يدفع الواقع المعيشي السيئ في مناطق سيطرة النظام السوري الكثير من الأهالي إلى مغادرة بيوتهم ومناطقهم بحثاً عن حياة أفضل لناحية الخدمات والأمان، بينما يكتفي البعض بالشكوى على أمل حدوث أي تغيير في المستقبل. وكان لافتاً وصول عائلة من مدينة السقيلبية في ريف حماة الشمالي، الخاضعة لسيطرة النظام، إلى منطقة عفرين في ريف محافظة حلب هرباً من سوء الأحوال المعيشية.
يقول أبو أمين، وهو رب الأسرة، في تسجيل مصور تم تداوله على مواقع التواصل، إن الظروف راحت تسوء تدريجياً، موضحاً أن الحياة صارت أقسى، وبات تأمين مستلزمات الحياة من مواد غذائية وثياب بالإضافة إلى القدرة على التنقل صعباً للغاية.
وعن قرار المغادرة، يوضح أنه حاول التواصل مع أصدقاء له خارج مناطق سيطرة النظام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن صفحاتهم كانت محجوبة. ولدى محاولته المغادرة، ألقي القبض عليه من قبل جهة أمنية فضّل عدم تسميتها، واعتقل لمدة 15 يوماً مع أفراد عائلته. يضيف: "لدى وصولنا إلى المناطق المحررة، شعرت بأنني أعيش حياة جديدة، وكان استقبال الشباب لنا رائعاً. لم يسئ لنا أي أحد بل ووفروا لنا كل شيء". يضيف: "الشباب هنا أخوة لي، وتربطني معرفة شخصية بكثيرين. في الداخل، لم يكن هناك سوى الأخبار السيئة والأكاذيب وتشويه لصورة الناس هنا. هم هنا أحرار، عاملونا بأننا سوريون وأخوة من دون اعتبار لأي طائفة".
ومن بين المشاكل التي يواجهها السكان في مناطق سيطرة النظام السوري، انقطاع التيار الكهربائي وبالتالي شح المياه والنقص في الخبز وصعوبة تأمين المواصلات وخصوصاً بين المدن.
ومن بين المنتقدين للواقع المعيشي في مناطق سيطرة النظام، الممثل والمنتج فراس إبراهيم. وكتب على صفحته على "فيسبوك" أن "الشعب السوري مضطر أن يرتب حياته وتحركاته ومواعيد أشغاله بحسب الكهرباء". يضيف أنه عندما تكون الكهرباء مقطوعة وليس لديه موعد ضروري، يفضل أن "يشوى في بيته"، بحسب تعبيره. وعند توفر الكهرباء، لا يخرج من البيت من دون الاستفادة من الكهرباء والتمتع بها كونها نعمة.
ومنذ أكثر من عامين، يعد النظام السوري بتحسين واقع الكهرباء، إلا أن الواقع يبقى على حاله. وكان مدير الإنتاج في المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء نجوان الخوري، قد أعلن أن انخفاض كميات الغاز أدت إلى انخفاض توليد الطاقة الكهربائية وخروج عدد من محطات التوليد عن الخدمة، لافتاً إلى أن تحسن خدمة الكهرباء يرتبط بتوفر الغاز.
ولا يبدو أن الأيام المقبلة تحمل أي تغيير، بل إن الواقع يزداد سوءاً، بحسب أميمة، وهي ربة منزل تتحدر من مدينة حمص، وتقيم مع عائلتها في لبنان. تقول إنها توجهت قبل نحو أسبوعين إلى منزلها لجلب بعض الحاجيات. "الحياة في لبنان وحمص متقاربة نوعاً ما، لكن لا يمكنني العيش في بيتي في حمص. المعاناة ذاتها تتكرر كل يوم لتأمين الخبز والكهرباء وأمور أخرى. الحياة في سورية لا تطاق".
في المقابل، بات لافتاً أنّ سوء الخدمات والدخل المتدني وظروفا أخرى كلها عوامل تدفع الكثير من العائلات إلى البحث عن وسائل لمغادرة سورية، وخصوصاً الشبان الذين يلجأون إلى المهربين بحثاً عن حياة أفضل. ليس هناك تحسن في الخدمات، وكل وعود النظام بتحسينها مجرد خداع للمواطنين.
وكان برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، قد حذر عام 2020، من أن سورية تواجه أزمة غذاء غير مسبوقة، إذ يفتقر أكثر من 9.3 ملايين شخص إلى الغذاء الكافي. وقال إنّ عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 1.4 مليون، في غضون الأشهر الستة السابقة لإعلانه، في يونيو/ حزيران من العام الماضي.