عائلات فلسطينية تنشئ خياماً لإيواء النازحين بالمجان

30 يناير 2024
خيام بائسة لكنها أفضل من العراء (عبد الرحيم الخطيب/الأناضول)
+ الخط -

ينشغل الفلسطيني مجد أبو عميرة، من مدينة دير البلح، في وسط قطاع غزة، بتجهيز خيمة بلاستيكية تضم الفراش والمُستلزمات الأساسية لاستقبال النازحين الذين تقطعت بهم السُّبل، ولا يمكنهم توفير مأوى في ظل البرد القارس.
وحول سبب مُبادرته بإنشاء خيمة استضافة للنازحين، يقول أبو عميرة لـ "العربي الجديد"، إنه يشاهد العديد من المواقف الصادمة يومياً لأسر كاملة تفترش الرصيف من دون فراش، أو بغطاء واحد لجميع أفراد الأسرة في ظل البرد الشديد، إلى جانب بحث كثيرين عن بيوت للاستئجار، أو مكان للمبيت في المدارس أو مراكز الإيواء المكتظة.
يتابع: "هذه المشاهد وغيرها ولّدت لدينا شعوراً بضرورة التحرك، وعمل أي شيء يمكنه تخفيف الأزمة، ومساعدة العائلات، حتى ولو أسرة واحدة، ولو بشكل بسيط، انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية التي يجب أن يتحلى بها الجميع في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها جميعاً، وتستدعي أكبر قدر من التعاون والتكافل".
وتكتظ محافظات قطاع غزة الوسطى والجنوبية بمئات آلاف النازحين، بعد مطالبة الاحتلال الإسرائيلي المواطنين بالتوجه إليها مُنذ الأسبوع الأول للعدوان المتواصل مُنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولم يتمكن عدد كبير منهم من استئجار بيوت أو حتى غُرف، نتيجة عدم توفر بيوت كافية لأعداد هائلة من النازحين.
وتُحاول بعض العائلات التخفيف من أزمة الإيواء الخانقة بأساليب مُختلفة، فمنهم من أتاح خياماً لاستضافة النازحين خلال فترة الليل، ومنهم من تركها لهم حتى يتمكنوا من تدبير أمورهم، والبعض أتاح خياماً للاستفادة الكاملة طيلة فترة الحرب.
ويلفت أبو عميرة إلى أن الخيمة التي قام بإنشائها برفقة أبنائه وعدد من إخوته، تحتوي على بعض الفِراش، وإلى جانبها حمام خارجي، ويقول: "كنا نتمنى إنشاء أكثر من خيمة، وتجهيزها بجميع المستلزمات، لكن حالة الغلاء العامة، وانعدام المواد اللازِمة حالت دون ذلك، لكن الدعوة ما زالت مفتوحة للجميع لتعميم الفكرة".
ويقول ابنه سمير أبو عميرة (23 سنة) إنه ساعد والده في تجهيز الأرض المقابلة لمنزلهم، وإنشاء الخيمة عليها، تقديراً للظروف الصعبة للنازحين في قطاع غزة، وعلى وجه الخصوص من لم يتمكنوا من إيجاد مأوى، أو استئجار مكان بفعل الغلاء والازدحام.

يضرب منخفض جوي قطاع غزة حالياً (فرانس برس)
يضرب منخفض جوي قطاع غزة (فرانس برس)

ويضيف: "تضم الشوارع في مختلف المحافظات الوسطى والجنوبية العديد من القصص المأساوية بفعل حالة النزوح غير المسبوقة، وشاهدنا نساء حافيات الأقدام، وأطفالاً بلا ملابس شتوية تحميهم من برد الشتاء، وعائلات بلا مأوى، وبلا طعام، وكل هذا شجعنا على التعاون لإنشاء الخيام المجانية المزودة ببعض الحاجيات الأساسية".
على المنوال نفسه، تعاون الخمسيني السعيد أبو شقفة، مع أبنائه في تجهيز خيمتين لاستضافة عدد من النازحين الذين لم يتمكنوا من توفير مأوى، وقاموا بتوفير الفراش والأغطية، وبعض المواد الغذائية التي يمكنها سد رمقهم لأيام. يقول أبو شقفة لـ"العربي الجديد"، إنه ينبغي على كل قادر في الظروف الحالية أن يشارِك في التخفيف من حدة الأزمة، خاصة في ظل التقصير الكبير من المؤسسات الإنسانية والإغاثية، سواء المحلية أو الدولية.
ويوضح: "يعاني كل الفلسطينيين في قطاع غزة من أوضاع اقتصادية صعبة بفعل الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ سبعة عشر عاماً، وقد جاء العدوان الحالي ليفاقم تلك المعاناة، مخلفاً مأساة كبيرة، تشمل التهجير القسري الذي دفع الناس إلى ترك بيوتهم للحفاظ على حياتهم وحياة أسرهم، والهرب من الاستهداف الشرس للمدنيين، والمجازر اليومية بحق العائلات، والتي أدت إلى شطب عدد كبير منها من السجل المدني الفلسطيني".

ويفتح بعض الفلسطينيين غير القادرين على إنشاء خيام للنازحين بيوتهم للإيواء المجاني، كما يفعل محمد دخان في مدينة رفح جنوبي القطاع، والذي خصص جميع الشقق السكنية الموجودة في بنايته لمبيت النساء، ويستضيف الرجال في مكان داخل أرضه الملاصقة للبيت.
ويوضح دخان أنه فتح البيت لاستضافة من تقطعت بهم السبل، في ظل عدم قدرتهم على استئجار الشقق، أو إيجاد أي مأوى، بسبب حالة الاكتظاظ الشديدة غير المسبوقة في المناطق الوسطى والجنوبية، والتي أدت إلى اختلال التوازن في جميع الخدمات، علاوة على تأثيرها الواضح في توافر السلع الأساسية، في ظل إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المعابر كافة أمام حرية دخول المواد الغذائية، والمساعدات الإنسانية.

المساهمون