طلّاب غزة يُؤجلون دراستهم

21 ديسمبر 2020
قبل الدخول إلى الصف (محمد الحجار)
+ الخط -

أعلنت الحملة الوطنية للمطالبة بتخفيض الرسوم الجامعية في قطاع غزة أن 35 في المائة من الطلاب في القطاع أرجأوا دراستهم في الجامعات لأسباب اقتصادية، في ظل عدم تخفيض بعض الجامعات الرسوم. وأَضافت أن الكثير من الطلاب في الأعوام الأولى، وآخرين في الثانية والثالثة، اتخذوا قراراً بإرجاء دراستهم رغم اقتراب نهاية الفصل الدراسي الأول 2020/2021.
لم يُلاحظ الكثير من الطلاب أي تخفيض في الرسوم الجامعية كما طالب عدد من الحملات الوطنية والأحزاب الفلسطينية هذا العام، والذين تلقوا وعوداً من إدارات الجامعات في القطاع  لدراسة موضوع  تخفيض الرسوم. ومع اشتداد الأزمات الاقتصادية وتفشي جائحة كورونا، والاعتماد على التعليم الإلكتروني باستثناء دوام محدود على مدار شهرين، يواجه عدد كبير من الطلاب غموضاً في المستقبل الدراسي الجامعي.
الشقيقان إياد عمر (19 عاماً) الذي يدرس الهندسة المعمارية - السنة الثانية، ومهند عمر (21 عاماً) ويدرس تخصص التحاليل الطبية والمخبرية - السنة الثالثة، اضطرا إلى تأجيل الفصل الدراسي الحالي رغم محاولتهما تأمين نصف الرسوم الدراسية التي تتيح لهما تقديم الاختبارات النصفية والنهائية. اختار الشقيقان التأجيل حتى تتمكن شقيقتهما الأكبر من التخرج من كلية طب الأسنان هذا العام، وخصوصاً أن والدهم عاجز عن تأمين الرسوم الجامعية لأبنائه الثلاثة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، هو الذي اضطرّ إلى إغلاق محله الذي كان يبيع فيه الأجهزة الكهربائية هذا العام. وبالتالي، لا يعرف بعد إذا ما سيكون قادراً على تدبر المال للعام الدراسي الجديد. 

الصورة
طلاب في غزة 2 (محمد الحجار)

يقول مهند عمر لـ "العربي الجديد: "أنا وخمسة طلاب من القسم نفسه الذي أدرس فيه اخترنا إرجاء دراسة هذا الفصل، ولا نعرف مصير عودتنا للدراسة". يضيف: "ندرس ونعي تماماً أنه يمكن أن ننتظر سنوات حتى نتوظف. وفي الوقت الحالي، بدأ مستقبلنا يُدمّر قبل التخرج". 
العديد من الإجراءات التي اتخذتها جامعات قطاع غزة هذا العام اعتبرها منسق الحملة الوطنية لتخفيض الرسوم الجامعية إبراهيم الغندور "تعسفية"، خصوصاً أنها أقدمت على إغلاق الصفحات الإلكترونية وحجب علامات الطلاب ليضطروا إلى دفع الرسوم. كذلك، سبق وأن منعت عدداً من الطلاب من تقديم الاختبارات إلى حين تسديد الأقساط. في المقابل، تبرر الجامعات الأمر بالقول إنها تعاني من أزمات مالية متلاحقة منذ عامين. ونتيجة لذلك، تضغط على الطلاب لضرورة الإيفاء بالتزاماتهم المالية المتراكمة عليهم، في وقت يعاني غالبية سكان القطاع ظروفاً مالية ومعيشية صعبة للغاية تفاقمت مع الظروف الحالية.

الصورة
طلاب في غزة 3 (محمد الحجار)

يقول الغندور لـ "العربي الجديد" إن 35 في المائة من طلاب جامعات غزة أرجأوا دراستهم، و35 إلى 40 في المائة من خريجي الثانوية عام 2019، لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة نتيجة لصعوبة الأوضاع المالية لعائلاتهم. "للأسف، الجامعات تلقي اللوم على الطلاب، وهم الحلقة الأضعف. في المقابل، لا يوجد دعم من الحكومة للجامعات في غزة نتيجة الانقسام الفلسطيني".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ويشير الغندور إلى أن معظم الجامعات تطلب دفع رسوم الحد الأدنى بواقع 12 ساعة دراسية، رغم اعتماد التعليم الإلكتروني الذي يخفف من أعباء الجامعة والتكاليف، علماً أن الكثير من الجامعات حول العالم خفضت كلفة التعليم الجامعي لأكثر من 30 في المائة.
إلى ذلك، واجهت الطالبة شيرين حامد (22 عاماً) ظروفاً اقتصادية صعبة هذا العام مع أسرتها، واستطاعت تأمين مبلغ بسيط لدفع رسوم الفصل في العام الرابع من تخصصها في مجال التمريض. إلا أن الجامعة لم تسجل لها ساعات الدراسة، حتى أنها لاحظت إغلاق المنصة التعليمية وعدم فتحها إلا في حال سداد الرسوم الجامعية. لذلك، اضطرت إلى تأجيل دراستها لأن والدها أصبح عاطلاً عن العمل منذ عام.

الصورة
طلاب في غزة 4 (محمد الحجار)

تدرس حامد في جامعة الأزهر في مدينة غزة. كانت تفضل الدراسة في جامعة حكومية لدفع رسوم أقل بالمقارنة مع الجامعات الخاصة الأخرى، إلا أن تخصص التمريض غير موجود في جامعة الأقصى الحكومية. أمر دفع والدها إلى الاستدانة مرات كثيرة لتسديد الرسوم الجامعية. لكن الظروف الاقتصادية كانت أكثر صعوبة هذا العام، مشيرة إلى أنها قد تعود إلى الجامعة بعد عام. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

الظروف الصعبة شملت أيضاً الطالب جمال النبيه (20 عاماً)؛ على الرغم من حصوله على معدل 89 في المائة خلال دراسته الهندسة الزراعية في العام الأول، إلا أنه لم يحصل على منحة محلية أو أي تخفيض للرسوم الجامعية للنصف، والتي عادة ما تُخصّص للطلاب الاوائل على الدفعات. في النتيجة، اضطرّ إلى إرجاء دراسته لأنه عاجز عن سداد الرسوم وتأمين بدل المواصلات من وإلى الجامعة. ويقول لـ "العربي الجديد: "لطالما حلمت أن أدرس على حسابي الشخصي وأخفف عن أسرتي المصاريف الجامعية. لكن الواقع صعب وما من فرص للمستقبل. كلها أحلام تذهب عندما ننظر إلى الواقع. كورونا جعل الحياة والتعليم يتوقفان".  

المساهمون