وافقت "إدارة الغذاء والدواء الأميركية" (FDA) مؤخراً على علاج جديد لمواجهة مرض الألزهايمر اسمه التجاري "ليكيمبي" ويستهدف المرضى في المراحل المبكرة من المرض. واعتبرت العلاج الجديد تقدّماً مهمّاً في علاج الألزهايمر، لكونه قادراً على إبطاء التدهور المعرفي لدى المرضى.
ويشرح رئيس "جمعية ألزهايمر لبنان" والمتخصّص في الطب النفسي والشيخوخة الدكتور جورج كرم، لـ "العربي الجديد"، أن هذا الدواء يعدّ العلاج الأول القادر على تغيير مسار المرض على عكس العلاجات الأخرى التي تواجه أعراض المرض فحسب. يُحارب الدواء البروتينات التي تترسب في الدماغ بسبب مرض الألزهايمر من دون أن تتوافر معطيات، حتى الآن، حول قدرة الدواء على الشفاء من المرض. ويشدّد على ضرورة التنبّه إلى أن هذا الدواء فعّال لدى المصابين بالألزهايمر في المراحل الأولى من المرض وليس في المراحل المتقدمة تجنبّاً لمنح آمال واهية للمصابين في مراحل متقدمة. ويؤخذ الدواء عبر الوريد كلّ أسبوعين.
وتشير أرقام منظمة الصحة العالمية الصادرة في سبتمبر/ أيلول 2022 إلى أن أكثر من 55 مليون شخص حول العالم مصابون بالخرف (بنسبة 8.1 في المائة من النساء و5.4 في المائة من الرجال الذين يتجاوزون 65 عاماً). ويتوقّع أن يرتفع هذا الرقم إلى 78 مليون بحلول عام 2030 وإلى 139 مليون بحلول عام 2050. وناهزت الكلفة العالمية للخرف 1.3 تريليون دولار في عام 2019، ومن المتوقّع أن ترتفع إلى 1.7 تريليون دولار بحلول عام 2030.
ويعتبر الخرف متلازمة تتسم بحدوث تدهور في الذاكرة، السلوك، التفكير والقدرة على القيام بالأنشطة اليومية. وتوضح منظمة الصحة العالمية أنه وبالرغم من أن الخرف يصيب المسنين بالدرجة الأولى غير أنه لا يعتبر جزءاً طبيعياً من الشيخوخة.
ويشدّد كرم على وجوب عدم اعتبار النسيان أمراً طبيعياً عند كبار السن، وعدم اعتبار النسيان مرتبطاً حتماً بمرض الألزهايمر. فمن الممكن أن يعود النسيان لدى كبار السن إلى عوامل أخرى مثل فقر الدم، اضطرابات الغدة الدرقية، نقص في الفيتامينات وغيرها.
ويعدّ الألزهايمر السبب الرئيسي للخرف، ويسبب نحو 60 إلى 70 في المائة من الحالات. بينما تعود الأسباب الأخرى للخرف إلى عوامل أخرى مثل مرض الباركنسون وغيره. بذلك، وبحسب كرم، لا فرق بين استخدام مصطلحي الخرف أو الألزهايمر بشكل عام.
وتعيش نسبة 58 في المائة من المصابين بالخرف، وفق منظمة الصحة العالمية، في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وترتفع نسبة المصابين بالخرف في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وفق كرم، بسبب ارتفاع معدّل الأعمار في هذه البلدان خلال العقود الأخيرة، والنقص في التوعية حول بعض عوامل الخطر المرتبطة بالخرف مثل حالات السكري، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع معدّل الكولسترول في الدم، التدخين، الاكتئاب والقلق.
ويشرح كرم أن حالات السكري، ارتفاع ضغط الدم وغيرها تؤدي إلى حدوث نشاف في شرايين الدماغ، ما يزيد نسبة التعرّض للإصابة بالألزهايمر. في المقابل، يساهم التوقّف عن التدخين وممارسة الرياضة البدنية والنشاط الاجتماعي في الوقاية من الإصابة بالألزهايمر من خلال تنشيط الدورة الدموية وتعزيز سلامة شرايين الدماغ.
ويكشف التقرير الصادر عن "المؤسسة الدولية لمرض ألزهايمر-ADI" في عام 2022 أن 75 في المائة من المصابين بالخرف لا يتم تشخيصهم عالمياً، مع ارتفاع هذه النسبة إلى تسعين في المائة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. ويلحظ التقرير أن نسبة 45 في المائة من المصابين بالألزهايمر لا يتلقون الدعم في البلدان منخفضة الدخل، بينما لا تتلقى نسبة 37 في المائة المتابعة في البلدان الغنية. ويعتبر مستوى الخدمات في البلدان مرتفعة الدخل أعلى مقارنة بالبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، إذ يسهل الحصول على العلاجات، والتكنولوجيات المساعدة، وتجهيزات البيوت.
من جهة أخرى، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن ثلثي البلدان نفذت إجراءات مناسبة لتحسين ظروف المرضى وتسهيل وصولهم إلى الخدمات الصحية والاجتماعية المناسبة.
وتختلف أعراض المرض بين شخص وآخر وبين مرحلة وأخرى. في المرحلة الأولية، ترتكز الأعراض الشائعة، وفق منظمة الصحة العالمية، على النسيان، وفقدان القدرة على إدارك الوقت، والضياع في الأماكن المألوفة. أما في المرحلة الوسطى، فتظهر أعراض مثل نسيان أسماء الأشخاص، وصعوبة في التواصل مع الآخرين، وتغيرّ في السلوك وطرح الأسئلة بصورة متكررة. وفي المرحلة المتقدمة، تشتدّ اضطرابات الذاكرة والأعراض الجسدية مثل إدراك الوقت والمكان، صعوبة في التعرّف على الأقرباء والأصدقاء، صعوبة في المشي، وتغيّر في السلوك ليصبح عدوانيّاً.
ويعد الفحص السريري من قبل الطبيب المتخصّص، وفق كرم، أساسياً في تشخيص الإصابة بالألزهايمر، بالإضافة إلى فحوصات الدم والتصوير الدماغي وغيرها.
ولا يتوفر علاج شاف من مرض الألزهايمر حتى اليوم. وترتكز معظم العلاجات على مواجهة الأعراض والتخفيف من سرعة تدهور المرض. وبحسب المعهد الوطني للشيخوخة في الولايات المتحدة الأميركية، فإن مرض الألزهايمر معقد، وبالتالي لا يمكن لعلاج واحد أن يعالج جميع المصابين بالمرض. في المقابل، حقّق العلماء تطورّاً في فهم المرض وآلياته، ونجحت العلاجات في السيطرة على الأعراض والتخفيف منها. على سبيل المثال، تساعد أدوية مثبطات أنزيم "كولين استراز" في السيطرة على بعض الأعراض المعرفية والسلوكية الخفيفة والمعتدلة. ولا يفهم العلماء، بشكل كامل، كيف تعمل مثبطات أنزيم "كولين استراز" في علاج مرض الألزهايمر، إلا أن الأبحاث تشير إلى أثر هذه المثبطات على مادة كيمائية تسمى "أسيتيل كولين"، وهي مهمة في آليات الذاكرة والتفكير في الدماغ.
وفي شهر يونيو/ حزيران 2021، وافقت إدارة الدواء والغذاء الأميركية على ترخيص دواء أدوكانوماب الذي يساهم في إبطاء تقدم مرض الألزهايمر من خلال خفض ترسبات بروتين "بيتا أميليود" في الدماغ، من دون أن تتوافر معطيات مثبتة على أثر الدواء على الأعراض السريرية. إلا أن هذا الدواء أثار جدلاً في الأوساط العلمية الأميركية.