سكان القامشلي السورية يشكون استغلال أطباء وعمليات وهمية

27 مارس 2024
يشتكي مواطنون من استغلالهم داخل بعض المشافي (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في القامشلي، يواجه السكان استغلالاً من بعض الأطباء الذين يخالفون أخلاقيات المهنة، مما يؤثر سلباً على المرضى في ظل تدهور القطاع الصحي وتهميش المشافي العامة.
- تشمل أساليب الاستغلال إجراء عمليات جراحية غير ضرورية وطلب مبالغ مالية مرتفعة لعمليات بسيطة، مع تجارب سلبية للمواطنين تكشف عن عدم إجراء العمليات المدفوعة لها.
- يصف المواطنون القطاع الصحي بأنه منهار، مع غياب المشافي العامة وتحول الخاصة إلى مراكز للاستغلال المالي، مما يضطر بعض المرضى لبيع ممتلكاتهم لتغطية تكاليف العلاج.

اشتكى العديد من سكان مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرق سورية، من استغلال بعض الأطباء لهم بعيداً عن الالتزام بأخلاقيات المهنة ورسالتها الإنسانية، في ظل وضع مأساوي يتخبط فيه القطاع الصحي، ما أثّر سلباً في المواطنين، وخاصة المرضى ممن هم بحاجة إلى رعاية متواصلة.

وكشف سكان في المدينة لـ"العربي الجديد" أنهم وقعوا ضحايا لاستغلال بعض الأطباء، وغياب الأخلاق في المهنة ذات المكانة والخصوصية الكبيرة، وسط تهميش كبير للمشافي العامة في القامشلي، سواء تلك التي تتولى الإدارة الذاتية تمويلها، أو المشفى الوحيد التابع لوزارة صحة النظام السوري الواقع في منطقة أمنية يصعب على الكثير الوصول إليها.

وفي السياق، قال المواطن عز الدين الإبراهيم: "إن الاستغلال في المشافي الخاصة له أوجه عديدة، أصعبها العمليات الجراحية الوهمية"، موضحاً أن قريبة له راجعت قبل شهرين أحد المشافي في دمشق، ليخبرها الطبيب بأنها بحاجة لإجراء عملية قسطرة قلبية باستخدام البالون، وهنا كانت المفاجأة، حيث أبلغته بأنها خضعت لها في القامشلي، غير أن ردّ الطبيب كان حاسماً مؤكداً حاجتها للعملية.

وأضاف: "في السابق كان المشفى الوطني التابع للنظام يسدّ الحاجة من ناحية التصوير أو التحاليل، لكن في الوقت الحالي فإنه بغياب المستشفيات العامة أصبح بعض الأطباء في ذلك المشفى يتحكمون بالمراجعين، خاصة مرضى القلب والأمراض الداخلية (الباطنية)، ويسلكون الطريق الأسرع الذي يعود عليهم بالربح دون مراعاة لحال المرضى. قريبتي دفعت نحو مليوني ليرة (71 دولاراً) مقابل عملية فوجئت أنها لم تجرَ لها أبداً في القامشلي".

أما خديجة عمر، فقد أكدت خلال حديثها لـ"العربي الجديد" أنها وقعت ضحية استغلال، مبينة أنها قبل ستة أشهر كان طفلها بحاجة لعملية جراحية بسيطة، وحينها طلب الطبيب 60 ألف ليرة سورية (4 دولارات)، لكنها لم تكن مستعجلة، لكن عندما راجعت الطبيب ذاته طلب 150 ألف ليرة (10 دولارات) للعملية نفسها.

وأضافت "لم يكن حديث الطبيب عن تغيير رأيه حول أجر العملية نفسها مقنعاً أبداً، لذلك ترددت، وذهبت إلى طبيب آخر حيث اختلفت التكلفة تماماً وأصبحت تعادل نصف المبلغ المطلوب، هؤلاء حولوا مهنة الطب إلى كسب واستغلال للناس لا أكثر".

ووصف المواطن أحمد العلي القطاع الصحي في القامشلي بأنه "مُدمّر ومنهار"، وقال لـ"العربي الجديد": إن المدينة ليس فيها مشفى عام، بل بقايا مرفق صحي، مبيناً أن الخدمات الطبية والأدوية ضمن المشافي الخاصة أصبحت للاستغلال فقط، مضيفاً: "همّ بعض الأطباء الوحيد اليوم إقناع المريض بإجراء عملية جراحية، أي مريض فوق سنّ الأربعين عاماً يراجع المشفى يجري إخباره بحاجته إلى قسطرة قلبية، وهذا حصل معي، صدمت حينها، كنت أعاني من تسمم تسبب لي في تسارع نبضات القلب، وعلى أثرها قال لي الطبيب إنني بحاجة لقسطرة".

وتابع "أجريت التحاليل وتخطيطاً للقلب وراسلت بعض الزملاء الأطباء خارج سورية، فأخبروني بأن وضعي لا يستدعي عملية، وفي الوقت الحالي لا أشكو من أي شيء"، وأكمل "قلة من الأطباء في المدينة ممن يحافظون على أخلاق المهنة".

ويوجد في المدينة مستشفيات عامة، هي مشفى القلب والعين وعيادات الشعب، إضافة لمشفى عسكري تديره الإدارة الذاتية، أما مشفى القامشلي الوطني فتشرف عليه صحة النظام السوري، ويقع ضمن سيطرة قوات أمن النظام التي تتحكم بالدخول إلى المشفى بشكل شبه كامل ما يحرم الكثير من سكان المدينة من مراجعته.

وبخصوص الواقع الصحي في القامشلي قال عبد الله فرج (52 عاماً) لـ"العربي الجديد": "الوضع مأساوي جداً، كان المشفى الوطني جيداً مقارنة بهذا الواقع، فيما تحولت بعض المستشفيات هنا إلى مراكز استغلال للناس في الوقت الحالي، هناك شهادات كثيرة للاستغلال، إحداها لقريبي الذي اضطر لبيع أرضه لسداد مبلغ عملية على القلب، اكتشف فيما بعد أنه لم يكن بحاجة إليها".

ويبلغ عدد المشافي التي تديرها الإدارة الذاتية وتشرف على تمويلها في عموم مناطق سيطرتها 24 مشفى، 8 منها في الحسكة و6 في الرقة و8 في دير الزور، ومشفى في منبج بريف حلب الشرق، إضافة لمشفى آخر في عين العرب، يقابلها 68 مشفى خاصاً. 

المساهمون