صعوبات التعلم تتزايد بين تلاميذ تونس وتحذير من تأخر الحلول

05 ديسمبر 2022
يكاد لا يخلو صف دراسي من تلميذ يعاني من صعوبات التعلّم (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

يحذّر متخصّصون في مجال التربية من تزايد صعوبات التعلّم بين تلاميذ تونس، في ظلّ ضعف وسائل الإحاطة اللازمة بآلاف من الذين يعجزون عن مواكبة المناهج التعليمية المكثفة. وتُعَدّ صعوبات التعلّم من المفاهيم التي تُتداول حديثاً في الوسط التربوي التونسي ومن قبل الجمعيات المتخصصة، في وقت تشير فيه بيانات غير رسمية إلى أنّ ما بين 10 و12 في المائة من التلاميذ يعانون من هذا النوع من المشكلات.

وتقول رئيسة الجمعية التونسية لتكنولوجيا التربية الحديثة ياسمين الصكلي لـ"العربي الجديد" إنّ "عدد الأطفال الذين يعانون صعوبات واضطرابات في التعلّم في تزايد مستمرّ"، مشيرة إلى أنّ "اكتشاف هذه الحالات يتمّ عن طريق المدرّسين". وتؤكد الصكلي، وهي مدرّسة في المرحلة الابتدائية، "أكاد أجزم أنّ لا صفَّ في مدارس تونس من دون تلميذ أو أكثر يعانون من صعوبات التعلمّ".

وتلفت الصكلي إلى أنّ "المربّين في السابق لم يكونوا ينتبّهون لمثل هذه الحالات التي كانت تُفسَّر بضعف المقدرات الذهنية للتلاميذ. لكنّ بروز المفاهيم الجديدة، جعلت الإطار التعليمي أكثر إدراكاً بخصوصيات هذه الفئة".

وتفسّر الصكلي تنامي مخاطر صعوبات التعلّم بين التلاميذ التونسيين بـ"تأثير التغيّرات الأسرية على الأطفال، خصوصاً الخلافات بين الوالدَين وزيادة حالات الطلاق التي تخلّف مشكلات تعلّم وضعف تركيز لدى الأطفال". كذلك ترى إنّ "التحوّلات الاجتماعية المتسارعة التي تشهدها الأسر التونسية تنعكس مباشرة على سلوك الأطفال وقدرتهم على اكتساب المعارف العلمية، مؤكدة أنّ "معالجة هذا الصنف من المشكلات على المستوى الرسمي ما زالت متأخرة جداً".

وترى رئيسة الجمعية التونسية لتكنولوجيا التربية الحديثة أنّ البحوث العلمية تبيّن أنّه في الإمكان علاج صعوبات التعلّم الناجمة عن تعرّض الطفل في خلال مسيرته الدراسية إلى حادثة نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية تؤثّر على قدرته على التعلّم بسبب تراجع تركيزه. ومن المحتمل تجاوز هذه الصعوبات التي تكون ظرفيّة، بمساعدة العائلة والمدرسة والمتخصّصين النفسيّين".

وتلجأ وزارة التربية إلى معالجة صعوبات التعلّم بين التلاميذ التونسيين من خلال منشورات توجّه إلى المدّرسين تسمح لهم بتمكين التلاميذ المعنيّين بوقت إضافي لإنهاء اختباراتهم أو مرافقتهم في كتابة الدروس وقراءتها. كذلك توفّر المندوبيات الجهوية للتربية متخصّصين نفسيّين لتنظيم دورات تدريبية لمصلحة الكادر التعليمي، في ما يتعلّق بمرافقة التلاميذ الذين يشكون من صعوبات التعلّم.

لكنّ الصكلي تصف "الحلول التي توفّرها وزارة التربية بأنّها غير مجدية"، شارحة أنّ "الممارسة الميدانية لمهنتي كمدرّسة بيّنت قصوراً كبيراً في التعاطي مع الحالات التعليمية الصعبة عموماً". وتتابع أنّ "عدد المتخصّصين النفسيّين الذين توفّرهم وزارة التربية غير كافٍ لمتابعة كلّ الحالات، في ظلّ تزايد عدد التلاميذ الذين يتطلّبون الرعاية. وبالتالي فإنّ تصنيف هؤلاء الأطفال بحسب ما تقتضيه حالة كلّ واحد منهم، سواء النفسية أم الجسدية، غائب في معظم الحالات".

وبالنسبة إلى الصكلي، فإنّ "عملية التحصيل العلمي لهذه الفئة من التلاميذ ممكنة، وكثيرين منهم تمكّنوا من اجتياز امتحانات البكالوريا (الثانوية العامة) والمناظرات الوطنية بنجاح. لكنّ ذلك يتطلّب حسن التشخيص منذ البداية، ووقوف فريق من المتخصّصين إلى جانب التلميذ المعني".

تجدر الإشارة إلى أنّه في مايو/ أيار الماضي، صرّح وزير التربية فتحتي السلاوتي بأنّ وزارته تعمل على إنشاء مركز وطني مدمج يُخصَّص لمعالجة المشكلات لدى التلاميذ الذين يعانون من صعوبات التعلّم، من أجل توفير الظروف الملائمة لضمان استكمالهم المسار الدراسي في أفضل الظروف.

المساهمون