سوسيا... قرية فلسطينية تواجه الاستيطان

12 ديسمبر 2024
سوسيا (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعدت عمليات التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية مع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث تم الإعلان عن مصادرة 24 ألف دونم من الأراضي، مما يهدد قرية سوسيا بشكل خاص.
- المخططات الاستيطانية تهدف إلى توسيع مستوطنة سوسيا، مما يحيط القرية بحزام استيطاني يهدد مصادر رزق السكان ويزيد من معاناتهم اليومية.
- سكان سوسيا يحاولون الدفاع عن حقوقهم عبر القنوات القانونية، لكنهم يواجهون قيوداً تهدف إلى تحويل المنطقة إلى منطقة خالية من السكان الفلسطينيين.

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أمعن الاحتلال في التوسع الاستيطاني الذي يهدد هذه المرة قرية سوسيا، وبات تهجير أهلها مسألة وقت

في ظلّ تصاعد أطماع وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بالتوسّع الاستيطاني في مختلف مناطق الضفة الغربية، وإعلانه مصادرة 24 ألف دونم من أراضي الضفة، ستكون قرية سوسيا في يطا جنوب الخليل جنوبي الضفة الغربية إحدى أبرز المناطق المستهدفة بشكل كامل، وسيقضي الاستيطان على ما تبقّى من مساحتها. 
وينصّ المخطط الاستيطاني على مصادرة 109 دونمات من أراضي القرية، بهدف إقامة مبانٍ تعليمية وصناعية وتجارية، وذلك على حساب أراضي المواطنين، بهدف توسعة مستوطنة سوسيا التي تحمل ذات اسم القرية، والتي يستوطن فيها نحو 200 مستوطن. 
ومنذ بدء التوسع الاستيطاني في القرية مطلع ثمانينيات القرن الماضي وحتى السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، استولى الاحتلال على نحو 7500 دونم من مساحة أراضي القرية البالغة نحو 10000 دونم. ومنذ بدء العدوان على غزة وحتى اليوم، استولى الاحتلال على نحو 2200 دونم، ولم يبق لسكان القرية إلا أقل من 300 دونم يعيشون فيها. وفي الوقت الحالي، يجري تنفيذ مخطط للاستيلاء على 109 دونمات، وبالتالي يصبح مصير تهجير سكّان القرية مسألة وقت، كما يوضح رئيس مجلس قروي سوسيا، جهاد النواجعة، في حديث لـ"العربي الجديد". 
ويقول النواجعة: "ما نراه على الأرض أن المخطط بدأ العمل به منذ أسابيع عدة، إلا أنه من غير الواضح لنا ما يتم العمل عليه والبناء فيه، إلا أنه لا يوحي ببناء منازل استيطانية، بل مجمعات ضخمة وشوارع معبّدة وطرقات تربط المستوطنات ببعضها البعض". 
وبحسب أهالي سوسيا، تلقّت 30 عائلة في وقت سابق إخطارات بالهدم والإخلاء، فيما تتمثل المخاوف الكبرى في أن يبدأ الاحتلال بتنفيذ عمليات الهدم في هذه المناطق، وتمتد لاحقاً إلى بقية المنازل، ما يهدد القرية بأكملها.

ويؤكد النواجعة أن مستوطنة سوسيا الواقعة شرق القرية تتوسع باتجاه الغرب إلى أراضي خربة سوسيا المقام عليها بؤرة استيطانية، مروراً بالأراضي الجنوبية، ما يعني حصار القرية بحزام استيطاني يقطع مداخلها ومخارجها، فيما يشمل هذا التوسع شق شوارع وبناء مجمعات استيطانية ضخمة، الأمر الذي سيؤدي إلى تحويل القرية إلى ما يشبه السجن الكبير، مع حرمان السكان من الوصول إلى أراضيهم الزراعية ومناطق الرعي، التي تشكل مصدر رزقهم الرئيسي، وسط مخاوف من أن يكون المخطط يسعى لاستهداف الأماكن السكنية في القرية.
ويلفت النواجعة إلى أن المخططات الإسرائيلية تهدف دائماً إلى محاولة الربط بين المستوطنة شرقاً والبؤرة غرباً، حيث يوجد فيها مستوطن واحد فقط يُدعى شمتوف غادي على مساحة تقدر بـ150 دونماً. ويقوم شمتوف بملاحقة السكان الأصليين والتضييق عليهم بسلاحه يومياً. ولا يتوقف الأمر عند المضايقات في الحركة والتفتيش، بل يشمل إعطاءه معلومات للجيش الإسرائيلي باعتقال المواطنين واحتجازهم والاعتداء عليهم، وحماية أي جماعات استيطانية أخرى تقتحم الخربة وتؤدي فيها طقوساً تلمودية، وذلك بهدف فرض سيطرة كاملة على قرية سوسيا.
وعلى الرغم من الضغوط الإسرائيلية التي يتعرّض لها سكان سوسيا، فإنهم بحسب النواجعة يشتكون من ضعف الدعم الحكومي والرسمي اللازم لتعزيز صمودهم. ويقول إنه طالب محافظ الخليل، ووزراء الحكومة الفلسطينية الذين زاروا القرية سابقاً، "بأن يتم اعتبارهم عناصر أمن وطني، لأنهم يمارسون دون الحماية لأراضي القرية، ولا يغادرونها، وهم بحاجة لدعم ورواتب مادية تعزز صمودهم وسط انقطاع أرزاقهم بفعل السياسات الاستيطانية وحصار مقدرات الحياة". 

يتابع النواجعة: "الفجوة بين المستوطنين وسكان سوسيا واضحة. المستوطنون يتمتعون بخدمات متكاملة من خطوط مياه وكهرباء وبنية تحتية، بينما يعاني السكان من شح الخدمات، وتعرّضها المستمر للتدمير على يد المستوطنين أو الجيش. بالإضافة إلى ذلك، تُنصب حواجز عشوائية طيّارة تُعيق حركة السكان وتزيد معاناتهم اليومية، إذ إنه من السهل جداً احتجاز أي أحد من سكان القرية يومياً لمدة أربع ساعات أو أكثر من دون سبب، لمجرد الحركة والتنقل". 
وبحسب النواجعة، فإن سكان سوسيا يحاولون الدفاع عن حقوقهم عبر القنوات القانونية، وتقدموا باعتراضات لدى المحكمة العليا الإسرائيلية. لكن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، باتوا يُمنعون من حضور جلسات المحكمة بحجة "المنع الأمني"، ما يعكس تقييداً إضافياً للجهود المبذولة للحفاظ على ما تبقى من أراضيهم.
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن المخططات الإسرائيلية تسعى إلى تحويل سوسيا إلى منطقة خالية من السكان الفلسطينيين، تمهيداً لربط المستوطنات المحيطة ببعضها، وهي: سوسيا، كرمئيل، حافات ماعون، ليسيفر، وخربة سوسيا، وهذه الخطوات تهدف إلى خلق كتلة استيطانية متكاملة على حساب السكان الأصليين وأرضهم ضمن مخططات الضمّ، كما يقول النواجعة. 
وتعتبر قرية سوسيا ضمن المناطق المصنّفة ج، ما يجعلها تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة مدنياً وأمنياً وفق اتفاقيات أوسلو، وتتعرض بشكل مستمر للاستيطان والتهويد، خصوصاً في المجال السياحي. وتزعم الجماعات الاستيطانية وجود أماكن تراثية يهودية في القرية، وهي ذريعة لسرقات التاريخ الفلسطيني لصالح التوسع الاستيطاني.

المساهمون