أصدرت محكمة الجنايات في مدينة السويداء جنوبي سورية، أمس الاثنين، حكماً بالإعدام على فادي الحسين حرب؛ قاتل الشاب الجامعي يوسف نوفل، وعلى شريكيه بالجريمة بالأعمال الشاقة المؤبدة، كحكم غير نهائي قابل للنقض.
وجاء الحكم بعد ضغط أهلي واجتماعي بدأ باعتصام شعبي أمام القصر العدلي طالب خلاله المعتصمون بالقصاص العادل من مرتكبي الجريمة وتفعيل العدالة والقانون بعيداً عن المحسوبيات والوساطة والفساد.
وكان نوفل قد لقي حتفه قبل عامين في 21 يناير 2022، في واحدة من الجرائم التي لاقت استنكاراً شعبياً كبيراً في محافظة السويداء أدت إلى أول اعتصام شعبي أمام القصر العدلي، ومظاهرة شعبية حاشدة بعد أيام من مقتله في 25 يناير، حيث شكلت علامة فارقة في تاريخ محاربة عصابات الجريمة في السويداء.
يقول علي جريرة من أبناء مدينة السويداء لـ"العربي الجديد": "كانت هذه الجريمة واحدة في سلسلة من الجرائم التي طاولت عدداً من الشبان، وسببت الصدمة للمجتمع المحلي، الذي انتفض لاحقاً ضد عصابات القتل والخطف"، مضيفاً: "جاء موقف والد الضحية وإصراره على تفعيل القضاء ليأخذ دوره بعيداً عن الضغوط الأمنية والاجتماعية"، موضحاً أن الحكم الصادر بعد عامين من وقوع الجريمة يعد الأول من نوعه في تحقيق جانب من العدالة المرجوة من محاكم "الدولة".
وكان والد الضحية، مثقال نوفل، قد خرج في بث مباشر على صفحته الشخصية عبر الفيسبوك بتاريخ 7 مارس من نفس العام، هدد فيه بقتل نفسه إذا لم تأخذ العدالة مجراها بالقصاص من القَتلة، مبيناً أن هذه المسألة لا تخص قضية ابنه فحسب بل تخص كل الجرائم التي ترتكب في السويداء، راجياً عدم استغلال قضيته لغايات شخصية أو مآرب أخرى، وداعياً الجميع للتكاتف من أجل وضع حل لهذه الفوضى، مبرراً خياره هذا بأنه وسيلته للاعتذار من ولده عن عجزه في الحصول على حقه إذا لم ينفذ الحكم العادل من القتلة، مستغرباً مماطلة القضاء في إصدار الحكم إذا كان قد ثبت القتل العمد.
وبعد عامين على مقتل يوسف؛ خرج نوفل في بث مباشر ليشكر الأهالي الذين وقفوا معه في محنته، ودعا في حديثه الذين غُرر بهم وحادوا عن الطريق الصواب بالتوبة من أجل ذويهم ومن أجل الجميع.
تقول هنا الناصر من مدينة السويداء، وهي من الداعمين للقصاص للمغدور لـ"العربي الجديد"؛ إن الشاب يوسف نوفل رحل خطفاً نتيجة الفوضى وانتشار السلاح وآفات المخدرات بين جيل من الشباب الضائع. واستطاعت العدالة أن تتحقق خلال عامين.
ورغم تحقيق العدالة غير أن هنا تضيف: "تبقى كثير من الغصات في صدر العديد من العائلات التي ما زالت تنتظر معرفة قتلة أبنائهم، أو أنها تعرفهم ولا تجد طريقها للقضاء وللعدالة، والأمثلة أكثر من أن تحصى، ففي كل بلدة أو حي هناك ضحية خلفتها عصابات الجريمة والفلتان الأمني خلال السنوات الماضية، وهناك مجرمون معروفون ما زالوا يمارسون الجريمة ويتنقلون بكل حرية وبحماية من جهات أمنية دون مساءلة ودون خوف من السلطة القضائية".
إحياء ذكرى يوسف بتحقيق منفعة عامة في السويداء
في ذكرى مقتل يوسف؛ وقبل صدور قرار الحكم بيوم، أحيت مجموعة من أصدقائه ومعلميه ذكراه بمبادرة تعليمية أطلقوا عليها "فريق أصدقاء يوسف"، التي تهدف إلى تقديم الدعم العلمي لفئة الشباب والطلاب الجامعيين في محافظة السويداء، من خلال إقامة ورشات عمل تدريبية لطلاب الجامعات من مختلف الاختصاصات ونشر المعرفة المهنية والنصائح العملية وتأمين التواصل المباشر بين الطلاب والمختصين الأكاديميين وأصحاب الخبرة.
وكان أحد المقربين من الضحية قد قال لـ"العربي الجديد": "وجدنا في هذه المبادرة التي سعينا لها منذ عدة شهور الأثر الطيب والعزاء لنا ولعائلته، وأردنا نحن المقربين أن نحيي ذكراه بمفعول إيجابي ينعكس بالخير على البعض ويؤسس لمنفعة عامة قد تساهم يوماً ما في محاربة الجريمة بالثقافة والعلم".