يتابع كثير من تلاميذ نهاية المرحلة الثانوية (التوجيهي) في فلسطين ملخصات تعدها وتنشرها الشابة الفلسطينية زينة الخزندار على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، كونها تسهل عليهم متابعة الدروس، وتختصر الجهد في ظل الضغوط الكثيرة التي يواجهونها، خصوصاً تلاميذ قطاع غزة غير القادرين على دفع كلفة الدروس الخصوصية، الذين لا تتوفر لهم الظروف المناسبة للدراسة.
تواصل زينة عماد الخزندار (20 سنة)، هذه المبادرة للعام الثالث على التوالي، على الرغم من كونها طالبة في السنة الثالثة بكلية الطب البشري في الجامعة الإسلامية، وفي الوقت ذاته أطلقت مشروعها لتصميم أزياء الطواقم الطبية بطريقة معاصرة وبيعها.
تقوم الخزندار قبل إعداد الملخصات بقراءة المادة بتمعن، وبعد فهمها تقوم بتلخيصها وتنسيقها، بحيث لا تفتقد المعلومات الأساسية، ثم تصميم ملخصات لكل فصل في المادة، وشرح بعض المعادلات العلمية بإضافة رسوم أو أشكال هندسية.
زاد تميز ملخصاتها عدد متابعيها على مواقع التواصل الاجتماعي، ليبلغ أكثر من 36 ألف متابع، من بينهم نحو 80 في المائة من تلاميذ الثانوية العامة، فضلاً عن طلبة تخصصات طبية.
تقول زينة لـ"العربي الجديد": "أواصل منذ ثلاث سنوات تجهيز الملخصات لتلاميذ التوجيهي، وأتلقى الكثير من استفسارات التلاميذ، وأتفاعل مع معاناتهم في الدراسة التي تعود إلى اعتبارات خاصة في مجتمعنا وظروفنا في قطاع غزة، وكثيراً ما أتلقى رسائل من تلاميذ يبكون لعدم استطاعتهم متابعة الدراسة نتيجة تكدس المنهج، وقد ساهمت ملخصاتي بالتخفيف عن بعضهم، وبفهم كثيرين الدروس الصعبة، كما بدأت خلال العام الحالي، وبالتعاون مع طلاب آخرين في كليات المهن الطبية، إعداد تلخيصات جذبت طلاب الكليات الطبية".
وفي محاولة لتطوير المبادرة، نظمت زينة حملة لنقل ملخصات و"ملازم" تحتوي على أسئلة وأجوبة إلى التلاميذ من أجل مساعدتهم من خلال عمل جدول بالمساهمين، وطرق التواصل معهم، وتعاونت مع وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، في إطلاق مبادرة تسجيل مادة اللغة الإنكليزية بصوتها للطلبة المكفوفين في المرحلة الثانوية.
تتلقى الخزندار استفسارات كثيرة حول قدرتها على توفيق الوقت بين دراستها وإعداد الملخصات ومشروعها الخاص، وتؤكد أن دراستها الجامعية تأتي على رأس أولوياتها، ثم يأتي عملها في المشروع والملخصات.
كانت الخزندار من بين قلة من تلاميذ فلسطين الذين حصلوا على معدل 100 في المائة في الصف الحادي عشر، وحصلت في سنة "التوجيهي" على معدل 99.3 في المائة، والمرتبة الأولى على محافظة خان يونس في القسم العلمي، وكان تتويجها في محافظتها أكثر لحظات عمرها سعادة، بحسب قولها، ثم قررت دراسة الطب اقتداءً بعمها الطبيب علاء الخزندار، والذي كان حينها رئيس قسم المخ والأعصاب في مجمع ناصر الطبي بخان يونس، وتوفّيَ بعد شهرين من بداية عامها الدراسي الأول الذي حصلت فيه على منحة الرئاسة الفلسطينية لدراسة الطب.
تتذكر زينة كيف كانت تشاهد على موقع "يوتيوب"، خلال المرحلة الإعدادية، فيديوهات توضح كيفية إجراء العمليات الجراحية، والتي كانت بداية مبكرة لتطلعها لدراسة الطب.
في شهر يوليو/ تموز 2022، كانت بداية انطلاق مشروع أزياء الطواقم الطبية، والذي قامت من خلاله بإضافة مطرزات صغيرة على الزي الطبي، غالبيتها نقوش وتطريزات فلسطينية، وتسويقه عبر صفحة خاصة على موقع "فيسبوك"، وقد حصلت على دعم من أسرتها في التسويق واختيار أنواع الأقمشة والخامات.
استطاعت زينة تسويق منتجاتها داخل قطاع غزة، ثم بدأت تلبية طلبات زبائن في الضفة الغربية، وفلسطينيين يدرسون في مصر وتركيا، لكنها تواجه صعوبات في توفير مكان لإتمام عملها في مدينة غزة، إذ تقوم بتصميم الأزياء في مصنع للملابس الجاهزة، وتقوم بتطريز الرسوم والأسماء في كلية التدريب المهني من أجل الاستفادة من الأيدي العاملة المتاحة.
تقول: "عودتي للتطريز كانت صعبة لأنها تذكرني بجدتي التي تعلمت منها التطريز، لكن الفكرة جاءت من حاجتي لزي طبي يلائمني، ويكون فيه ما يميزني، وتساعدني والدتي في تنظيم العملي، وحين يكون المنافسون أكثر قوة، فإن التركيز على جودة المنتجات يتيح القدرة على المنافسة".
وتسعى زينة لمواصلة مبادرة الملخصات لدعم أكبر عدد ممكن من التلاميذ، وتطوير مشروعها ليتجاوز تسويقه قطاع غزة إلى كثير من دول العالم، ودراسياً، ترغب في التخصص في مجال الأورام، لأنها تريد مساعدة مرضى السرطان، خصوصاً المصابات بسرطان الثدي.