سوريون في تونس بعد سقوط الأسد: سنعود ونعمر سورية من جديد

11 ديسمبر 2024
سوريون في تونس، 11 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعيش السوريون في تونس حالة من الأمل للعودة إلى وطنهم بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث يعبر عبد الرحمن المحمود عن شوقه للعودة إلى حماة والاستقرار هناك بعد سنوات من الشتات.
- خالد الحمصي، رئيس رابطة الجالية السورية في تونس، يؤكد أن العودة إلى الوطن هي الهدف الأسمى للسوريين رغم اندماجهم في المجتمع التونسي، مشيراً إلى تشكيل رابطة لتسهيل عودة الراغبين.
- وائل الدمشقي، الذي أسس مشروعاً ناجحاً في تونس، يعبر عن استعداده للعودة إلى دمشق رغم استقراره المادي، حيث ساهم اللاجئون في إنشاء مشاريع واندماجهم في المجتمع التونسي.

رغم مرور أكثر من 10 سنوات على اندلاع الثورة السورية في 2011 على حكم نظام بشار الأسد، واضطرار الآلاف إلى الفرار من ويلات الحرب والتضييق، غير أن سقوط نظام الأسد فتح الباب على مصراعيه ليحقق السوريون المغتربون حلمهم بالعودة إلى ديارهم، وهو ما يتمناه سوريون في تونس التقاهم "العربي الجديد".

عبد الرحمن أحمد المحمود (25 عاماً) لاجئ سوري في تونس لم يفارقه حلم العودة إلى سورية منذ سقوط نظام بشار الأسد، قائل لـ"العربي الجديد": "جئت إلى تونس لاجئاً قبل نحو عام بعد سنوات من التنقل بين لبنان وليبيا، حيث كنت أنوي الالتحاق بعائلتي التي استقرت في ألمانيا عبر رحلة هجرة سرية، غير أني لم أوفق في ذلك"، مضيفاً: "سنعود إلى سورية من أجل أن نعمّر بلادنا، لقد أرهقتنا سنوات الغربة والتهجير، وفقدنا الكثير من أهلنا الذين تشتتوا بين دول وعواصم العالم بحثاً عن الأمان ولقمة العيش منذ أن غادرنا قبل نحو 13 عاماً".

الصورة
سوريون في تونس. 11 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)
سوريون في تونس يحتفلون بسقوط الأسد، 11 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)

المحمود يحمّل نظام الأسد مسؤولية تهجيره وأسرته قسراً من سورية، معرباً عن شوقه للعودة إلى بلده حماة، ونيته الاستقرار نهائياً هناك والرجوع إلى مقاعد الدراسة للتخصص في الهندسة الزراعية، واصفاً العودة إلى وطنه بالولادة الجديدة له ولأسرته التي لم يلتقها منذ عام 2015، مؤكداً وصول شقيقه الأكبر الذي يقيم في ألمانيا إلى مدينة حماة، حيث تمكن من الوصول إلى بيت الأسرة الذي تعرّض للنهب، وينتظر أن تلتحق به باقي أسرته ويلتئم شملهم بعد سنوات من الشتات والفرقة.

ويصف المحمود عودته إلى سورية بالحياة الجديدة، إذ سبق ونجا من موت محقق إثر تخلفه عن رحلة هجرة سرية انطلقت من سواحل ليبيا وذهب ضحيتها مئات المهاجرين السريين، من بينهم عدد من أصدقائه السوريين. يقول: "في حزيران 2023 كتب الله لي عمراً جديداً بعد أن تخلفت عن رحلة هجرة سرية ذهب ضحيتها عشرات السوريين"، مؤكداً أن سنوات الشتات ستنتهي بالنسبة إلى ملايين السوريين الذين سيعودون حتماً لبناء بلدهم، آملاً أن تتفوق مصلحة الوطن العليا على كل الخلافات السياسية في بلده، مشيراً إلى أن "الشعب السوري يرفض الطائفية، وطالما تعايش المواطنون في سلام رغم اختلافاتهم الدينية أو المذهبية".

الصورة
سوريون في تونس. 11 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)
سوريون يحلمون بالعودة إلى وطنهم، 11 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)

ويؤكد رئيس رابطة الجالية السورية في تونس خالد الحمصي أن "السوريين في تونس عاشوا فرحة الحرية بسقوط نظام الأسد، وهم ينتظرون لحظة العودة إلى بلدهم بفارغ الصبر رغم أن العديد منهم اندمجوا جيداً في تونس وأحدثوا مشاريع خاصة بهم، وأسسوا أسراً وتزوجوا تونسيات". إلا أنه وفقاً للحمصي "لا شيء أغلى من الوطن، وسنعود لنبني وطناً جديداً يتسع لكل السوريين، وأهل بلدي جديرون بذلك". 

وأشار الحمصي لـ"العربي الجديد" إلى ملاحقات طاولت المغتربين في دول الإقامة إبان حكم الأسد، وهو ما يفسر الفرحة العارمة التي رافقت سوط النظام، قائلاً: "توجه أغلب السوريين في تونس إلى سفارة بلدهم وشُكِّلَت رابطة للجالية لتسهيل عودة الراغبين في الرجوع إلى سورية، وهم الأغلبية"، معتبراً أن حصول السوريين على جنسيات في دول إقامتهم، بما في ذلك تونس، لن يمنعهم من العودة إلى البلد الأم، وفق قوله.

وائل الدمشقي، الذي أنشأ مشروعه الخاص لصناعة الحلويات السورية في أحد أحياء العاصمة تونس، يقول إنه جاء إلى تونس في آخر طائرة أقلعت من مطار دمشق نحو تونس عام 2011، وهو يستعد حالياً للعودة في أول طائرة ستقلع نحو مطار دمشق. ورغم حصول وائل وأسرته على وثائق إقامة نظامية في تونس وتكوين مشروعه الخاص الذي حقّق له الاستقرار المادي، إلا أن حلم العودة إلى بلده يراوده منذ لحظة سقوط نظام الأسد، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أنه ينوي إعادة بناء حياته الجديدة في مسقط رأسه بالشام، ولا ينوي التخلي عن مشروعه في تونس.

ومنذ عام 2011، توافد آلاف اللاجئين إلى تونس بطرق سرية، فارين من الحرب التي اندلعت إثر تعامل نظام الأسد بقوة مع ثورة شعبية خرجت ضده في 15 مارس/ آذار من العام ذاته. وبلغ عدد اللاجئين السوريين في تونس آنذاك نحو أربعة آلاف، بحسب إحصائيات لمنظمات المجتمع المدني، إلا أن العدد تضاءل مع مرور الوقت بعد مغادرة عدد منهم إلى بلدان أوروبية أو غيرها. وأحصت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 وجود 2332 لاجئاً سورياً في تونس، بينهم 1159 من الإناث، غالبيتهن في الفئة العمرية بين 18 و59 سنة.

وأنشأ السوريون في تونس العديد من المشاريع في قطاعات الخدمات والمطاعم، وهو ما ساعد على اندماجهم في المجتمع التونسي وتوفير مواطن عمل للاجئين السوريين. ويذكر أن وزارة العدل التونسية اعتمدت عام 2012 قانوناً يضمن جملة من الحقوق للاجئين، مساواةً بالمواطن التونسي، أهمها حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية والحق في الحصول على الإغاثة والمساعدة العامة والتعليم الأساسي والصحة والتقاضي، وفرض القانون على الدولة تخصيص الاعتمادات والموارد اللازمة لضمان ممارسة تلك الحقوق.