- ذوو المعتقلين يواجهون تحديات مثل صعوبات الزيارة والتكاليف المالية، بالإضافة إلى التعرض للإهانة من قبل إدارات السجون.
- هناك آمال كبيرة معلقة على تنفيذ الخطط الحكومية بفعالية لتحقيق تغيير جذري في واقع السجون، مع التأكيد على الرقابة والمحاسبة لتحسين ظروف الاحتجاز.
يعلّق ذوو المعتقلين في سجون العراق آمالاً على وعود وخطط أطلقتها الحكومة أخيراً، لتحسين واقع هذه المؤسسات التي تتخبط في مشكلات كثيرة تتمثل بانتهاكات حقوق الإنسان وعدم توفر البيئة الصحية المناسبة، فضلاً عن الاكتظاظ، مؤكدين أن جدّية الحكومة ستُخفف من معاناة السجناء.
وسجّلت سجون العراق على مدار سنوات عدة، انتهاكات كثيرة وخطيرة تتعلق بملفات الغذاء وحقوق الإنسان وغير ذلك، في ظل اكتظاظ وصلت نسبته إلى 300 في المائة بحسب ما أعلنته الحكومة رسمياً في وقت سابق، وما يرافق ذلك من صعوبة السيطرة على كل هذه الأعداد.
وأخيراً أعلنت الحكومة وضع خطط لإنهاء مشكلة اكتظاظ سجون العراق ضمن استراتيجية لتوسعتها، تتضمن استحداث مدن إصلاحية متكاملة وترميم الحالية بما يتناسب مع أعداد السجناء، بحسب ما أكدته وزارة العدل في وقت سابق. كما وضعت الوزارة خطة لإعادة توزيع السجناء بحسب الرقعة الجغرافية.
ووفقاً لعضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، النائبة نيسان زاير، فإن "ذوي السجناء يعانون مشكلة الزيارات وما تشكله من عبء عليهم والسفر إلى محافظات بعيدة بسبب وجود أبنائهم في سجون خارجها"، مبينة في تصريح صحافي سابق أن لجنتها "تتابع الملف مع التركيز على أهمية تخفيف الأعباء عن تلك العائلات، لذا جرى التنسيق مع وزارة العدل التي وضعت خطة لإعادة توزيع السجناء على سجون محافظاتهم". وأوضحت أن "الخطة حظيت بدعم من اللجنة البرلمانية، وسيكون لها أثر واضح في مساعدة ذوي السجناء وتسهيل الزيارة والتقليل من كلفها".
سجون العراق.. خطط تراعي الجانب الإنساني
مسؤول في وزارة العدل العراقية، غير مخوّل بالتصريح، أكد أن "الخطة تراعي الجانب الإنساني، إلا أنها تحتاج إلى وقت لتنفيذها"، وقال لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "خطة إعادة توزيع السجناء تعتمد في الأساس على تطوير السجون التي تحتاج إلى عامين لإكمالها وتوسيعها". وأكد أن "خطة التخفيف من الاكتظاظ ستمنح الوزارة فرصة لإعادة توزيع السجناء"، مشيراً إلى أنها "راعت الجانب الإنساني وتسهيل زيارات ذوي السجناء لأبنائهم".
وأضاف، أن "الوزارة تلقت توجيهات من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بأهمية تطوير واقع السجون، الذي يعاني مشكلات هي في الحقيقة متراكمة منذ الحكومات السابقة"، مبيناً أن "كل تلك المشكلات هي تركة للحكومات السابقة، وأن الوزارة تعمل حالياً على تجاوزها، إلا أنها في كل الأحوال تحتاج إلى وقت، وأن الوزارة بدأت فعلياً بتنفيذ الخطط، ومنها خطة توسيع السجون إذ يتم استحداث سجون جديدة، فضلاً عن ترميم القديمة وتوسيع قاعاتها".
ذوو السجناء يعوّلون على الخطط الحكومية
الباحث في مجال حقوق الإنسان، فراس المعماري، أكد أن ذوي المعتقلين في سجون العراق يعوّلون على تلك الخطط للتخفيف من معاناتهم، وقال المعماري لـ"العربي الجديد"، إن "حكومة السوداني تختلف عن سابقاتها وإن هذا واضح من خلال توجهها نحو ملف الخدمات والتطوير"، مبيناً أن "الحكومات السابقة كانت لا تعطي غير الوعود، من دون أي خطوات للتنفيذ، إلا أن خطط الحكومة الحالية، ومنها تطوير دور الإصلاح (السجون) وتوسيعها بدأت فعلياً، وهذا مؤشر جيد".
وشدد على أن "خطوة التطوير والتوسيع ومن ثم إعادة توزيع السجناء بحسب المحافظات، جيدة إلا أنها تحتاج أيضاً إلى تفعيل دور الرقابة داخل السجون، ومتابعة الانتهاكات التي تسجل فيها، وتفعيل المحاسبة القانونية لأي مخالفة تسجل في أي سجن". وأشار إلى أنه "في حال تعاملت الحكومة بحزم مع الانتهاكات والمشكلات الأخرى في سجون العراق فإننا سنلمس تغيراً وانقلاباً جذرياً بواقعها، وهذا ما نأمل تحقيقه".
من جهتها، اشتكت الحاجة أم عبد الله، وهي والدة أحد المعتقلين في سجن الحوت بمحافظة الناصرية، معاناتها أثناء الزيارة وما تكلفه من جهد ومبالغ مالية كبيرة جداً بسبب بعد المسافة بين محافظتها والسجن، وقالت لـ"العربي الجديد": "أضطر إلى زيارة ولدي المعتقل بسجن الناصرية (معروف أيضاً بسجن الحوت)، وإن كلفة النقل من محافظتي (الموصل) إلى الناصرية كبيرة جداً، وأحياناً لا ألتقيه إلا لدقائق عدة فقط".
وشددت: "نتعرض للإهانة والتجاوزات والكلمات البذيئة من إدارة السجن والحراس"، مؤكدة أن "الزيارة عامة مهينة جداً، والتعامل معنا يكون وكأننا مجرمون". وعبّرت عن أملها بأن "تفي الحكومة بوعودها وتنفذ الخطط، لتسهيل إجراءات الزيارة، وأن يتم نقل السجناء إلى محافظاتهم، فضلاً عن مراعاة الجانب الإنساني في التعامل مع ذوي السجناء".
وتعاني سجون العراق إهمالاً كبيراً وغياباً للدور الرقابي من الجهات الحكومية والجهات المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجري الحديث فيه عن سيطرة بعض الجهات السياسية عليها، وسبق أن أكدت جهات سياسية وأخرى مختصة بحقوق الإنسان وجود انتهاكات خطيرة وإعدامات غير معلنة داخل السجون.
وملف السجناء في العراق من الملفات المعقدة والتي تعاني إدخال الممنوعات وتسجيل انتهاكات وخروقات واكتظاظ، ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في البلد، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقارب المائة ألف سجين تتوزع على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى أخرى تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.