استمع إلى الملخص
- تسعى مؤسسة عامل الدولية للتواصل مع الأمم المتحدة لحماية مراكزها من القصف المستقبلي، حيث تضررت مراكز تقدم خدمات صحية واجتماعية مهمة، بما في ذلك مساحات آمنة للنساء والأطفال.
- يعبر العاملون في المؤسسة عن أملهم في استعادة نشاطهم بشكل أفضل، مع التركيز على إعادة تأهيل المساحات الآمنة للأطفال.
بين الركام والجدران المتداعية، يتفقّد عاملون في مركز يُعنى بالنساء والأطفال في ضاحية بيروت الجنوبية آثار الدمار الذي تسّببت فيه غارة شنّها الطيران الإسرائيلي طاولت مبنى مجاوراً في الأسابيع الماضية. وتُعبّر عضو الهيئة الإدارية في مؤسسة عامل الدولية زينة مهنّا عن "الصدمة" وهي تُعاين آثار الدمار الذي لحق بالمكان، وتقول "سوف يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يعود مركزنا إلى العمل". وكانت إسرائيل قد صعّدت عدوانها على لبنان في سبتمبر/ أيلول الماضي، واستهدفت بغارات مدمّرة خصوصاً ضاحية بيروت الجنوبية وجنوبي لبنان وبعلبك-الهرمل والبقاع (شرق) إلى جانب مناطق أخرى من بينها العاصمة بيروت.
وبعد إعلان وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في لبنان قبل نحو أسبوع، يعكف العاملون في مؤسسة عامل على لملمة آثار العدوان الإسرائيلي الأخير على ضاحية بيروت الجنوبية. ومن بين الغارات المدمّرة التي طاولت الضاحية، تلك التي أدّت إلى تضرّر مقرّ مؤسسة عامل، حيث ما زالت الجدران المثقوبة تحتفظ برسومات للأطفال وبعبارات مدوّنة من قبيل "أحلم كثيراً" وسط الركام وقطع الزجاج. يُذكر أنّ مؤسسة عامل الدولية كانت قد أطلقت نشاطها في زمن الحرب اللبنانية التي امتدّت من عام 1975 حتى عام 1990.
تقول زينة مهنّا لوكالة فرانس برس إنّ 13 مقرّاً لمؤسسة عامل من أصل 40 تضرّرت في هذه الحرب، شارحةً أنّها مراكز تقدّم خدمات صحية واجتماعية على مستوى لبنان كلّه. تضيف أنّ مركزاً في حيّ السلّم ومستوصفاً مجاوراً ومركزاً لإيواء العمّال الأجانب في الشيّاح، كلّها مراكز في ضاحية بيروت الجنوبية، تضرّرت من جرّاء الغارات الإسرائيلية. وتلفت إلى أنّ مؤسستها تواصلت مع الأمم المتحدة رسمياً بهدف حماية مراكزها من القصف الإسرائيلي.
من جهتها، تقول مديرة مركز مؤسسة عامل في حيّ السلم سُكنة الحولي، وهي تغالب دموعاً اجتاحت عينَيها، إنّ "نحو 100 طفل و40 امرأة يقصدون المركز هنا يومياً. وحين وصلني خبر وقوع غارة، لم أغفُ في الليل". تضيف المرأة التي هجّرتها الحرب من بيتها في المنطقة أنّ "الناس هنا في حاجة كبيرة إلى هذا المركز". وفي هذا الإطار، تلفت زينة مهنّا إلى أنّ مركز مؤسسة عامل في حيّ السلّم كان يوفّر مساحات آمنة للنساء ضحايا العنف، ويُقدّم برامج للأطفال، من بينها برنامج بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). وقد أفاد مصدر في منظمة يونيسف وكالة فرانس برس بأنّ "إعادة تأهيل المساحات الآمنة للأطفال في مجتمعاتهم أمر بالغ الأهمية".
على بعد بضعة كيلومترات، في منطقة الشيّاح الواقعة كذلك في ضاحية بيروت الجنوبية، كان جمع من الناس يتفقّد مركز مؤسسة عامل للعمّال الأجانب، بعدما تعرّض لأضرار كبيرة من جرّاء غارة إسرائيلية استهدفت مبنى مجاوراً. وبين الجدران المتهاوية والزجاج المهشّم على الأرض في كلّ مكان، استقرّت أريكة قديمة قذفتها قوة الانفجار من بيت مجاور إلى الشرفة. هناك، وقفت نور خزعل إحدى العاملات في المؤسسة، وهي تشير إلى صور توثّق أياماً أقلّ بؤساً، وتقول: "نشعر بالأسى. هذا منزلنا، نمضي كلّ وقتنا هنا".
وعلى الرغم من كلّ الخسائر والأهوال، تعرب نور خزعل عن أملها بأن تعود مؤسسة عامل إلى سابق عهدها في العمل الاجتماعي وكذلك الصحي. وتقول هذه الشابة، التي اضطرّت بدورها إلى النزوح في خلال العدوان الإسرائيلي من الشيّاح مع زوجها وابنها ذي السنة الواحدة "لن يعود هذا المركز كما كان وحسب، بل سيكون أفضل بعشر مرّات... بل بمئة مرّة".
(فرانس برس، العربي الجديد)