تعيش عائلات المعتقلين المغاربة في السجون والمعتقلات والمخيمات العراقية والسورية حالة من القلق جراء ما تعتبره تأخراً كبيراً من قبل الحكومة المغربية في إيجاد حل لملفهم وإنهاء معاناتهم المستمرة. وتسعى عائلات المعتقلين المغاربة لدفع الحكومة إلى التحرك لاستعادة أبنائها من سورية والعراق والسماح بإجلائهم ومحاكمتهم داخل المملكة، خصوصاً بعد أن كانت قد تلقت، خلال الأشهر الماضية، وعوداً بحل الملف رغم طبيعته الشائكة وعدم التخلي عنهم. وقال رئيس "التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين في سورية والعراق"، عبد العزيز البقالي، اليوم الخميس، لـ"العربي الجديد"، إن العائلات تعيش حالة انتظار لخبر ينهي معاناتها وآلام الانتظار والخوف على مصير أبنائها، علماً أن منهم من قضى فترة اعتقال تصل إلى 20 سنة في سجون العراق، ومنهم من يعاني من أمراض مزمنة كما هو حال معتقلتين في العراق، فيما لا يعرف إلى حد الساعة إن كان آخرون في سورية على قيد الحياة أو لا. دون نسيان ما تعيشه النساء المعتقلات في مخيمات سورية من إحباط ومأساة". وأضاف: "نحن كعائلات للمعتقلين، نعيش حالة انتظار دون جديد يذكر، وبدأ اليأس يتسرب إلى نفوسنا في ظل جهلنا بالأسباب التي تجعل المغرب، إلى حد الساعة، يتأخر في معالجة الملف وإعادتهم إلى بلادهم وإنهاء مأساتهم في السجون العراقية والمعتقلات والمخيمات السورية". وطالب البقالي بتسريع حل ملف المعتقلين المغاربة في العراق وسورية، معتبراً أن "تدخل الدولة المغربية ضروري للكشف، على الأقل، عن مصير أبنائنا، وخصوصاً في ظل ما يعيشونه من معاناة ومأساة ومن ظروف مأساوية وقاسية". وظلت عودة كثيرين من المغاربة من معتقلات العراق وسورية متعثرة، على خلفية قلق عبّر عنه المغرب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 إزاء "عودة المقاتلين ضمن التنظيمات الإرهابية في بؤر التوتر (سورية والعراق وليبيا)". فيما تطالب عائلات المغاربة العالقين والمعتقلين في سورية والعراق بإعادتهم و"طيّ الملف والمعاناة بشكل نهائي وإيجاد حل لهذه القضية الإنسانية". وكان مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية (الجهاز المكلف محاربة الإرهاب) الشرقاوي حبوب، قد أعلن في 17 مارس/ آذار الماضي، أن عودة المقاتلين من سورية والعراق تسير وفق تنسيق أمني في إطار التعاون، إما بمذكرة بحث أو مسطرة تسليم أو أمر دولي بإلقاء القبض أو أن يكون مضبوطاً في إحدى المساطر المرجعية، وبعد ذلك يقوم المكتب المركزي بإشعار النيابة العامة المختصة وتقديم المقاتل السابق أمام العدالة. وبحسب معطيات المكتب المركزي للأبحاث القضائية، فقد عاد 274 مقاتلاً ينتمون إلى تنظيمات إرهابية في سورية والعراق، إلى البلاد، عولجت 141 حالة منهم، وجرت محاكمتهم، فيما تحقق الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مع الباقي. وتشير معطيات المكتب إلى وجود أكثر من 770 مقاتلاً ما زالوا عالقين في سورية والعراق، يتوزعون بين 387 طفلاً، و136 امرأة و251 مقاتلاً.
ومع تصاعد المطالبة الحقوقية بإعادة المغاربة المعتقلين في سورية والعراق، على الرغم من تعقيدات ملفاتهم واختلاف المعلومات المتوافرة حولها، لجأ مجلس النواب المغربي، في ديسمبر/ كانون الأول 2020، إلى تشكيل لجنة نيابية استطلاعية للوقوف على أوضاعهم، وقد أُسندت رئاستها إلى الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي. وضمت اللجنة النيابية 16 برلمانياً يمثلون كتل الأغلبية والمعارضة.
وفي ختام أشغالها، أوصت اللجنة الاستطلاعية بـ"إصدار قوانين إطار وقوانين تضع الإطار التشريعي لمعالجة الأوضاع الخاصة والاستثنائية التي يوجد فيها الأطفال والنساء المغاربة العالقون في بؤر التوتر في سورية والعراق، من أجل تسهيل عملية إرجاعهم بشكل سريع". كذلك دعت الحكومة المغربية إلى "العمل في أقرب وقت من أجل التوقيع على مشاريع اتفاقيات التعاون القضائي والقانوني بين المملكة المغربية والجمهورية العراقية لتسهيل عملية نقل الأشخاص المحكوم عليهم بين البلدين". وحثت أيضاً على إعمال مضمون اتفاقية نقل الأشخاص المحكوم عليهم الموقعة بين المغرب وسورية في إبريل/ نيسان 2006. وعلى المستوى الاجتماعي، أوصت اللجنة الاستطلاعية، بـ"توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والنساء العالقين في بؤر التوتر في سورية والعراق"، وبـ"إنشاء جسور التواصل بينهم وبين وعائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم بالمغرب".