سورية: الأهالي يرضخون لتهديدات النظام بنقل مقبرة مخيم درعا

10 يونيو 2022
الأهالي وخوفاً من التهديدات قد يوافقون على نقل جثامين ذويهم (جالا ماري/ فرانس برس)
+ الخط -

رضخ الأهالي في مخيم درعا جنوب سورية لتهديد قوات النظام السوري بإزالة مقبرة الشهداء من المخيم، التي كانت في الأصل حديقة عامة بدأ السكان بدفن شهدائهم فيها، خلال سنوات حصار المدينة وقصفها.

وقضية المقبرة حسّاسة بالنسبة لأهالي الضحايا الذين قضوا إما بقصف قوات النظام أو برصاص قناصته. وأوضح الناشط ثائر الجولاني لـ"العربي الجديد" أن المكان في الأصل كان عبارة عن حديقة للأطفال في المخيم، وتحوّلت مع بداية الثورة في درعا إلى مقبرة يتم فيها دفن القتلى من أبناء المخيم من النازحين واللاجئين، بعد تعذر الدفن وعدم القدرة على الوصول إلى المقابر الرئيسية في المدينة.

وأضاف الجولاني أنه بعد اقتحام قوات النظام للمخيم وانتشار القناصة على المباني القريبة منه والحصار اعتمدت بشكل رئيسي لدفن القتلى، لافتاً إلى أن المقبرة تحتوي على أكثر من 130 قبراً، بعضها مجهول الهوية، وتتعرض للتخريب والعبث، كما ترمى فيها النفايات والأوساخ، والجهة التي تقوم بهذا الأمر تفعله بتحريض من النظام، مبيناً أن قوات النظام السوري تهدد على الدوام بإزالة المقبرة، لإخفاء جريمة مرتكبة فيها.

وأكد الجولاني أنه بعد تهديدات النظام بنبش المقبرة، بدأت مؤخراً مشاورات مع الأهالي لنقل الجثامين والأمر جرى تحت التهديد. وقال الجولاني "بعض ذوي الشهداء لا يملكون ثمن النقل وإيجار القبر من طوب وسقفيات وغيره، وما يحصل هو جريمة يرتكبها النظام يجب أن توثق، ويتم تحويلها لمحكمة الجنايات الدولية وجرائم الحرب".

ولفت الجولاني إلى أن الأهالي وخوفاً من التهديدات قد يوافقون على نقل جثامين ذويهم، مضيفاً أنه تم تشكيل لجنة من أبناء المخيم للتسجيل لمن لا يملك ثمن النقل وأجور العمال والمتطوعين في الداخل، ولجنة من أهل الخير في المهجر لإحصاء العدد والتوثيق على أن يتم النقل على دفعات مع التوثيق، واختيار أناس موثوقين من أبناء المخيم وتكلفة كل قبر من نقل وأجور، وعدم التصوير وحضور شخص من ذوي الشهداء أو وكيل عنه في حال لم يكن له أحد من أهله، وتم التواصل مع جهات موثوقة..

كما أكد الجولاني أنه سيتم نقل كل 5 شهداء بعد التنسيق مع ذويهم لحضور عملية النقل، وذلك خلال الأيام القليلة القادمة، وسيتم توثيقهم ضمن أرقام وأسماء ورسم خريطة موجودة مع 3 أشخاص من اللجنة بأرقام وأسماء الشهداء.

وبالنسبة للأهالي غير الراغبين بنقل الشهداء لهم كامل الحق بعدم النقل، وهذه حرية شخصية ولكن اللجنة غير مسؤولة عن أي شيء يحصل بالمقبرة، وفق الجولاني، مضيفاً أن النظام يحاول التعامل مع الأمر بسرية تامة مع منع التصوير بشكل نهائي.

ونظراً لعدم وجود خيارات متاحة أمام الأهالي، فليس أمامهم سوى القبول بشروط النظام لنقل المقبرة، وإخفاء جريمة ارتكبها في المنطقة، كما أوضح الحقوقي وعضو "تجمع أحرار حوران" عام الزعبي لـ"العربي الجديد"، لافتاً إلى أنه خلال فترة الثورة والمعارك في درعا كان يتم دفن الشهداء في الحديقة بمخيم درعا، والحديقة تقع بين درعا المحطة والمخيم، وذلك لعدم قدرة السكان على الوصول لمقبرة سجن غرز وتعذر الوصول لمقبرة البحار، وحالياً النظام يحاول أن يعيد صيانة المنطقة وترميم الشوارع، ومن ضمنها الحديقة.

وقال الزعبي: "أعتقد أن النظام لن يتجرأ على تجريف القبور، وغالباً سيتم التوصل لصيغة يتم فيها نقل رفات الشهداء دون إثارة الموضوع وبهدوء من دون مشكلات أو مظاهرات، لتتم إعادة افتتاح الحديقة".

وتابع الزعبي "هناك نقطة مهمة هي أنّ النظام سوف يستغل نقل الرفات لإخفاء الأدلة على انتهاكات، ومن المؤكد أن هذا الأمر سيسبب غضباً للأهالي، لكن هناك صعوبة حالياً في التظاهر والاحتجاج، ومن الممكن حدوث ردة فعل شعبية محدودة لأن المنطقة في الأصل محاصرة أمنياً".

بدوره أكد أبو محمود من المنطقة لـ"العربي الجديد" أن الأمر حساس بالنسبة للأهالي لكن ما باليد حيلة كونه لا وسيلة لديهم لثني النظام عن تجريف المقبرة بحال أصرّ على نقلها، لافتاً إلى أن اللجنة قد توصلت لاتفاق بخصوص نقل رفات الجثامين في المقبرة، كحل وسطي".

ومخيم درعا للاجئين الفلسطينيين في سورية يقع في مدينة درعا، وأسس ما بين عامي 1950 و1951، لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الوافدين من المناطق الشمالية والشرقية من فلسطين أعقاب حرب 1948 ضد إسرائيل.

 

المساهمون