاء في "فيسبوك" مكتب الأرصاد الجوية بالتلاعب بسجلات درجات الحرارة. وحللت جينيفر ماروهاسي، التي تعرف بمواقفها المشككة في الأزمة المناخية، بيانات زعمت أن المكتب استخدم أجهزة لميزان حرارة إلكترونية أعلى بـ0.7 درجة مئوية مقارنة بأجهزة الزئبق القديمة. لكن خبراء نفوا هذه التفسيرات، وبينهم الباحث في جامعة موناش الأسترالية نيفيل نيكولز، الذي قال إن "الفرق لا يتجاوز 0.1 درجة مئوية بين أنواع الأجهزة، ولا يقارن بالمنحى الاحتراري القوي في متوسط درجات الحرارة في أستراليا التي زادت 1.4 درجة مئوية خلال القرن الماضي".

وفي فرنسا، اتهم نشطاء على شبكات الإنترنت هيئة الأرصاد الجوية بالمبالغة في تقدير الاحترار باستخدام أداة تُعرف باسم المؤشر الحراري الوطني، والتي تأخذ في الاعتبار فقط بيانات أخذت من مناطق حضرية، حيث تعتبر معدلات الحرارة أكثر دفئاً.

وكتب شخص على "فيسبوك": "كيف يمكن دفع الفرنسيين إلى الاعتقاد بأن درجات الحرارة تزداد أكثر بكثير مما هي عليه فعلياً، في حين كل ما يجب أن يفعلوه هو تثبيت أنظمة القياس في المدن الأسرع نمواً". لكن علماء مناخ كثيرين أشاروا إلى أن مقارنة الاحترار في فرنسا بمعدلات ما قبل الثورة الصناعية تستند إلى عملية أكثر تعقيداً.

وتوضح عالمة المناخ في الهيئة الفرنسية العامة للأرصاد الجوية كريستين بيرن أن باحثي الهيئة يستخدمون كل القياسات الممكنة التي يمكن تخيلها لتطوير المعلومات، والأمر لا ينحصر في محطاتنا الصغيرة الثلاثين".

(فرانس برس)

المساهمون