عدد سكان العالم يبلغ 8 مليارات نسمة بعد أيام قليلة

07 نوفمبر 2022
في 15 نوفمبر 2022 يبلغ عدد سكان العالم 8 ملايين نسمة بحسب التقديرات (فرانس برس)
+ الخط -

بعد أيام، في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، سيبلغ عدد سكان العالم رسمياً ثمانية مليارات نسمة. هل يُعَدّ الرقم مرتفعاً؟ ليس بالضرورة، بحسب الخبراء الذين يحذّرون بالأحرى من استهلاك الدول الثرية المفرط لموارد الأرض.

وترى المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان ناتاليا كانيم أنّ بلوغ "ثمانية مليارات هو حدث مهمّ للبشرية"، مرحّبة بالزيادة في متوسّط الأعمار المتوقّع، وانخفاض معدّل وفيات الرضّع والأمهات. وتضيف أنّه "مع ذلك، أدرك أنّ هذه ليست لحظة يحتفل بها الجميع بالضرورة. فالبعض يشعر بالقلق من عالم مزدحم بعدد كبير جداً من السكان وموارد غير كافية للعيش على أساسها"، داعية إلى عدم "الخوف" من العدد.

و"هل ثمّة كثير منّا على هذه الأرض؟"، بالنسبة إلى عدد كبير من الخبراء السؤال خاطئ. ويجيب جويل كوهين من جامعة "روكفلر" في نيويورك: "كثير جداً بالنسبة إلى من؟ كثير جداً بالنسبة إلى ماذا؟ إذا تسألني إن كنّا أكثر من اللازم، فإنّني لا أظنّ ذلك". ويضيف الخبير: "أرى مسألة عدد الأشخاص الذي تستطيع الأرض تحمّله كسؤال ذي شقّين: قيود أو حدود طبيعية، والخيارات التي يتّخذها البشر".

الخيارات التي تقود إلى استهلاك موارد أحيائية أكثر بكثير من قدرتها على التجدّد في كلّ عام، والاستهلاك المفرط، خصوصاً بالنسبة إلى الوقود الأحفوري، يؤدّي دائماً إلى مزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسؤولة عن الاحترار.

من جهة الموارد، تتطلب تلبية احتياجات البشرية بطريقة مستدامة وجود 1.75 كوكب أرض بحسب شبكة "غلوبل فووتبرنت نتوورك" والصندوق العالمي للطبيعة. أمّا من جهة المناخ، فيشير أحدث تقرير لخبراء المناخ التابعين للأمم المتحدة إلى أنّ النموّ السكاني أحد المحرّكات الرئيسية لزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لكنّ مساهمته فيها أقلّ من مساهمة النمو الاقتصادي.

ويشدّد كوهين على أنّه "غالباً ما نكون أغبياء نفتقر إلى الرؤية. نحن شرهون، هذا مَكمن المشكلة والخيارات"، داعياً على الرغم من ذلك إلى عدم تصنيف البشرية "طاعوناً".

وترى جينيفر سكيوبا، وهي باحثة مقيمة في مركز أبحاث ويلسون الأميركي، أنّ "تأثيرنا على الكوكب يحدّده سلوكنا أكثر بكثير من عددنا". وتضيف أنّ "الاستمرار في تسليط الضوء على الزيادة السكانية مضرّ ويعكس كسلاً فكرياً"، مشيرة إلى خطر أن تعمد الدول الغنية، بدلاً من تغيير سلوكها، إلى إلقاء اللوم على الدول النامية التي تدفع النموّ السكاني.

وإذا عاش الجميع مثل سكان الهند، فسوف تحتاج البشرية فقط موارد 0.8 كوكب في كلّ عام، مقارنة بأكثر من خمسة كواكب لسكان الولايات المتحدة الأميركية، بحسب شبكة "غلوبل فووتبرنت نتوورك" والصندوق العالمي للطبيعة.

وسواء أكان العدد كبيراً أم لا، فإنّ المليارات الثمانية من البشر موجودون بالفعل وسوف يستمرّ عددهم في النموّ، إذ تتوقع الأمم المتحدة أن يبلغ 9.7 مليارات نسمة في عام 2050. وتوضح الأمم المتحدة أنّه نظراً إلى عدد الشباب الكبير، فإنّ جزءاً كبيراً من النموّ سوف يحدث حتى لو انخفض منذ الآن معدّل الخصوبة في البلدان ذات أعلى المعدّلات إلى طفلَين لكلّ امرأة.

وترتبط مسألة الخصوبة مباشرة بحقوق المرأة، وهو أمر يوافقه حتى الذين يميلون إلى الإجابة بـ"نعم" على سؤال "هل ثمّة كثير منّا على هذه الأرض؟". في هذا الإطار، تدعو المنظمة غير الحكومية "بوبولايشن ماترز" إلى خفض عدد سكان العالم، إنّما "فقط بوسائل إيجابية وطوعية وتحترم الحقوق"، بحسب ما يوضح مديرها روبين ماينارد لوكالة "فرانس برس"، معارضاً أيّ "سياسة تنظيم" للولادات تفرضها الدولة.

ويقترح مشروع "بروجكت دروداون" أنّ التعليم وتنظيم الأسرة من الحلول للحدّ من الاحتباس الحراري. ويوضح أنّه "على الصعيد العالمي، من شأن وجود عدد أقلّ من السكان بمستويات استهلاك مستدامة أن يقلّل الطلب على الطاقة والنقل والخامات والغذاء والموارد الطبيعية".

وتقول فانيسا بيريز، وهي محللة في معهد الموارد العالمية غير الحكومي، إنّ "كلّ شخص يولد على هذه الأرض يضيف ضغطاً إضافياً على الكوكب". وتضيف في تصريح لوكالة "فرانس برس": "كان عددنا كبيراً بالفعل قبل سنوات"، لكن "هذا سؤال حساس جداً"، رافضة أن "تستغلّ النخب هذه السردية لتطالب بوضع سقف للنموّ السكاني في دول الجنوب". وتفضّل بيريز أن تركّز على "الإنصاف" و"توزيع" الموارد، ولا سيّما الغذاء.

ويشاطر كوهين رأي بيريز ويشدّد على أنّه على الرغم من توفّر ما يكفي من الغذاء من الناحية الحسابية لسدّ حاجات ثمانية مليارات نسمة، فإنّ "800 مليون شخص، أي واحدا من كلّ 10 أشخاص على هذا الكوكب، يعاني من سوء تغذية مزمن". ويكمل: "فكرة أنّنا أكثر ممّا ينبغي تصرف الانتباه عن قضايا حقيقية تتعلّق برفاهية النوع البشري والأنواع التي نتشارك معها الكوكب".

(فرانس برس)

المساهمون