عباس مظلوم، اسم جديد يُضاف إلى ضحايا انفجار مرفأ بيروت، بعدما فارق الحياة متأثراً بالإصابة التي تعرّض لها في الرابع من أغسطس/آب 2020 والتي حوّلت أيامه منذ ذاك التاريخ إلى مسيرة علاجٍ طويلة، انتهت اليوم الأربعاء.
وتعرّض عباس، من جراء انفجار المرفأ، لإصابة في فقرة في ظهره أقعدته على كرسي متحرّك، بينما كان يعمل في مطعم بالعاصمة بيروت ليؤمن لقمة العيش لزوجته وأولاده الخمسة لحظة وقوع المجزرة التي أسفرت عن سقوط أكثر من مئتي قتيل وآلاف الجرحى.
ولازم عباس منذ الرابع من أغسطس الفراش، وتنقّل من مستشفى إلى آخر وخاض رحلات طويلة مع العلاج الفيزيائي وهو يعلم أن لا أمل لديه بالسير مجدداً، لكنه كان يحلم بالعودة إلى العمل واستعادة جزءٍ من حياته، متحدياً الصعوبات والمعاناة ولو على كرسيه المتحرّك، بيد أن قلبه غدره وتوقف.
وأشارت رئيسة اتحاد المقعدين في لبنان، سيلفانا اللقيس، في اتصال مع "العربي الجديد" إلى أننا "علمنا بعد المتابعة مع أفرادٍ من عائلته، أنه توفي صباح اليوم من جراء سكتة قلبية أُصيب بها، وسيوارى الثرى بعد الظهر في مسقط رأسه في جبانة بلدة حورتعلا".
وقالت سيلفانا: "فوجئنا بخبر وفاة عباس، لأنّ وضعه الصحي كان جيداً، لذلك سارعنا إلى التواصل مع عائلته للتحقق من الأمر. المسؤول عن وفاته بسكتة قلبية، هو من تسبّب بالانفجار، وذلك نتيجة معاناته وقهره وفقدانه عمله، هو الذي يعيل زوجة و5 أولاد تحت سن العاشرة وإهمال الدولة لوضعه وعلاجه الذي تكفّل به أهله والجمعيات".
وأشارت إلى أنه "تبيّن، منذ فترة، أنّ العملية الأولى التي أُجريت لعباس مباشرة بعد الانفجار، حصل فيها خطأ وهناك حاجة لعملية جديدة خضع لها وكانت ناجحة، بيد أنه رحل اليوم نتيجة سكتة قلبية". ولفتت إلى أنه ثاني شخص نفقده من المجموعة، بعد وفاة ابراهيم مصطفى حرب، في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
وقالت سيلفانا: "نتابع وضع 20 شخصاً من جرحى التفجير. وإصاباتهم ليست سهلة أبداً وهي مختلفة. فمنهم من أصبح على الكرسي المتحرك، ومنهم من تعرّضت أعضاء من جسدهم للبتر، وآخرون فقدوا أعينهم وسمعهم وبعضهم يعاني من كسور في الوجه وهذه الإصابات، تتطلّب رحلة علاج طويلة ومكلفة جداً، بينما الدولة لا تقوم بأبسط واجباتها في تأمين العلاج والدواء والتأهيل والتعويض عليهم".
وتحدّثت سيلفانا عن مشاركات عباس الذي "مات مظلوماً" على حدّ تعبيرها في التحرّكات التي تنفذ لرفع الصوت والمطالبة بالعدالة والحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن التفجير، وكرّرت الدعوة لأن يأخذ التحقيق مجراه وتأييد المحقق العدلي، القاضي طارق البيطار.
وظهر عباس في مقابلة مع موقع "النهار" اللبناني، بمناسبة مرور سنة على الانفجار وهو يتمنى التخلّص من الوجع، واستئناف عمله والاختلاط مع الناس من جديد، مؤكداً عدم ممانعته الرحيل من لبنان بلا عودة إذا أُتيحت له الفرصة، إذ لم يعد يربطه شيء ببلده، لا سيما بعد الانفجار.
ودائماً ما كان عباس يردّد "الله يبعد عنّا الحاكم والحكيم"، مؤكداً أنه يريد العدالة والحق لكنه في المقابل فقد ثقته تماماً بوجود قضاء عادل، ربطاً بأنّ أي اغتيال أو جريمة حصلت في لبنان لم تُكشف الحقيقة فيها ولم يُحاسب أي مسؤول عنها.
وتتزامن وفاة عباس مع محاولات مكثّفة للطبقة السياسية ومن خلفها المراجع الدينية، للإطاحة بالتحقيقات ودفن الحقيقة بهدف إفلات المسؤولين من العقاب، وذلك على مرأى أهالي الضحايا والجرحى الذين ما زال كثر منهم يخوضون رحلات علاج كمظلوم، ولم يصلوا إلى مرحلة الشفاء، أقلّه الجسدية.
وفي أواخر سبتمر/أيلول، توفي ابراهيم مصطفى حرب بعد 13 شهراً من وقوع انفجار مرفأ بيروت متأثراً أيضاً بإصابته، وتزامنت وفاته كذلك مع تجميد التحقيق ومحاولة المدعى عليهم كف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، بدعاوى الردّ والنقل للارتياب المشروع.