سكان دمشق: أين الكهرباء؟

30 ديسمبر 2020
تشتد الأزمات على سكان دمشق (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

يزداد وضع الكهرباء تدهوراً في العاصمة السورية دمشق وجوارها، كما في غيرها من مناطق النظام، يوماً بعد آخر، في الوقت الذي كان فيه كثير من السوريين يعقدون عليها الآمال لتكون بديلاً عن وقود التدفئة والغاز المنزلي اللذين فقداهما، وهو ما يفاقم معاناتهم المعيشية اليومية.
ومن ينظر إلى دمشق ليلاً من سفح جبل قاسيون المطلّ عليها، يلحظ كثيراً من أحيائها الغارقة في الظلام، وقد يلفت انتباهه أنّ مناطق تتكرر فيها الانقطاعات سريعاً، إذ لا يمضي على وصول التيار الكهربائي، أكثر من 15 دقيقة حتى ينقطع مجدداً فتمضي ساعة من دونه، وهكذا... أما موعد الانقطاع المتعارف عليه (التقنين) فيجري بكلّ دقة من دون أي تأخير، ولا تتخلله بالتأكيد ساعات تغذية كهربائية أو حتى دقائق. ومن يتجول في العاصمة السورية، يلحظ أنّ الظلام يخيم على أحياء عدة، وإن توجه إلى أسواق العاصمة يسمع ضجيج مولدات الكهرباء تطغى على كلّ ما عداها من أصوات للباعة المتجولين وغيرهم.

بعيداً عن ضجيج الأسواق يجتمع أبو عامر جابر (47 عاماً)، الموظف في إحدى الدوائر الرسمية، مع عائلته في منزله الكائن على أطراف دمشق الشمالية، يتدثرون ببعض الأغطية علّهم يشعرون بالدفء فالطقس هذه الأيام بارد، لكنّه لم يستطع بعد تأمين ثمن وقود التدفئة. تبدو الإضاءة خافتة في تلك الغرفة التي يجلسون فيها، فبالكاد يرى الواحد منهم الآخر، على الرغم من أنّهم عند الحادية عشرة صباحاً، فالكهرباء مقطوعة، ولم يتمكن من شحن بطارية الإضاءة، فمساء أمس لم تأتِ الكهرباء أيضاً لعطل ما في الشبكة، بحسب حديثه إلى "العربي الجديد". لا يعلم جابر بالضبط نظام برنامج تقنين الكهرباء اليوم، لكنّه، يقول: "في الأيام الأخيرة ازداد التقنين من 3 ساعات قطع و3 ساعات تغذية، إلى نحو 5 ساعات قطع وساعة تغذية لا تخلو من انقطاعات بدورها".
تعتبر الكهرباء آخر الحلول للأزمات التي تعصف بالسوريين في مناطق النظام، بحسب حديث أبو محمد الغوطاني (36 عاماً) وهو موظف في القطاع العام. يقول لـ"العربي الجديد": "لم يبقَ أمامنا سوى الكهرباء لنطهو عليها طعامنا، في ظلّ تخصيص أسطوانة غاز واحدة كلّ شهرين، للعائلة الواحدة، علماً أنّها لا تكفي أكثر من شهر على الرغم من التقشف الشديد، لكن مع نظام التقنين الحالي وتكرار الانقطاعات لم يعد لدينا الوقت الكافي لنعدّ وجبة طعامنا، فأيام كثيرة تمضي نكتفي فيها بأكل الخبز واللبن أو الصعتر والزيت بحسب ما قد يتوفر". يبدو الغوطاني مثقلاً بهموم الحياة، فيقول: "نختنق ببطء شديد، لكثرة الأزمات التي تعصف بنا. حتى الحلول البديلة باتت مكلفة، وهي غالباً غير مجدية، ففي الإنارة، على سبيل المثال، هناك من لجأ إلى اللدات والمدخرات (بطاريات) والمدخرة الصغيرة (9 أمبير) ثمنها نحو 30 ألف ليرة سورية (43 دولاراً أميركياً بالسعر الرسمي) وهذا السعر يشكل نحو نصف راتب موظف في الدولة، كما أنّها غالباً ما تكون من النوعيات الرديئة، ما يعني أنّها قد تعمل أسبوعاً لا أكثر، وربما تعمل سنة كاملة، من يعلم!؟ لكنّ المشكلة أنّها في حاجة إلى شحن كهربائي لساعتين على الأقل، حتى توفر الإنارة لثلاث أو أربع ساعات، ففي ظل عدم توفر الكهرباء، لا يمكن شحنها أو استخدامها، كما أنّ عدم الشحن جيداً والانقطاعات التي تطرأ عليه، يقصّران من عمر البطارية الافتراضي". يضيف: "الإنارة اليوم حاجة أساسية، خصوصاً أنّ أبناءنا يستعدون للامتحانات النصفية، والشمس تغيب باكراً، كما يحتاجون إلى الدفء والوجبات الساخنة. كلّ الأساسيات أصبحت مرتبطة بالكهرباء، التي يبدو أنّنا بدأنا نفقدها، بعدما باتت التغذية أربع ساعات فقط في كلّ 24 ساعة". 

وكان مدير مؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء في سورية، فواز الضاهر، قد ذكر سابقاً أنّ "محطات توليد الطاقة الكهربائية محدودة بحسب محدودية واردات الوقود من الغاز والفيول" لافتاً إلى أنّه "كلّما زاد الاستهلاك يزداد التقنين لثبات كمية الإنتاج". وقال: "لن نعد المواطنين بشيء لا نستطيع تحقيقه، فواقع الكهرباء مستمر على وضعه الحالي" متمنياً أن تتحسن إمدادات الغاز في وزارة الكهرباء، العام المقبل، ما سيحسن من وضع الكهرباء.

مناطق سيطرة النظام
معظم مناطق سيطرة النظام السوري تعاني من تدهور وضع الكهرباء. وبينما تعتمد المناطق التي كانت سابقاً خاضعة لسيطرة المعارضة في ريف دمشق، واستعادها النظام عام 2018، على المولدات الكهربائية وتوزيع الكهرباء بحسب نظام الاشتراك بالأمبير، فإنّ مناطق أخرى مثل ريف درعا، تكاد لا تتجاوز ساعات التغذية الكهربائية فيها ساعتين يومياً.

المساهمون