استمع إلى الملخص
- ليلة من الخوف والبرد: العائلات عاشت ليلة باردة ومليئة بالخوف، حيث اختارت اللجوء إلى منازل أقاربها بدلاً من المدرسة المقترحة، والأطفال كانوا الأكثر تأثراً بمشاهد الجنود.
- معاناة مستمرة: تعاني بيت فوريك من حصار مستمر منذ 23 عاماً، مع اقتحامات واعتداءات متكررة من المستوطنين، مما يزيد من صعوبة الحياة اليومية للسكان.
لن تنسى نحو 25 عائلة من حي "النقارة" غرب بلدة بيت فوريك شرق نابلس شمال الضفة الغربية ما جرى لها فجر اليوم الخميس، بعدما اضطر أفرادها البالغ عددهم نحو 100 شخص لإخلاء منازلهم والتوجه إلى منازل أقاربهم لمدة تصل لأكثر من أربع ساعات عاشوا خلالها تجربة نزوح مصغرة.
وبحسب الناشط علاء حنني وهو من بلدة بيت فوريك، في حديث لـ"العربي الجديد"، فإن قوات الاحتلال بعدما اقتحمت المنازل طالبت أصحابها بإخلائها فوراً، بدعوى نيتها تفجير جسم مشبوه عُثر عليه في المنطقة، ودهمت منشأة زراعية "بركس" تعود ملكيتها للمواطن أحمد عبد اللطيف حنني، واعتقلته، قبل أن تقوم بتفجير الجسم المشتبه به في المكان. وخلال ذلك، سمع دوي انفجار ضخم، أعقبته أعمدة من النيران تصاعدت في المنطقة، ورغم عدم تسجيل أي إصابات بين السكان، إلا أن أسباب التفجير أو طبيعة الجسم المشبوه الذي ادعى الاحتلال وجوده لا تزال غير واضحة، وفق الناشط حنني.
اقتحام مليء بالرعب
بدأ الحدث نحو الساعة الواحدة فجراً، عندما اقتحمت قوات الاحتلال منزل الفلسطيني أحمد عبد اللطيف حنني، بالتزامن مع اعتقاله وإخلاء العائلات القريبة من منازلها، ثم فجرت عبوة ناسفة محلية الصنع داخل منشأة زراعية "بركس" يمتلكها. ويصف المواطن سلامة حنني، في حديث لـ"العربي الجديد"، تفاصيل ما وقع بـ"الرعب" الذي عاشته عائلته وعائلات أخرى في حي النقارة، عندما اقتحمت قوات الاحتلال منزل شقيقه أحمد، وطوّقت المنطقة بالكامل، وظلت تحاصر منزل شقيقه حتى الساعة الثالثة فجراً، وبعدها طلبت من العائلات المجاورة إخلاء منازلها، بحجة وجود تفجير وشيك، دون معرفة طبيعته وإن كان جسما وضعه جيش الاحتلال بشكل مفتعل أم أنه موجود بالفعل، وقد يكون مفتعلاً، خاصة في ظل الاعتداءات المتكررة التي نواجهها، ومنها اعتداءات المستوطنين التي شملت حرق منزل ومركبات قبل يوم واحد فقط.
يقول سلامة: "حاولت الاقتراب من منزل شقيقي لمعرفة ما يحدث، لكن الجنود منعوني بالقوة ورفعوا أسلحتهم نحوي، ومع انسحاب قوات الاحتلال في ساعات الصباح، اكتشفت أن شقيقي أحمد قد تم اعتقاله ونقله إلى جهة مجهولة". يصف سلامة اللحظات التي عاشتها العائلات بأنها تشبه مشاهد النزوح في غزة بشكل مصغر، ويقول: "الجميع خرجوا من منازلهم بسرعة، بينهم أطفال يعانون من البرد الشديد. اضطررنا للذهاب إلى منازل أقربائنا وسط حالة من القلق والخوف، ما حدث يبدو وكأنه صورة وتجربة عما قد يحدث في المستقبل بالضفة الغربية، إذا استمرت هذه السياسات".
👈مخلفات قوات الاحتلال بعد تفجيرها لجسم مشبوه في بلدة بيت فوريك شرق نابلس وانسحابها من المكان. pic.twitter.com/rJZQgnVZOW
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) December 5, 2024
لحظات قاسية
هدى حنني تروي لـ"العربي الجديد"، اللحظات القاسية التي عاشتها عائلتها خلال اقتحام قوات الاحتلال لحي النقارة فجراً، وتقول: "طرق جنود الاحتلال الإسرائيلي الباب بشدة، وعندما فتحنا، طلبوا منا مغادرة المنزل على الفور بحجة أن هناك تفجيراً سيحدث في المنطقة، وطلبوا منا التوجه إلى المدرسة، لكننا قررنا التوجه إلى منازل أقاربنا في وسط البلدة".
كانت ليلة قاسية للغاية، تؤكد هدى، خاصة على الأطفال، فالخوف والرعب سيطرا على الأجواء، حيث استيقظ الجميع على مشاهد الجنود المدججين بالسلاح في منتصف الليل، وأُجبرت العائلات على مغادرة منازلها، فالمشهد كان أشبه بحالة نزوح جماعي، وكأنه يذكرنا بمشاهد مشابهة نراها في غزة، والجميع كان خائفاً ولا أحد يعلم ما سيحدث بعد ذلك.
أما شقيق هدى، ياسر حنني، فقد عاش القلق مضاعفا على طفلاته الثلاث، ويقول لـ"العربي الجديد": "نحو الثالثة فجرا شرع جنود الاحتلال بطرق باب المنزل بشكل عنيف، وعندما فتحت لهم، وجدت عشرات منهم طلبوا منا مغادرة المنزل فوراً والتوجه إلى المدرسة القريبة، لكنني كالأهالي كلنا اخترنا اللجوء إلى منازل أقاربنا في البلدة، بعدما أبلغنا بوجود عملية تفجير بالقرب من المنازل، ما أجبر الجميع على إخلاء منازلهم على وجه السرعة، وسط أجواء شديدة البرودة".
ترهيب الأطفال وبرد شديد
تحدث حنني عن الصدمة التي أصابت الأطفال، وخاصة بناته الثلاث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 3 و10 سنوات، بسبب الطريقة العنيفة التي اقتحم بها الجيش المنازل. يقول ياسر: "كانت إحدى بناتي (الصغيرة) تمسك بي طوال الوقت وهي تبكي، ثم حملتها وحاولت تهدئتها، كان الجو شديد البرودة، لقد كانت أجواء صعبة، ما حدث يُشبه إلى حد ما التهجير الذي يحدث في غزة، ولكن بدرجة مخففة، الجميع شعر بالخوف الشديد، خاصة أننا كنا نائمين واستيقظنا على اقتحام مفاجئ".
صدمة في بيت فوريك
من جهته، يصف المدير الإداري لبلدية بيت فوريك أحمد نصاصرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، الأجواء التي عاشتها البلدة فجر الخميس، بأنّها كانت ليلة استثنائية من الرعب والصدمة، بعد اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لحي النقارة غربي البلدة وادعاء وجود عبوة ناسفة تستوجب تفجيرها. يوضح نصاصرة أنّ قوات الاحتلال داهمت نحو 25 منزلاً في الحي، حيث أجبرت أصحابها على إخلاء منازلهم في ساعات الفجر الباردة، بدعوى الاستعداد لتفجير عبوة ناسفة، وكان معظم الأهالي نائمين عندما بدأ الاقتحام، وبينهم الأطفال والنساء، خرجوا في حالة من الفزع.
بلدة في سجن كبير
منذ نحو 23 عاماً وبلدة بيت فوريك الواقعة شرق مدينة نابلس، ويقطنها نحو 17 ألف نسمة، على مساحة تبلغ حوالي 36 ألف دونم، تعيش في سجن كبير من جراء محاصرتها وإغلاق جميع مداخلها، باستثناء مدخل واحد مقام عليه حاجز عسكري ويتم عليه إخضاع الأهالي للتفتيش، علاوة على الاقتحامات المتكررة لقوات الاحتلال للبلدة، ما يزيد من معاناة الأهالي. ولا تقتصر معاناة أهالي بيت فوريك على الاقتحامات العسكرية لجيش الاحتلال، بل تمتد لتشمل اعتداءات مستوطني مستوطنتي "إيتمار" و"مخور" المقامتين على أراضي البلدة بعد السيطرة على تلك الأراضي، ويقوم المستوطنون بشكل متكرر بتنفيذ اعتداءات بحق أهالي البلدة وممتلكاتهم.