استمع إلى الملخص
- المركز الجديد يقدم أنشطة ترفيهية وتعليمية للمسنين، مما يساعدهم على تحقيق أحلامهم وزيادة الثقة بالنفس وتكوين صداقات جديدة.
- شهدت الصين إغلاق 15 ألف روضة أطفال العام الماضي، وتخطط الحكومة لإنشاء نظام وطني لرعاية المسنين بحلول 2025، مع تحديات في تحقيق توازن ديموغرافي مستدام.
تعاني الصين انخفاضا مزمنا في معدل المواليد، في مقابل ارتفاع عدد المسنين، مع دخول مئات ملايين الصينيين مرحلة الشيخوخة خلال العقود المقبلة، وفق الإحصاءات الرسمية. يترتب على ذلك إغلاق الآلاف من رياض الأطفال أبوابها في جميع أنحاء البلاد، بسبب عدم وجود عدد كافٍ من المسجّلين. بينما بدأت مؤسسات أخرى التكيف مع هذا الواقع، بينها إحدى المؤسسات في مقاطعة شانشي شمالي الصين، التي استبدلت ضحكات الأطفال بحكمة نزلاء أكثر نضجاً.
وعلى إيقاع أغنيات قديمة يتفاعل مسنّون بفرح داخل روضة الأطفال السابقة، التي تحولت إلى مركز ترفيهي للمتقاعدين لمواجهة تسارع معدلات الشيخوخة السكانية وأزمة الولادات في البلاد، وتقول مديرة الموقع لي شيولينغ (56 عاما) إن "المشكلة أصبحت واضحة بشكل خاص مع التراجع المستمر في عدد الأطفال"، موضحة "عندما أصبحت حضانة الأطفال الخاصة بي فارغة، فكّرتُ في كيفية الاستفادة منها على أفضل وجه".
دار المسنين مركز لاستعادة الشباب في الصين
وقد استضافت حضانتها منذ تأسيسها في عام 2005، ما يصل إلى 280 طفلاً، قبل أن تغلق أبوابها في العام الماضي. وأعيد افتتاح المكان في ديسمبر/كانون الأول بحلّة مختلفة تحت اسم "انطباعات الشباب"، مع تحويله مركزاً ترفيهياً للمتقاعدين. يقع في عاصمة المقاطعة تاي يوان، ويرحب بحوالى مائة شخص بالغ يرغبون في تعلّم الموسيقى والرقص وغيرهما من الأنشطة.
وتقول لي شيولينغ "الفكرة تقدمية للغاية. لقد جاؤوا لتحقيق بعض من أحلام شبابهم". فعلى سبيل المثال تشرف مدرّبة عروض أزياء على عرض نساء سرّحن شعورهنّ بعناية، ويرتدين فساتين تقليدية مع مظلات ورقية وردية. وفي حصّة أخرى، يجلس الطلاب في شكل نصف دائرة ويقرعون الطبول الأفريقية لمصاحبة أغنيات اشتراكية.
ولا تزال لي شيو لينغ، مديرة المدرسة، تقول إنها تشعر بالحنين إلى الوقت الذي كانت فيه مدرستها تعج بالأطفال المشاغبين. وتعترف قائلة "لقد كنتُ منغمسة عاطفياً للغاية في هذه المدرسة"، وذلك لدى النظر إلى الأسرّة والمكاتب المهجورة التي تحتفظ بها كتذكارات.
وتقول هي ينغ (63 عاماً)، إن مجيئها إلى المركز ساعدها في زيادة الثقة بالنفس بعد التقاعد وفي تكوين صداقات جديدة. موضحة "كان لدي انطباع بأن حياتي الثقافية كانت فقيرة للغاية، ولم يكن هناك معنى كبير لمواصلة العيش"، مضيفة "الناس هنا لا يكتفون بانتظار الشيخوخة".
وأغلق ما يقرب من 15 ألف روضة أطفال في الصين أبوابه العام الماضي، مع تراجع عدد الملتحقين بها بواقع 5.3 ملايين طفل مقارنة بعام 2022، وفق بيانات حكومية. وفي مقاطعة شانشي الصناعية، حيث يتراجع عدد السكان بشكل مطرد، كان هناك 78 ألف حالة وفاة أكثر من المواليد في العام الماضي.
ولا يزال المركز الثقافي شاهداً على ماضيه، مع أسرّته المتراصّة ومكاتبه الصغيرة على طول الجدران ذات الألوان الزاهية. واضطرت ليان شي، معلّمة رياض الأطفال السابقة التي باتت تقدّم حصصاً للمتقاعدين، إلى الاعتياد على التغيير. قائلة إن "الأطفال الصغار يصدّقون كل ما نقوله لهم، أما كبار السن... فهم يعرفون ما يريدون". موضحة "عليّ أن أفكر أكثر في كيفية التواصل معهم".
اقتصاد المسنين في الصين نحو الازدهار
ووفقا لوسائل الإعلام المحلية، نجحت مؤسسات أخرى عدة في مختلف أنحاء الصين في التحوّل من رياض أطفال إلى مرافق لتعليم المسنّين. وتشير سون لينزي، وهي طالبة تبلغ 56 عاما، إلى أن هناك "حاجة إلى جامعات لكبار السن"، قائلة "أشعر وكأنني استعدت شبابي" من خلال ارتياد المركز في تاي يوان.
في العام الماضي، شهدت الصين زيادة كبيرة في عدد كبار السن، مع ما يقرب من 17 مليون شخص إضافي تبلغ أعمارهم 60 عاماً أو أكثر، وفقاً للإحصاءات الرسمية. وتمثل هذه الفئة العمرية بالفعل أكثر من 20% من السكان، وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع لتطاول ثلث السكان تقريباً بحلول عام 2035، بحسب مجموعة "وحدة الاستخبارات الاقتصادية" Economist Intelligence Unit للأبحاث. وتخطط بكين لإنشاء نظام وطني لرعاية المسنين بحلول عام 2025، لكن البلاد تفتقر إلى دور رعاية المسنين وتعاني من فوارق مناطقية كبيرة. وسيتم تخصيص اجتماع اقتصادي كبير الأسبوع المقبل لمستقبل كبار الاقتصاديين.
وتقدّر الحكومة أن المنتجات والخدمات المقدمة لكبار السن - من السياحة الصديقة للمسنين إلى الرعاية الطبية المتقدمة - يمكن أن تصل قيمتها إلى 30 ألف مليار يوان (4130 مليار دولار) بحلول عام 2035. لكن الحكومة الصينية تناضل من أجل إنعاش معدل المواليد المنخفض، وهو أحد العوامل الرئيسية في التركيبة السكانية غير المتوازنة في البلاد.
(فرانس برس، العربي الجديد)