ظاهرة بيع الأدوية عبر الإنترنت تهدد صحة المغاربة

06 ابريل 2024
تتواجد الصيدليات في كل مكان بالمغرب (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المغرب يحارب بيع الأدوية عبر الإنترنت لحماية صحة المواطنين، مع تنامي الظاهرة وتحذيرات من هيئات الصيادلة. السلطات تنفذ حملات للقبض على المروجين للأدوية المهربة ومجهولة المصدر.
- القانون المغربي يقصر بيع الأدوية على الصيدليات فقط، مع عقوبات للمخالفين تشمل السجن وغرامات مالية. يواجه المغرب تحديات التهريب والتزوير، خصوصًا في المناطق الحدودية.
- تشديد المراقبة وتطبيق القوانين بصرامة من خلال التنسيق بين النقابات والسلطات، مع التأكيد على أهمية التوعية بأخطار الأدوية المزورة وضرورة التغطية الصحية لضمان الحصول على علاجات آمنة.

يخوض المغرب حرباً مفتوحة على ظاهرة بيع الأدوية عبر الإنترنت نتيجة ما تشكله من خطورة على صحة المواطنين، وما تفرضه من تحديات لها علاقة بالأمن الصحي.

تحذر هيئات ونقابات الصيادلة في المغرب من تنامي ظاهرة بيع الأدوية عبر الإنترنت، في حين تعمل السلطات على مواجهة هذه الظاهرة من خلال حملات أمنية على المشتبه في ترويجهم الأدوية المهربة ومجهولة المصدر، كان آخرها في 30 مارس/ آذار الماضي، وجرى خلالها القبض على شخص يشتبه في تورطه بحيازة وترويج مواد صيدلانية مهربة.
وقالت مصالح الأمن الوطني المغربية إنها رصدت إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، تعرض للبيع منتجات صيدلية مهربة بهدف استعمالها في زيادة الوزن، وأسفرت الأبحاث والتحريات عن تحديد هوية المتورط في نشر هذه الإعلانات، قبل أن يتم توقيفه بمدينة مراكش، والعثور بحوزته على 12 ألفا و420 حقنة وقرصا طبيا مهربا، وتم إخضاع المشتبه فيه الموقوف لتدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث القضائي الذي يجرى تحت إشراف النيابة العامة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات القضية، وتحديد كافة الامتدادات المحتملة لهذا النشاط الإجرامي.

ورغم الإجراءات والقوانين التي وضعتها البلاد من أجل حماية سوق الدواء، إلا أن ثمة منافذ مفتوحة أمام التهريب، خاصة في المنطقة الجنوبية والمنطقة الشرقية، ومدينتي سبتة ومليلة، حيث يمكن تغيير ملصقات العلب وتغيير تاريخ الصلاحية.
ويعد القانون المغربي رقم 04 -17 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة، وهو يحدد المسلك القانوني الذي يجب أن تمر منه الأدوية، ويؤكد أنه لا يمكن أن تباع سوى داخل الصيدليات بشكل حصري، وتنص المادة 55 من القانون على أن أماكن مزاولة مهنة الصيدلة هي الصيدليات ومخازن الأدوية بالمصحات والمؤسسات الصيدلية، في حين لا يمكن وفق المادة 19 من ذات القانون، القيام بصناعة الأدوية أو استيرادها وتصديرها أو بيعها بالجملة إلا من طرف المؤسسات الصيدلية، والتي يقصد بها "كل مؤسسة تتوفر على موقع للصنع، وتقوم بعمليات صنع الأدوية، واستيرادها وتصديرها وبيعها بالجملة، وعند الاقتضاء، توزيعها بالجملة".
ويعاقب القانون من يثبت تورطه في ممارسة مهنة الصيدلة بشكل غير قانوني بالسجن من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات، وغرامة مالية، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وبحسب الكاتب العام لـ"كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب"، أمين بوزوبع، فإن أي دواء خارج المسلك القانوني أي الصيدليات، يدخل في إطار وحكم الأدوية المهربة أو التي لا تتوفر على المادة الفاعلة، معتبراً أن كل ما يتداول من منتجات عبر شبكة الإنترنت عبارة عن مواد مهربة أو مزورة بموجب التعريف الدولي.

بيع الأدوية خارج الصيدليات مجرم في المغرب (Getty)
بيع الأدوية خارج الصيدليات مجرّم في المغرب (Getty)

ويوضح بوزوبع، لـ"العربي الجديد"، أنه "بين الفينة والأخرى، يتم على المستوى الوطني رصد الأدوية التي يتم بيعها عبر الإنترنت من قبل النيابة العامة، ويتم اعتقال الشبكات العاملة في هذا المجال، كما تنصب (كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب) نفسها طرفاً مدنياً في متابعة الجناة بجنح انتحال صفة ممارسة مهنة الصيدلة وفق مقتضيات مدونة الدواء والصيدلة المغربية. مروجو تلك الأدوية يقدمون أنفسهم كخبراء، وينتحلون صفة صيدلاني، أو يمارسون التدليس عن طريق نشر معلومات غير صحيحة لإغراء الناس بالشراء".
ويلفت إلى أن ظاهرة تهريب الأدوية عالمية، لكن الإشكال في المغرب يتمثل في تزايد معدلاتها خلال الفترة الأخيرة، ما دفعنا إلى التنسيق مع الجهات المعنية لتشديد المراقبة على الشبكات الإجرامية. ويضيف: "عملية بيع الأدوية على الإنترنت لم تتم إلى حد الساعة محاصرتها بشكل جيد، والأمر يحتاج إلى عقوبات قوية تجعل منها موضوع رأي عام وطني".
بدوره، يرى الخبير في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، أنه رغم محدودية  انتشار تجارة الأدوية المزورة أو الفاسدة في المغرب، إلا أنها تمس بسلامة المواطنين، مرجعاً محدودية تلك التجارة إلى كون عدد الصيدليات في المغرب ( 12 ألف صيدلية) هو ضعف المتطلبات وفق معايير منظمة الصحة العالمية، كما أنها متواجدة في كل مكان، وتغطي جميع أنحاء البلاد، ما يساهم في دفع الناس إلى اقتناء الدواء من الصيدليات.

ويلفت حمضي، استناداً إلى معطيات منظمة الصحة العالمية، إلى أن "90 في المائة من عمليات شراء الأدوية عبر الإنترنت فيها تدليس، ومن ضمنها 50 في المائة أدوية مزورة، وكثيراً ما لا يصل الدواء". ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "الأدوية المتداولة خارج المسلك القانوني تحمل أضراراً كبيرة على صحة المواطنين، وقد تودي بحياتهم من جراء تحولها إلى سموم نتيجة عدم اتباع الطرق الضرورية في التخزين والتوزيع، وإقبال البعض على تلك الأدوية يرجع إلى أسعارها الرخيصة من جهة وأيضا إلى رغبتهم في الحصول على علاجات لأمراض مستعصية، إذ يتم الترويج لتلك الأدوية على أنها فعالة، في حين ينبغي تعميم التغطية الصحية كي يكون كل مغربي قادرا على اقتناء الأدوية، وتوعية المواطنين بالأخطار، ووضع قوانين صارمة تجرم بيع الأدوية عبر الإنترنت".

المساهمون