شهر على طرد سكان قرى المقدادية شرقي العراق: لا عودة مرتقبة ولا توقيفات لمتورطين

26 نوفمبر 2021
تقيم العائلات التي تركت قراها في مساجد ومنازل مهجورة ومخيمات (صفين حامد/ فرانس برس)
+ الخط -

للأسبوع الخامس على التوالي، تتواصل أزمة مئات العائلات العراقية التي تركت قراها في مدينة المقدادية، بمحافظة ديالى شرقي العراق، إثر هجمات انتقامية نفّذتها مليشيات مسلّحة في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد اعتداءات إرهابية طاولت المنطقة، وأعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنها.

فرّت نحو 540 عائلة من ثلاث قرى، إثر هجوم نفّذته مليشيات مسلّحة، أسفر عن عمليات إعدام ميدانية لاثني عشر مدنياً، بينهم امرأتان، في قرية نهر الإمام، بعد عمليات حرق طاولت عشرات المنازل والبساتين، فضلاً عن مركز صحي ومسجد. وتقيم تلك العائلات في مساجد ومنازل مهجورة ومخيمات في ظلّ أوضاع إنسانية سيئة للغاية، بحسب منظمات حقوقية فاعلة بالعراق.

ورغم مرور شهر كامل على الأحداث الدامية، إلّا أنّ حكومة مصطفى الكاظمي لم تتمكن من إعادة العائلات إلى قراها أو حتى القبض على المتورطين بجرائم الإعدام وحرق القرى وتهجير الأهالي، في وقت يجرى فيه الحديث عن كون هذه القرى انضمت إلى قائمة المناطق منزوعة السكّان التي تحتلها فصائل مسلّحة وتمنع أهلها من العودة إليها، على غرار مدن مثل جرف الصخر، ويثرب والعويسات والعوجة وبلدات أخرى.

واليوم الجمعة، قال مسؤول عسكري عراقي في بغداد إنّ محاولات الحكومة إعادة الأهالي إلى قراهم وعودة الحياة مجدداً إليها، تصطدم برفض فصائل مسلّحة للموضوع، أبرزها "بدر" التي تعتبر أيضاً المتورّط الأول في الهجوم على القرى وتنفيذ عمليات قتل وحرق وتهجير انتقامية، تحت غطاء الثأر العشائري.

وكشف المسؤول لـ"العربي الجديد" عن اكتمال التحقيق في الهجمات التي طاولت قرى نهر الإمام والميثاق الأولى وشوك الريم والعامرية، و"هي حالياً في مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وتؤكد تفاصيل الاعتداءات التي طاولت سكان القرى".

وتحدث عن "تأثيرات سياسية في هذا الملف تحديداً، والحكومة ترى أنه يجب حلّ هذه القضية ودياً، من خلال استرضاء القوى النافذة بالمحافظة لإعادة الأهالي".

وأضاف قائلاً: "يعني استمرار معادلة أنّ الفصائل وبعض العشائر الداعمة لها أقوى من القانون ومن القوات النظامية".

وفي وقت سابق، حمّل مرصد "أفاد" الحقوقي حكومة مصطفى الكاظمي مسؤولية عمليات انتقام واسعة نفذتها مليشيات مسلّحة بحق الأهالي بدوافع طائفية وانتقامية.

وأكد أنّ الحصيلة الأخيرة للهجمات استقرّت عند 12 ضحية وعشرات المنازل المدمّرة وتهجير مئات الأسر، مشيراً إلى أنّ قوّات الأمن "لم تكن قادرة على حماية الأهالي من هجمات المليشيات".

كمال التميمي، وهو ناشط حقوقي بارز في مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، قال، لـ"العربي الجديد"، إنّ القرى المنكوبة بفعل هجمات المليشيات ما زالت "خالية من السكان ويُمنع الدخول إليها".

وأضاف التميمي أنّ "أهالي هذه القرى ما زالوا موزّعين في مساجد بمدن خانقين وبعقوبة والكاطون وإقليم كردستان، وآخرون في منازل مهجورة، وأطفالهم لم يلتحقوا بالمدارس ويعيشون على الإعانات لأنهم فرّوا بملابسهم فقط وتمّ حرق منازلهم وكل ما يملكون".

واعتبر النائب عن البرلمان المنحلّ أحمد مظهر أنّ "استمرار صمت الحكومة وعدم تحرّكها لاعتقال المتورّطين بتلك الهجمات يعني استمرار تطور الأوضاع من سيئ إلى أسوأ".

ويضيف مظهر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هؤلاء لا يوقفهم سوى القوة، وللأسف أقول إنّ أجهزتنا الأمنية لم تصل حتى هذه اللحظة إلى القوة التي تجعلها تقوم باعتقال مثل هؤلاء"، في إشارة إلى مسلّحي الفصائل المسلحة المتورطة بالهجمات.

وأضاف أنّ "هناك مذكّرات إلقاء قبض كثيرة صدرت بحق متورّطين بجرائم سابقة، لكن للأسف حتى هذه اللحظة الكلّ يعجز عن اعتقالهم والوقوف في وجه الظلم والاستبداد".

وكشف مظهر عن وجود 11 قرية أخرى ما تزال منزوعة السكان منذ عام 2017، وتمّ تهجير أهلها بالإضافة إلى الاستحواذ على ممتلكاتهم وتجريف بساتينهم.

وأقرّت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، الثلاثاء الماضي، بأنّ عدم عودة العائلات النازحة بمحافظة ديالى إلى منازلها "يعود إلى الإجراءات الأمنية المشدّدة التي تفرضها القوات الحكومية والمليشيات في المنطقة".

وأكّدت المفوضية أنّ العائلات النازحة من قرى المقدادية لم تعد حتى الآن إلى مناطق سكناها، وأنّ هناك طوقاً أمنياً تفرضه القوات الحكومية في ديالى يقف عائقاً أمام عودة تلك العائلات.

وتعد محافظة ديالى الحدودية مع إيران واحدة من أكبر مناطق وجود المليشيات في العراق، التي سبق أن اتُهمت من قبل سياسيين ومنظمات حقوقية بارتكاب جرائم قتل وخطف وتهجير في عدد من مناطق المحافظة بما فيها المقدادية.

المساهمون