صغار المغرب يدعمون أطفال غزة: لستم وحدكم

الرباط
avata
عادل نجدي
صحافي مغربي. مراسل العربي الجديد في المغرب.
19 ديسمبر 2023
مظاهرات في المغرب دعماً لغزة ورفضاً للتطبيع
+ الخط -

في ظل ما يعتصر قلوبهم الصغيرة من جراء المشاهد الصادمة القادمة من قطاع غزة الذي تحول إلى "مقبرة أطفال"، يحرص أطفال المغرب على التعبير عن دعمهم وتضامنهم مع أقرانهم ضد آلة الحرب الإسرائيلية بأشكال متعددة عنوانها الرئيس "لستم وحدكم".
من مدينة سلا القريبة من العاصمة الرباط، تقول جيهان إمامي إن طفلها محمد (6 سنوات) يواصل منذ الأيام الأولى للعدوان الاهتمام بما يجري في غزة، حتى إنه بات يشارك في نقاشات أفراد العائلة، ويطرح الكثير من الأسئلة عن غزة وفلسطين. مضيفة لـ"العربي الجديد": "حين قررت مدرسته تنظيم وقفة تضامنية بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، طلب مني إحضار لباس أسود مع كوفية فلسطينية أو علم فلسطين. المشاركة في تلك الوقفات تعزز مفهوم الانتماء لدى الأطفال".
تتابع إمامي: "هناك مأساة تحدث أمام أعين أطفالنا، ويتردد صداها في كل البيوت. من بين أصعب اللحظات التي مرت علينا مشهد الجد الفلسطيني الذي كان يودع حفيدته التي استشهدت، قائلاً إنها (روح الروح)، ولا يزال المشهد المؤلم عالقاً في ذهن ابني، ولا يمكن بأي حال تصور استمرار قتل وتشريد وترويع آلاف الأطفال في غزة".
لا يقتصر تضامن أطفال المغرب على فعاليات المدارس، بل يتعداه إلى المشاركة في المسيرات والوقفات الاحتجاجية التي تنظم بشكل شبه يومي في المدن، ومنها المسيرة المليونية التي نظمت في 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بالرباط، والمسيرة الحاشدة التي نظمت بمدينة الدار البيضاء، ثم الوقفة الرمزية التي نظمها أطفال في 29 أكتوبر أمام البرلمان المغربي.
يحرص الطفل زايد بنخويا (13 سنة) على الذهاب مع والده إلى التظاهرات والمسيرات التي تنظمها "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" كل يوم أربعاء وجمعة أمام مقر البرلمان المغربي، ويقول لـ"العربي الجديد": "على الجميع لفت الانتباه إلى معاناة أطفال غزة وحاجتهم إلى من يدافع عنهم في ظل ما يعانونه من جراء القصف، وما يختبرونه يومياً من مشاعر فقدان الآباء والأشقاء والعائلات والأصدقاء".

يتأثر أطفال المغرب بما يعانيه أقرانهم في غزة (العربي الجديد)
يتأثر أطفال المغرب بما يعانيه أقرانهم في غزة (العربي الجديد)

ويؤكد والده أحمد بنخويا، أن "مشاهد القصف والدمار والقتل في غزة لا يتحملها المشاهد البالغ، فما بالك بطفل بريء يصعب عليه استيعاب ما يحصل، أو لماذا يحصل، وكيف يتحمل مشاهدة أطفال في سنّه يقتلون، وآخرون يتألمون، أو يعيشون حياة التشرد. المشاهد المروعة الآتية من غزة أثرت في ابني، وبات يواجه صعوبات في النوم. طوال الأسابيع الأولى من الحرب كان دائم التساؤل عن كيف لأطفال غزة أن يعيشوا بلا مياه ولا كهرباء ولا دواء، وكيف لهم أن يخلدوا إلى النوم تحت القصف الذي لا ينقطع، وبأي ذنب يقتلون، ولماذا لا نهرع لنجدتهم؟ بات أطفالي الثلاثة يتابعون ما يحدث في قطاع غزة الذي تحول إلى مقبرة للأطفال، وأثّر ذلك سلباً فيهم، إذ باتوا يرددون كثيراً كلمات القصف والمجزرة وجرائم الإبادة والمقاومة".
وترى رئيسة جمعية "ما تقيش ولدي" (لا تلمس ولدي) نجاة أنور، أن ما يقع في غزة يحظى بمتابعة الأطفال والكبار، خصوصاً أن القضية الفلسطينية تُعَدّ أمراً مقدساً لدى المغاربة، موضحة أنه بحكم تمكن الأطفال من استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، فإنهم يتابعون ما يقع من قتل في القطاع. وتؤكد لـ"العربي الجديد"، أن "الوضع المأساوي في قطاع غزة يزرع الحزن في قلوب أطفال المغرب، ويهدم النظرة التفاؤلية التي نحاول العمل عليها من أجل خلق مستقبل مشرق، وكذلك كل ما عمل عليه المجتمع الدولي من أجل إرساء قواعد حماية حقوق الطفل، خصوصاً في مناطق النزاعات والحروب".

وتحذر الناشطة الحقوقية من التبعات النفسية للحرب في غزة على أطفال المغرب، مشيرة إلى أنه "يتعين على الأمهات والآباء الانتباه إلى ما يشاهده أطفالهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشرح القضية الفلسطينية لهم، ومنعهم من مشاهدة المشاهد المروعة التي قد تسبب لهم جروحاً نفسية غائرة".
من جهته، يؤكد الباحث في علم الاجتماع، عبد المنعم الكزان، ضرورة إبعاد الأطفال خلال السنوات العشر الأولى من حياتهم عن المشاهد المروعة، وعدم إتاحة مشاهد الحرب أمامهم لتفادي مخاطرها النفسية، أو محاولتهم تقليد المحاربين. ويقول لـ"العربي الجديد": "يتعين على الأسرة بعد تجاوز الطفل عمر 10 سنوات، وهي مرحلة بداية التمييز والرغبة في التعبير عن الذات، أن تكون صريحة في الإجابة عن أسئلته، وأن تقدم له المعلومات عما يحدث من دون إعطاء أحكام أو آراء ضماناً لعدم تشتيته، والحرص على تكريس الوعي بالقضايا الأساسية، ورفض مشاعر الكراهية والتمييز".

ذات صلة

الصورة
طفلة فلسطينية من أطفال غزة في دير البلح - 7 أغسطس 2024 (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)

مجتمع

أعلن مركز الإحصاء الفلسطيني انخفاض عدد سكان قطاع غزة بمقدار 6% مع نهاية عام 2024، بسبب استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع منذ أكثر من 14 شهراً.
الصورة
أيدي تتدفأ في دير البلح، 27 ديسمبر 2024 (مجدي فتحي/ Getty)

مجتمع

حذر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، في منشور على منصة "إكس"، من أن "أطفال غزة يتجمدون حتى الموت".
الصورة
المطران بيتسابالا في بيت لحم. 24 ديسمبر 2024 (حازم بدر/فرانس برس)

مجتمع

في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة على غزة، تحوّلت أجواء عيد الميلاد في بيت لحم والقدس إلى لحظات من الحزن والتضامن والصلوات من أجل ضحايا غزة.
الصورة
مسيحيون يتظاهرو من أجل غزة (العربي الجديد)

سياسة

احتفلت مجموعات مسيحية ويهودية ومسلمة، الأربعاء، بأعياد الميلاد بترانيم من أجل غزة وفلسطين أمام وزارة الخارجية، مطالبين بوقف إطلاق النار ووقف الإبادة.