أصبح بإمكان مجموعة من الأشخاص المُصابين بإعاقات مُختلفة، التدرب والتدريب على وسائل الدراية الإعلامية، والمعلوماتية، والسرد القصصي، من خلال مشروع "صوت ذوي الإعاقة" الذي انطلق من غزة، ويعد الأول من نوعه على مستوى المُحافظات الفلسطينية.
ويهدف المشروع النوعي، والذي اختتم مرحلته الأولى، وانطلق للتوسع من خلال مرحلته الثانية إلى تدريب الأشخاص ذوي الإعاقة، من الإعاقات المختلفة (إعاقة حركية، سمعية، بصرية) ومرضى الثلاسيميا، وذلك لتعزيز قدراتهم، وتمكينهم من التعامل مع الأجهزة الإلكترونية، ومختلف وسائل ومنصات ومواقع التواصل الاجتماعي، والتغلب على المُعوقات اليومية.
ويقول مُدير المشروع، الأستاذ المشارك في قسم اللغة الإنجليزية بالجامعة الإسلامية في غزة نظمي المصري، لـ "العربي الجديد" إن فكرة "صوت ذوي الإعاقة" تقوم على "تنمية قدرات ومهارات طلبة وخريجي الجامعات الفلسطينية من ذوي الإعاقة في قطاع غزة في مجالي المنهجيات السردية وكفاءات الدراية الإعلامية والمعلوماتية، خاصة أنهم يعيشون في سياق صراع وأزمات وتحديات شتى تواجه حوالي 2.5 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 17 عاماً، والذي يعيش فيه حوالي 50,000 فلسطيني من ذوي الإعاقة الحركية، والبصرية، والسمعية، وغيرها من الإعاقات الأخرى حسب تقديرات وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية".
واستهدف المشروع في مرحلته الأولى تدريب المدربين (TOT) وعددهم 17 شخصاً من ذوي الإعاقات المختلفة، وفي المرحلة الثانية يدرب المتدربون مجموعتين جديدتين من الإعاقات نفسها، تضم كل مجموعة 20 شخصاً، يتدربون على الإلقاء الصوتي، والدراية الإعلامية، واستخدام أجهزة الحاسوب وأجهزة الجوال، ومختلف منصات التواصل الاجتماعي.
ويسعى المشروع الذي تُنفذه الجامعة الإسلامية في غزة إلى تزويد الطلبة والخريجين من ذوي الإعاقة في جامعات فلسطين بمنهجيات السردية والدراية الإعلامية والمعلوماتية باستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة.
كما يحاول القائمون على المشروع نشر فكرته، والمُساهمة في اعتمادها من المؤسسات المختصة، وباقي المعاهِد، والجامعات، في مختلف المُحافظات الفلسطينية.
وتقول الناشطة المجتمعية في قطاع الإعاقة، غادة زملط، لـ "العربي الجديد"، إن كل شخص يحمل رسالة في حياته، و"رسالتي هي تغيير واقع الأشخاص ذوي الإعاقة والنهوض به".
وتبين غادة، والتي تُعاني من إعاقة بصرية أنها أرادت من خلال مشاركتها في مشروع "صوت ذوي الإعاقة" تنمية مهاراتها في استخدام منصات التواصل الاجتماعي كما جرى تزويدها باستراتيجيات الحضور الفعال على هذه المنصات، واستثمارها للتعبير عن التحديات والإنجازات، وتوعية المجتمع بمهارات الأشخاص ذوي الإعاقة وقدراتهم، في ظل واقع بات فيه الإعلام الرقمي يفرض سلطته على قناعاتهم واتجاهاتهم.
وتشهد قاعات التدريب حالة نشِطة لإيصال المعلومات للمُتدربين، سواء من خلال ترجمة المعلومات الصادِرة عن المُدربين الأجانب، أو من خلال ترجمة لغة الإشارة للمتدربين لضمان وصول المعلومة للفئة المُستهدفة.
وتسعى المشاركة آية كفافي إلى تطوير أدواتها الإلكترونية للمُساهمة في إيصال القضايا المُرتبطة بالأشخاص ذوي الإعاقة، والتعريف بها عبر حملات الضغط والمُناصرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما تتنوع اهتمامات باقي المُشاركين من ذوي الإعاقات المُختلفة، إذ يرغب أحدهم بالتركيز على تجارب الطعام، وأخرى على استغلال منصات مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض تجارية، أو إظهار القدرات الخاصة بالتطريز.
ومن أهم مميزات المشروع استدامة الاستثمار في إعداد مدربين محليين لنقل المهارات وتدريب آخرين، بغض النظر عن نوع الإعاقة، ونقل هذه المهارات لمؤسسات محلية أخرى، ومؤسسات مهتمة بقضايا وخدمات ذوي الإعاقة في فلسطين، سواء من خلال قدراتهم المتميزة في التدريب الوجاهي أو عبر الإنترنت، ليصبحوا نواة من الخبراء والعاملين في مجالي المنهجيات السردية والدراية الإعلامية والمعلوماتية.
ويتطلع المشروع الذي انطلقت أنشطته في شهر أكتوبر/ تشرين الأول، عام 2022 وتمتد فترة تنفيذه حتى 15 شهراً، كذلك لتطوير مهارات الفئة المستهدفة في سرد ونشر رواياتهم، وقصصهم، وتجاربهم الحياتية، وكذلك نشر المعلومات الحقيقية والمفيدة والواضحة، والتي ستكون متاحة بلغات مختلفة، وهي العربية والإنجليزية ولغة الإشارة ولغة برايل.
وخلال الشهور السبعة الماضية، تضمنت أنشطة المشروع إعداد مادة تدريب، من قبل فريق مشترك مكون من الخبير البريطاني Iain Overton ومُساعدته Sabrina Lavrt، وبالتعاون والشراكة مع فريق المشروع في غزة.
وتقدم للدورات التدريبية 196 (145 من الإناث و51 من الذكور) شخصاً من طلبة وخريجي جامعات غزة السبعة، ويعمل بعض الخريجين في مؤسسات محلية وإعلامية، وقد جرى قبول 17 (11 من الإناث و6 من الذكور) من مجموع المتقدمين للمرحلة الأولى من التدريب، و35 آخرين لمرحلة التدريب الثانية.
واختير 13 مدرباً ممن اجتازوا المعايير الخاصة باكتساب وتطبيق مهارات إعداد المدربين في المرحلة الأولى، والتي استمرت لمدة 32 ساعة، بواقع 8 ورش عمل عبر الإنترنت، وتقسيمهم الى أربعة فرق، ويجمع كل فريق أعضاء من ثلاثة مدربين من ذوي الإعاقة البصرية والسمعية والحركية، لنقل المهارات والكفاءات التي جرى اكتسابها لعد 35 من أقرانهم من ذوي الإعاقة البصرية والسمعية والحركية، داخل مختبرات حاسوب خاصة وموائمة لجميع أنواع الإعاقة، وذلك في مركز إرادة للتأهيل والتدريب المهني والأكاديمي للأشخاص ذوي الإعاقة بالجامعة الإسلامية.
ويحاول القائمون على المشروع إثبات مجموعة من القيم التربوية والاجتماعية والإنسانية، وفي مقدمتها التغلب على المسافات، واللغات، ونقل وتبادل المعارف والمهارات والخبرات، علاوة على توثيق عمليات إعداد المادة التدريبة، والتدريب ومخرجاته بطرق البحث العلمي العالمية لإعداد بحثين مشتركين من فريق المشروع، لتعزيز كفاءة الأشخاص ذوي الإعاقة في مجالي المنهجيات السردية والدراية الإعلامية والمعلوماتية.