يكرّس المهندس الزراعي السوري عيد العيسى، منذ ست سنوات، جهوده وخبرته لخدمة مزارعي أبناء محافظته في إدلب، شمال غربي سورية، من خلال مبادرات توزيع شتول وورود مجانية عليهم، والتي تهدف إلى المساهمة في الحفاظ على جودة الخضار البلدية الخالية من الأمراض.
ويجمع العيسى، المهندس الزراعي الذي مارس العمل المكتبي ومهنة الزراعة منذ أن تخرج من جامعة حلب عام 1981 وكان رئيساً لنقابة المهندسين الزراعيين في إدلب، بذور الخضار من الموروث الزراعي الأفضل على صعيد الجودة، والأكثر انتاجية وقدرة على مقاومة الأمراض وتحمّل الجفاف، وذلك بعدما يختارها من أصناف عدة بهدف إعادة الأنواع المحلية إلى بيئتها الأساسية والمناسبة لها تمهيداً للحفاظ على قيمتها الغذائية ونكهتها اللذيذة. ويتطلع عبر هذه المبادرة إلى محاربة البذور المستوردة خاصة الهجينة التي تحتاج الى مواد كيمائية وتعجز عن مقاومة الأمراض، ما يجعل المستهلكين في خطر، كما يقول لـ"العربي الجديد".
ويشرح العيسى أن "الدافع الثاني لإطلاق مبادرته تجاه مزارعي إدلب هو دعم مواجهة أولئك الفقراء، العاجزين عن شراء بذور أو شتول، الأوضاع الاقتصادية المتردية في المنطقة، ومحاولة خلق فرص عمل في المنطقة".
ويوضح أن مشروعه لاقى قبولاً جيداً في السنة الأولى لإطلاقه، حين وزع 200 ألف شتلة خضار صيفية، بينها البندورة والباذنجان والفليفلة، ويقول: "لمس المزارعون مضاعفة هذه الشتول الإنتاج، ما جعلهم يقبلون على زرع أكثر من 500 ألف منها في السنة الثانية، ثم تجاوز عدد الشتول المليون في السنة الثالثة. والعام الماضي، وصلت المبادرة إلى أعلى رقم على صعيد عدد الشتول الموزعة، وهو مليون و750 ألف شتلة، وكان طموحي أن أوزع هذا العام أكثر من مليوني شتلة، لكن العاصفة الهوائية ألحقت أضراراً بالمزروعات، فاكتفيت بتوزيع مليون و250 ألف شتلة، بينها لخضار شتوية مثل السلق والسبانخ والخس".
ويعيش عيد العيسى مع عائلته في خيمة كبيرة جميلة تفوح منها رائحة الأزهار والورود المحيطة بها في قرية عرب سعيد ،غرب مدينة إدلب، وذلك بعدما تهجّر من مسقط رأسه في قرية رأس العين بريف سراقب الشرقي. وأفراد عائلته هم المساعدون الوحيدون له في مبادراته، وبينهم ثمانية أولاد من المغتربين في دول أوروبية وعربية.
وعلى صعيد العناية بالشتول، يتلقى العيسى مساعدة من زوجتيه وأولاده الذين يعيشون معه، أما التكاليف المادية للمشروع فيوفرها من خلال تخصيص جزء من المبلغ الذي يرسله له أولاده المغتربون من أجل مساعدته في معيشته.
ويطمح العيسى إلى تأمين شتول بلدية تكفي المزارعين، تمهيداً لوقف استيراد أي بذور من الخارج، خاصة الهجينة، رغم أن إنتاجها الزراعي عالٍ. وأضاف على مشروعه هذا العام توزيع نباتات للزينة وورود بلدية على سكان الخيام، والتي يتمنى زرع واحدة منها أمام كل خيمة كي تترسّخ في الأرض، وتعطي الأمل لسكان المخيمات.