اختتم مؤتمر "عودة اللاجئين السوريين"، الذي نظمه النظام السوري بمشاركة روسيا، أعماله في دمشق، أمس الخميس، بتأكيد الجهود التي يبذلها الجانبان لتأمين عودة اللاجئين، وجاهزية النظام لاستقبالهم، في وقت تشير فيه التقارير الواردة من دمشق إلى ازدحام يومي شديد للمواطنين أمام إدارة الهجرة والجوازات في محاولة منهم لاستخراج جواز سفر ومغادرة البلاد، التي يقولون إنها لم تعد صالحة للعيش بسبب فقدان الخدمات الأساسية وتردي الأحوال المعيشية والأمنية.
وفي البيان الختامي للمؤتمر اتهمت الهيئتان التنسيقيتان السورية والروسية، حول عودة اللاجئين والمهجرين السوريين، الدول الغربية باتباع سياسات العقوبات على النظام السوري بهدف "إطالة أمد الأزمة وعرقلة عودة اللاجئين إلى وطنهم".
وقال البيان إنّ اللجنتين بحثتا "الخطوات اللازمة للمساعدة في إعادة الحياة الطبيعية في البلاد حيث شدد الجانب الروسي على مواصلة تقديم بلاده كل دعم ممكن للشعب السوري".
وجاء في البيان أنه "تم عقد 33 لقاء مشتركاً بين ممثلي الجانبين وإجراء حوار مباشر ومعمق حول مجموعة واسعة من اتجاهات التعاون المتبادل بما في ذلك إشراك الأقاليم الروسية والشركات الخاصة، لإعادة بناء مرافق البنية التحتية والإنتاج الصناعي والزراعي"، كذلك جرى الاتفاق على "تعليم الطلاب السوريين مجاناً في مؤسسات التعليم الروسية بالاختصاصات المطلوبة".
وتابع البيان أنه "من أجل الحفاظ على الظروف المواتية لعودة اللاجئين إلى أماكن إقامتهم قبل الحرب، تنفذ الحكومة السورية مجموعة إجراءات لخلق فرص عمل جديدة للمواطنين السوريين، إضافة إلى مواصلة القيادة السورية العمل على العفو عن الأشخاص المدانين بجرائم إرهابية باستثناء الحالات التي أدت إلى مقتل أشخاص"، مشيراً إلى المرسوم الذي أصدره رئيس النظام بشار الأسد في 30 إبريل/نيسان الماضي بهذا الخصوص.
عودة 6 ملايين لاجئ ونازح!
وزعم البيان أنّ "مؤتمر بروكسل"، الذي عقد في 9 و10 مايو/أيار الماضي، خصّص "موارد مالية ضخمة للمعارضة والمنظمات غير الحكومية التي تهيمن الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عليها"، معتبراً أنّ "هذه السياسة قصيرة النظر من قبل الغرب أدت إلى أزمة واسعة النطاق في بلاد اللجوء بما فيها لبنان".
وتطرّق البيان إلى المساعدات الدولية العابرة للحدود، معتبراً أنّ الآلية المتبعة حتى الآن "غير مناسبة وتطيل أمد الأزمة السورية".
من جهته، زعم رئيس الهيئة التنسيقية الوزارية من جانب النظام وزير الإدارة المحلية والبيئة، حسين مخلوف، أنّ عودة اللاجئين أولوية لنظامه، مضيفاً أنّ عدد العائدين إلى منازلهم بلغ منذ عام 2018 أكثر من 2.5 مليون ليصبح عدد العائدين داخلياً منذ بداية الحرب في سورية 2011 أكثر من 5 ملايين والعائدين من الخارج أكثر من مليون، وفق زعمه.
وحول الخطوات التي اتخذها النظام لتشجيع اللاجئين على العودة، تحدث مخلوف عن مرسوم العفو الأخير الصادر عن رئيس النظام "الذي يستفيد منه الآلاف في الداخل والخارج ما يمكنهم من العودة فوراً من دون أي مساءلة أو مراجعة لأي جهة"، لافتاً إلى "استمرار عمليات المصالحة الوطنية حيث تمت تسوية أوضاع 314612 شخصاً في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء ودير الزور والرقة وحلب وريف دمشق وحمص الأمر الذي سهل عودة هؤلاء لممارسة نشاطهم المتنوع، وأسهم كذلك في تنشيط وانسياب المحاصيل الزراعية والمنتجات بين مختلف المناطق السورية".
أما المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سورية عمران رضا، فقد شكر النظام السوري لالتزامه "بالإصلاحات الإدارية والقانونية ومراجعة احتياجات العائدين وتسهيل تسجيلهم في السجل المدني وإعطاء الوثائق المهمة للوصول إلى حقهم في التعليم".
وأكد رضا استعداد الأمم المتحدة لتقديم المساعدة الفنية والدعم لتسهيل عودة اللاجئين، موضحاً أنّ مفوضية شؤون اللاجئين سجلت عودة 320 ألف سوري من دول الجوار، وهو رقم أقل بكثير مما ذكره النظام السوري.
تدافع أمام إدارة الهجرة
وخلافاً لهذه التصريحات الدعائية، كما يصفها المراقبون، تشهد دوائر الهجرة والجوازات في مختلف المحافظات السورية، وخاصة العاصمة دمشق ازدحاماً شديداً للمراجعين الذي يسعون للحصول على جواز سفر بهدف مغادرة البلاد، بعد فقدان مقومات الحياة الرئيسية فيها.
وذكر شخص مقيم في دمشق، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد" أنّ مئات المراجعين يتكدسون يومياً منذ الصباح الباكر، وقبل طلوع الشمس أمام إدارة الهجرة والجوازات في دمشق، وذلك بعد القرار الصادر أخيراً عن النظام والذي يسمح باستخراج جواز سفر "مستعجل" من دون أي شروط، بعد أن رفع الرسوم لتصل إلى أكثر من 300 ألف ليرة سورية لكل جواز سفر مستعجل.
وأوضح أنه وبالرغم من رفع السعر إلا أنّ السماسرة وضباط الجوازات يعمدون إلى اختلاق الازدحام بهدف تقاضي رشى إضافية من المراجعين، بما قد يرفع تكلفة استخراج الجواز إلى أكثر من ألف دولار أميركي، بينما رسم النظام لا يتعدى 25 دولاراً.