سعت جمعية أصدقاء مرضى السرطان "شفاء" منذ عام 2020 لبناء مشفى خيري في منطقة "ظهر الجبل" القريبة من مدينة السويداء جنوب سورية. واستطاعت خلال العامين السابقين إنجاز ما نسبته 20% من البناء، جله من تبرعات أبناء المحافظة المقيمين والمغتربين، بما فيه الأرض التي شُيّد عليها البناء.
وتأسست الجمعية نهاية عام 2007 من مجموعة متطوعين، وبدأت عملها في بداية عام 2018. وقدّمت لمرضى السرطان مساعدات عجزت عنها حكومة النظام السوري خلال هذه السنوات الماضية، وفق ما يقول مراقبون في منطقة تشير الإحصاءات الرسمية إلى ارتفاع نسب الإصابة بالسرطان فيها، لأسباب عديدة أهمها تلوث مصادر المياه بالمبيدات الزراعية.
يقول الدكتور عدنان مقلد رئيس جمعية "شفاء" لـ"العربي الجديد": "قامت الجمعية منذ 15 عاماً على كاهل الخيّرين من أبناء المحافظة، واستطاعت بعطائهم المجزي، وبمبادرات تطوعية من أطباء وممرضين وفعاليات علمية واجتماعية، تغطية أكبر عدد ممكن من الحالات المرضية، بالإضافة لحملات توعية حول سبل الكشف المبكر عن مرض السرطان عامة وسرطان الثدي خاصة، والذي وصلت نسبة الإصابة به في السويداء إلى إصابة واحدة بين كل تسع نساء".
ويضيف: "إلى جانب الوقاية والعلاج بادرت الجمعية منذ عامين بإنشاء مشفى الشفاء الخيري الذي يُعتبر أولوية في محافظة تحصد أمراض السرطان نسبة عالية من أبنائها. وعلى الرغم من تعثر المشروع نتيجة تأثير جائحة كورونا والركود الاقتصادي العالمي وتراجع الاقتصاد المحلي، إلا أننا بادرنا وبمساعدة المجتمع المحلي والمغتربين لإنجاز أكثر من 20% من البناء".
حاجة ماسة للمشفى
أحد أطباء أمراض الدم، فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، قال لـ "العربي الجديد": "إن المشفى العام يقدم لمرضى السرطان الرعاية والمتابعة ضمن إمكانياته المحدودة، ويفتقر للكثير من أنواع التحاليل الطبية والتصوير الشعاعي بالإضافة لإمكانية الأعمال الجراحية والعلاج الكيميائي، وغالبية المرض يلجأون لجمعية "شفاء"، أو يسافرون نحو العاصمة دمشق، وتعمقت أزمة المرضى هذه السنة بعد سفر طبيب أمراض الدم الوحيد إلى الإمارات العربية المتحدة بشكل نهائي، وهو ما زاد في معاناتهم مع المرض، وتكاليف سفرهم وتنقلاتهم بحثاً عن العلاج".
وكانت جمعية "شفاء" قد أصدرت في احتفالها قبل أيام بمرور 15 عاماً على تأسيسها تقريراً عن عملها خلال السنوات الماضية، بينت فيه مساعدتها لحوالي 12 ألف مريض سرطان بأدوية العلاج والمسكنات والتحاليل الطبية والتصوير الشعاعي، بالإضافة لنقل أكثر من 185 ألف حالة مرضية إلى مشافي دمشق لتلقي العلاج والعودة إلى السويداء. وهذا الرقم يُظهر الكارثة الحقيقية لأعداد حالات السرطان في محافظة لا يزيد عدد سكانها عن 500 ألف نسمة، ويعزز غاية إنشاء مشفى خيري لعلاج مرضى السرطان في الوقت الذي اتكأت حكومة النظام على التبرعات والمساعدات الإنسانية لعلاج أبناء المحافظة.
مبادرات أهلية مستمرة
وفي ظل عجز حكومة النظام عن تغطية علاجات مرضى السرطان، لا تتوقف المبادرات الأهلية، ومنها ما قام به الشاب رواد حمد الغضبان من خلال التبرع بمبلغ مالي لجمعية أصدقاء مرضى السرطان في السويداء وفاءً لروح خطيبته التي خطفها مرض السرطان يوم 28 مايو/ أيار الماضي، متعهداً بتبرع شهري للجمعية.
فيما قام العروسان طارق زياد الحلح وجورجينا كمال العفير بتقديم (نقوط) عقد قرانهما لدعم عمل الجمعية. ودفع المغتربون عشرات الملايين لعلاج المرضى أو المساهمة في إنشاء المشفى الخيري الذي تعثر نتيجة الارتفاع الكبير لأسعار مواد البناء وأجور النقل، إضافة إلى الحاجة المتزايدة لتغطية حاجات المرضى العلاجية.
وكان المغترب الراحل أنور الجرمقاني قد تبرع بمبلغ يزيد عن ملياري ليرة سورية وضع منذ سنوات في أحد البنوك من أجل تجهيزات المشفى الخيري، لكنها فقدت الكثير من قيمتها بعد انهيار العملة.
يُذكر أن الجمعية أطلقت حملة لتعليم النساء الكشف الذاتي لأمراض سرطان الثدي من خلال جولات توعية صحية شملت كافة القرى والبلدات، إذ وصل عددها خلال الأعوام القليلة الماضية إلى 750 زيارة، برفقة أطباء وأدوية علاجية وأجهزة كشف عن بعض الحالات المرضية.