على الرغم من انتشار عدّة أنواع من السرطانات في البلاد، إلا أنّ الجهات الصحيّة تعمل على إطلاق عدد من مراكز الكشف المبكر عن سرطان الثدي، في مختلف أنحاء البلاد، في مؤشّر على تزايد نسب الإصابة به، فيما يحذّر مختصّون من أنّ بين أسباب انتشار هذا النوع من السرطانات، تفشّي وباء كورونا.
ويوضح جبريل نوّيل، الطبيب المختصّ في أمراض الدم والأورام، أنّ المصابين بسرطان الثدي، هم الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، بسبب نقص المناعة لديهم. لكنه يلفت إلى أنّ إحصاءات المصابين والمتوفّين بسبب كوفيد-19، لم تصل إلى دراسة الأمراض المصاحبة للفيروس.
ويؤكّد الطبيب الليبي في حديثه لــ"العربي الجديد"، أنّ سرطان الثدي، هو من أكثر أنواع السرطانات انتشاراً في ليبيا، مقابل عجز حكومي عن مقاومة تزايد انتشاره وافتقار البلاد لقطاع صحّي مؤهل.
لكن وزارة الصحة في حكومة الوفاق، أعلنت، الجمعة الماضية، عن إطلاق برنامج الكشف المبكر عن سرطان الثدي، ضمن خطّة من عدّة مراحل، مشيرة إلى أنّ البرنامج يضمن التعافي من المرض بنسبة 95 في المائة، إذا تمّ الكشف عنه في مراحله الأولى.
وأضاف المكتب الإعلامي لوزارة الصحة، أنّ المرحلة الأولى من الخطة تهدف لافتتاح فروع لعيادات الكشف المبكر، في العديد من المدن الليبية. وأشار إلى نجاح عدد من العيادات في العاصمة طرابلس، منذ العام 2017، في اكتشاف السرطان مبكراً.
وأكّد البيان، دون أن يكشف عن نسبة المصابين بهذا النوع من السرطان، أنّه تمّ تزويد عيادات طرابلس المختصّة في الكشف المبكر عن السرطان، بتجهيزات حديثة، ورغم الصعوبات، التي اعترفت بها الوزارة، في توفير المواد المشغّلة لهذه الأجهزة إلا أنّها أكّدت أنّها وفّرت شروطاً أفضل للعلاج والتعافي.
وذكر بيان الوزارة أنّها تسعى إلى نشر عيادات للكشف المبكر عن سرطان الثدي، في أكثر من مدينة ليبية، من بينها مدينة سرت، وسط البلاد، قبل أن تنتهي إلى المرحلة الثانية من برنامجها المتعلّق بتدريب العديد من الكوادر الطبية والمساعدة، للإحالة السريعة للحالات، في حال اكتشاف المرض مبكراً لذوي الاختصاص.
لكن أمينة. ع تتساءل عن أوضاع من يعانون المرض، مشيرة إلى أنّ السعي لاكتشاف حالات جديدة لإنقاذها أمر هام، لكن ماذا عن العلاج؟
وتعتبر أمينة، المصابة بسرطان الثدي، في حديثها لــ "العربي الجديد" أنّ البيان لا يعكس سوى "الفشل"، وأضافت: "وماذا بعد الاكتشاف المبكر؟ هل وفّرت الوزارة الأدوية والعلاج، أم أنّ دورها يقف عند حدّ الكشف المبكر؟". وأكّدت أنّها تتعالج في عيادة خاصة، وتركت التواصل مع المراكز الحكومية المتخصّصة، بعد خلوّها من إمكانيات العلاج.
الأمر الذي تؤكّده، ساره المجبري، عضو جمعية نبض الحياة الأهلية في بنغازي، قائلة إنّ جمعيّتهم توفّر الأدوية لـ873 مريضاً بالسرطان، أكثرهم نساء يعانين من سرطان الثدي.
وتضيف المجبري في حديثها مع "العربي الجديد"، أنّ "جرعة كيميائي الثدي المساعد والابتدائي، غالية الثمن، وتحتاجها المريضة من ثلاثة إلى ستة أشهر". وأشارت إلى أنّ جمعيتها تطلق حملات تبرّعات واسعة لكي تستطيع تغطية احتياجات مريضاتها اللواتي يعانين غياباً كلياً للدواء في المراكز الصحية الحكومية.
وأشار بيان وزارة الصحة إلى أنّ نسبة الوفيات من مجمل مرضى سرطان الثدي، هي 18 في المائة، بينما نسبة المرضى، الذين وصلوا إلى مرحلة متقدمة من هذا المرض هي 58 في المائة.
ويشيد نوّيل ببرنامج السلطات الجديد، إلا أنّه لا يراه كافياً، فالانتشار الكبير لهذا النوع من السرطان يحتاج جهوداً أكبر، ليس فقط لناحية الكشف المبكر عن المرض، بل أيضاً الالتفات للمرضى الذين يعانون من غياب الرعاية الطبية على مستوى عالٍ.
وفي عام 2013، شكّلت سلطات البلاد لجنة خاصة بعلاج مرضى السرطان، أوفد منهم 2718 مريضا للأردن، بحسب المجبري، لكن اللجنة أخلت مسؤوليتها وأقفلت أبواب مكتبها في عمّان، وأعادت كوادرها للبلاد بعد أن عجزت عن دفع مستحقات المستشفيات الأردنية، بعد إصابة البلاد بانقسام حكومي منذ العام 2015.
وتفيد المجبري بأنّ ما لا يقلّ عن 800 مريض، أكملوا العلاج في الأردن على حسابهم الشخصي، وبسبب غلاء المعيشة تحوّل مرضى آخرون إلى دول أخرى، وعاد أكثرهم للبلاد ليواجهوا مصيرهم المحتوم.
ويتحدّث نوّيل من جانبه، حول صعوبات أخرى تواجه مكافحة المرض، منها انتشار أدوية السرطان المستوردة براً من قبل مهرّبين أو شركات خاصة عبر شاحنات غير مبرّدة ومجهّزة لتوريد الأدوية، إضافة لانخفاض جودتها ومخالفتها في أحيان أخرى للمواصفات القانونية.
ويلفت نوّيل أيضاً إلى عوامل البيئة المؤثّرة بشكل مباشر على المريض، خصوصاً على سكّان المدن التي تتراكم فيها القمامة وتنتشر فيها روائح دخان حرق القمامة وإطارات السيارات، علاوة على دخان القذائف والقصف.
وتقول المجبري إنّ اللجان والجهات الأهلية التطوعية، تكافح من أجل توفير نصف ثمن الأدوية، بعد تعثّر الأحوال وضيق مصادر الدخل على المتبرّعين بسبب جائحة كورونا، وأشارت إلى أنّ جمعيتها كانت تشرف على توفير أنواع خاصة من الأغذية لبعض الحالات الصعبة، خصوصاً الغذاء الخاص بمرضى السرطان من الأطفال.