شباب درعا الممتنعون عن الخدمة العسكرية تحت التهديد بعد انتهاء المهلة

05 ابريل 2022
يفضل الشباب الهجرة على التجنيد الإلزامي (سام الحريري/فرانس برس)
+ الخط -

انتهت المُهلة التي منحها النظام السوري لشباب درعا في جنوب سورية، للالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية، ما يجعلهم تحت خطر الاعتقال للخدمة في القوات النظامية أو محاولة المغادرة بشكل غير قانوني.

ويمتنع كثير من السوريين عن الخدمة العسكرية، إما لأسباب لها علاقة بالصراع الدائر أو بسبب ظروف الاشتغال المرتبطة بها. 

يعيش زياد برم (24 عاما)، مقيم في درعا، اليوم حالة من القلق الشديد، فقد مر عام التأجيل عن الخدمة العسكرية الإلزامية، الذي منحه النظام لشباب درعا المتخلفين عن الخدمة الإجبارية أو الاحتياطية سريعاً دون أن يتمكن من السفر بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، بحسب حديثه مع "العربي الجديد".

ويضيف، "ليست لدي أي قناعة بأن الخدمة العسكرية واجبة، بل إنها عملية إذلال وقهر، فالجنود وخاصة ممن هم من المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام وطالبت بالحرية والكرامة يعاملون معاملة انتقامية، عبر تحميلهم أعمال السخرة والحراسة وحرمانهم من الإجازات بذريعة امتناعهم عن الخدمة لسنوات". 

ويتابع "كثير من العائلات باعوا سياراتهم أو أراضيهم وحتى منازلهم العام الماضي، من أجل تأمين سفر أبنائهم إلى لبنان أو كردستان العراق أو الإمارات العربية والتي لا تقل عن ألفي دولار أميركي وهو مبلغ كبير بالنسبة لغالبية السوريين، ومن كانت أوضاعهم المالية أفضل أرسلوا أبناءهم إلى دول اللجوء في أوروبا حيث تصل التكلفة إلى 12-16 ألف دولار أميركي (سعر صرف الدولار الأميركي الواحد نحو 3800 ليرة سورية)، لكن أمثالي عائلاتهم ليس لديها شيء لتبيعه ولا أخ في دول اللجوء أو المغتربات ليدعمه، لا أملك فرصة للخروج والنجاة من هذا البلد، ولا ندري ما قد تحمله لنا الأيام المقبلة". 

ولا يملك كثير من شباب درعا المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية والذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 -36 عاما، الكثير من الخيارات، بحسب مازن، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب خاصة، قائلا لـ"العربي الجديد"، "إذا كان الموت قدراً فأنا أفضل الموت في بلدتي، ولن أخرج منها إلا وأنا جثة هامدة، والخدمة العسكرية في صفوف من دمّر منازلنا وحاصرنا وقتل أهلنا، مرفوضة، ليس لدي فقط بل لدى غالبية المجتمع، ومن يذهب للتطوع مع القوات النظامية والمليشيات هم أصحاب غايات، ويبحثون عن غطاء لأعمالهم". 

وأضاف "المجتمع يدعم امتناع الشباب عن الخدمة العسكرية، خاصة أن النظام يأخذهم لمواجهة أشقائهم ورفاق السلاح في شمال سورية، وفي النهاية هو الرابح بقتلنا لبعضنا البعض". 

ولفت إلى أن "حاله لا يختلف عن حال كثير من الشباب، ممن لن يتمكنوا خلال الفترة المقبلة من التنقل بسبب انتشار الحواجز الأمنية التابعة للنظام، لذلك سنكون محاصرين في بلداتنا بلا عمل، وتحت تهديد دائم من أن نستهدف من قبل القوات النظامية، ومن يريد الخروج من البلد اليوم ليس لديه فرصة سوى المهربين الذين يتقاضون مبالغ كبيرة".    

من جانبه، بين الناشط أبو محمد الحوراني، مقيم في الريف الغربي لدرعا، أن "غالبية الشباب لا يشعرون بالخوف، وبالمقابل فالنظام لم يتخذ أي قرارات بعد نفاد مهلة التجنيد الإلزامي لهم". 

ورأى أنّ "مسألة التجنيد قد تكون لها عدة تبعات، وتخلق صداما بين النظام والمجتمع، وقد تتصدى بعض المجموعات لمواجهة أي قوة تحاول إجبار الشباب على الخدمة".    

بدوره، رأى المحامي حسان الأسود، أن "النظام قد يتجه إلى تجديد المهلة وإيجاد تسهيلات لخروج الشباب، عملا بسياسته القائمة على تهجير أكبر عدد ممكن من العنصر الشاب من سورية بشكل عام ومن حوران بشكل خاص"، ولفت إلى أنه "بحسب ما لدينا من معلومات هناك تنسيق ما بين النظام وحكومة الإمارات لتسهيل حصول السوريين على تأشيرات السفر، لذلك فإنه قد يمدد المهلة، أو يغض النظر عنهم ليخرجوا، والهدف إفراغ المنطقة من العناصر المشاكسة التي قد تعيق سياساته من سيطرة الإيرانيين إلى التغيير الديمغرافي". 

واعتبر أن "أكبر أسباب السفر لدى الشباب هي الهروب من الخدمة الإلزامية، فهم يرفضونها لشعورهم بأن حياتهم رخيصة، وأنهم إما قاتل أو مقتول في حرب لا ناقة لهم ولا جمل فيها". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وحول خيارات الشباب في المرحلة المقبلة، لم يخف الأسود تشاؤمه، قائلا "لا خيارات لدى الشباب، فهناك عملية ممنهجة لتخريب المجتمع، منها عملية نشر المخدرات وعدم توفير فرص العمل في أي مجال، الأمر الذي يجعل السفر الفرصة الوحيدة، وإلا فسيكون الشباب فريسة التجنيد والموت وبأحسن الأحوال الفقر والعوز". 

ولفت إلى أن الشباب وغيرهم من الفئات يقفون في الطوابير للحصول على جواز السفر، رغم كل المخاطر الكبيرة من الموت في البحر أو على طرقات التهريب، أو الاستغلال من شبكات منظمة وخاصة في الدول العربية".    

يشار إلى أن النظام منح الشباب المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية في درعا في شهر أبريل/نيسان 2021، مهلة لمدة عام يسمح خلالها لهم بالسفر، لكنه أصدر قرارا بمنع السفر في 23 من أيار/ مايو الذي يليه، قبل أن يعود في 17 من يونيو/حزيران ليسمح لهم بالحصول على إذن سفر، ما تسبب بهجرة عشرات آلاف الأشخاص. 

المساهمون