كشف المركز العراقي الاقتصادي في العاصمة العراقية بغداد، اليوم الإثنين، عن ارتفاع كبير في عدد العراقيين المسافرين إلى الهند بهدف تلقي العلاج، مطالباً السلطات العراقية بـ "تطوير النظام الصحي" في البلاد، على اعتبار أن العراقيين يغادرون بلادهم لتلقي العلاج في الدول الأخرى، بسبب تهالك النظام الصحي وسوء الخدمات المقدمة في القطاع الصحي عموماً منذ الغزو الأميركي عام 2003.
وأحصى بيان صادر عن مدير المركز العراقي وسام الحلو، أعداد العراقيين الذين سافروا إلى الهند بهدف العلاج خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وحجم ما تم إنفاقه. وقال إن "العدد الكلي للعراقيين الذين سافروا إلى الهند بهدف العلاج بلغ 57،275 ألفاً بحسب آخر إحصائية رسمية، بواقع 15،596 ألفاً عام 2020. وعام 2021، بلغ عدد العراقيين المسافرين إلى الهند 15120 ألفاً، و26559 ألفاً عام 2022، الذي شهد زيادة في الأعداد نتيجة تخفيف إجراءات جائحة كورونا".
تابع البيان أن "العراقيين يفضلون الهند كوجهة علاجية بسبب سهولة الإجراءات المتبعة من السفارة الهندية في إصدار التأشيرة ببغداد والمحافظات، والتي لا تتجاوز 24 ساعة، بالإضافة إلى ثقتهم بالمستشفيات هناك وقلة أسعار العمليات فيها مقارنة ببقية الدول".
كما أفاد بأن "العراقي يدفع 83 دولاراً لإصدار التأشيرة، وبلغ إجمالي المبالغ المدفوعة للحصول عليها خلال السنوات الثلاث الماضية 4،753،825 دولارا"، مبيناً أن "معدل المسافرين مع كل مريض يبلغ مُرافقاً واحداً أو اثنين".
وأشار إلى أن "كلفة إجراء العمليات تتراوح ما بين 5 و8 آلاف دولار، وترتفع لأرقام أعلى حسب نوع العملية وتضاف إليها تكاليف حجز التذاكر والفنادق والتنقل وبمعدل إنفاق كلي يتراوح ما بين 10 و15 ألف دولار، ويزداد بطبيعة الحال بحسب نوع العملية".
ولفت إلى أنه "لو أردنا ضرب العدد الكلي للمسافرين الذي يزيد عن 57 ألفاً، وقلنا إن كل واحدٍ منهم أنفق ما لا يزيد عن 10 آلاف دولار كمبلغ كلي، فإن الرقم النهائي سيزيد عن 570 مليون دولار من العملة الصعبة أنفقها العراقيون للعلاج في الهند خلال 3 سنوات. ولو أردنا القول إن ثلث العدد أنفق 15 ألف دولار وما يزيد عنها لكل مريض، فإن الرقم النهائي سيتجاوز 670 مليون دولار ويصل ربما إلى 700 مليون دولار خرجت من العراق خلال 3 سنوات فقط للعلاج في الهند".
ودعا الحكومة إلى "تطوير النظام الصحي"، لافتاً إلى أن "تطور البلدان يقاس بحجم تطور هذا النظام الذي يحتاج إلى مشاريع ومستشفيات حديثة ومتطورة في جميع المحافظات، تتمتع بالخبرات المطلوبة من الأطباء والكوادر الصحية مع إكمال المشاريع الحالية التي تعرضت موجوداتها للاندثار بهدف استيعاب أعداد المرضى المتزايدة بتزايد عدد سكان العراق الذي تجاوز 42 مليوناً بحسب آخر إحصائية".
ورأى الحلو أن "الفساد المستشري هو الذي عطل تطوير النظام الصحي العراقي، وجعله متأخراً وغير قادر على نيل ثقة المواطنين، ما يتطلب من الحكومة الحالية البدء بضرب الفساد في النظام الصحي قبل أن تضع الخطط اللازمة لتطويره".
في هذا السياق، قال عضو نقابة الأطباء العراقية، وائل العاني، لـ "العربي الجديد"، إن وجهات العراقيين للعلاج إلى كل من الهند وتركيا والأردن ولبنان وإيران وأخيراً مصر، ارتفعت بواقع الضعف خلال السنوات الخمس الأخيرة".
أضاف أن ما لا يقل عن 200 ألف عراقي يغادرون البلاد سنوياً بحثاً عن العلاج في دول الجوار أو الدول التي يسهل حصولهم فيها على تأشيرة دخول وإقامة مؤقتة، بسبب تراجع الخدمات الصحية المقدمة داخل العراق ضمن القطاع العام وحتى الخاص". وأشار إلى أن "الإنفاق السنوي للعراقيين على العلاج في الخارج يكفي لإعادة تأهيل القطاع الصحي بالبلاد بشكل كامل".
أضاف العاني أن مشكلة القطاع الصحي في العراق لم تعد تتعلق بالبنى التحتية للمستشفيات أو توفر الأدوية والعلاجات، وإنما بنزيف الهجرة للكفاءات الطبية إلى الخارج بحثاً عن واقع معيشي ووظيفي أفضل".
وشكلت جائحة كورونا التي ضربت البلاد مطلع يناير 2020 تحديا كبيرا أمام القطاع الصحي العراقي، الذي فقد أكثر من ألف طبيب وموظف صحي خلال الجائحة، إلى جانب تضرر البنى التحتية بعد سلسلة حرائق وفوضى كانت نتيجة خروج الأوضاع عن السيطرة بعد استقبال آلاف الحالات الحرجة يوميا.