بمناسبة اليوم العالمي للرياضة من أجل التنمية والسلام، الذي يحلّ في السادس من إبريل/ نيسان من كلّ عام، سلّطت منظمات حقوقية الضوء على حقّ السجناء المصريين في التريّض، مشدّدة على أنّ "الرياضة حقّ أصيل وأداة قوية من أجل السلام والتنمية".
وتشدّد النصوص التشريعية المحلية والدولية على حقّ السجناء في الخروج من الزنازين إلى الهواء الطلق وممارسة الرياضة، وهو ما يُعرف في القوانين المصرية بـ"التريّض"، لكنّ عدداً من السجون في مصر لا تطبّق ذلك، سواء على المستوى الجماعي في عدد من السجون، أو على المستوى الفردي مع سجناء بحدّ ذاتهم.
وفي ما يتعلّق بالحقّ في التريّض في القوانين المصرية، فقد أُضيفت مادة حملت الرقم 85 مكرراً 3 باللائحة الداخلية للسجون بموجب التعديل الصادر بقرار وزير الداخلية رقم 3320 لسنة 2014، نصّت على أنّه في ما يخصّ المسجونين المحكوم عليهم الذين لا يؤدّون أعمالاً والمحبوسين احتياطيّاً والموجودين تحت الاختبار الصحي، "يُسمح لكلّ فئة منهم على حدة في خلال فترة فتح السجن بطوابير رياضية لمدّة ساعة صباحاً وساعة مساءً. ولا يُسمح بخروج المسجونين للرياضة في أيّام الجمع والعطل الرسمية، إلا إذا زادت العطلة على يوم واحد، فيُسمح لهم في اليوم الثاني وما يليه من أيام بالرياضة صباحاً فقط لمدّة نصف ساعة، بشرط أن يكون ذلك تحت حراسة كافية".
كذلك، فإنّ القاعدة الـ 23 من ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﻣﻢ المتحدة ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺟﻴﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ لمعاملة ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ أو "قواعد نيلسون مانديلا"، نصّت على أنّه "لكلّ سجين غير مستخدَم في عمل في الهواء الطلق الحقّ في ساعة على الأقلّ في كلّ يوم يمارس فيها التمارين الرياضية المناسبة في الهواء الطلق، إذا سمح الطقس بذلك"، وكذلك "تُوفَّر تربية رياضية وترفيهية، خلال الفترة المخصّصة للتمارين، للسجناء الأحداث وغيرهم ممّن يسمح لهم بذلك عمرهم ووضعهم الصحي. ويجب أن يُوفَّر لهم، تحقيقاً لهذا الغرض، المكان والمنشآت والمعدّات اللازمة".
في إطار اليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام, إختارت بلادي التركيز على أهمية حق السجناء/ات في التريض من خلال إلقاء نظرة على مدى تمتعهم/هن بالوقت الكافي في الهواء الطلق من أجل التنفس والمشي وممارسة أنشطة رياضية في السجون المصرية.
— بلادي جزيرة الإنسانية “Belady” (@Belady_IH) April 6, 2022
للإطلاع على الدراسة:https://t.co/6g2FrPMBie pic.twitter.com/wE7n8gRzGJ
لكنّ منظمة "بلادي جزيرة الإنسانية" أكّدت في تقريرها الصادر بمناسبة اليوم العالمي للرياضة من أجل التنمية والسلام، عدم توفير حقّ التريّض لعدد من السجناء والسجينات في عدد من السجون المصرية.
وأفادت "بلادي" بأنّ من البديهي ألا تتأثّر صحة الأشخاص كنتيجة لسجنهم، لافتة إلى أنّ كثيرين من السجناء والسجينات يقضون مدّة احتجازهم في ظروف غير صحية في داخل زنازين مكتظّة، بالتالي من الجوهري تمكينهم من الوقت الكافي في الهواء الطلق يومياً من أجـل التّنفس والمشي وممارسة أنشطة رياضية أخرى.
وشدّدت المنظمة على أنّ "التمارين الرياضية في الهواء الطلق تُعَدّ ضماناً أساسياً لصحة السجين والسجينة، وهذا ما تقرّه القوانين المصرية والدولية على حدّ سواء".
وبحسب شهادات أدلى بها سجناء وسجينات لمنظمة "بلادي" في عدد من السجون المصرية، فإنّ متوسط فترة التريّض في سجن ملحق وادي النطرون شديد الحراسة وسجن القناطر للنساء وسجن برج العرب وسجن طرة تحقيق، وسجن دمنهور نساء وسجن المنيا شديد الحراسة يُقدَّر بنحو ثلاث ساعات يومياً، في ما عدا يوم الجمعة والإجازات الرسمية، وهو ما يتماشى مع التشريعات المحلية والدولية.
في المقابل، يعاني سجناء وسجينات من الاحتجاز كامل اليوم ليبقوا حبيسي زنزاناتهم من دون أيّ نوع من حريّة الحركة أو الرياضة. وهذه حال سجون مصرية عديدة، منها سجن الاستئناف الذي يعاني السجناء فيه من اكتظاظ شديد في الزنازين واستحالة الحركة، مع عدم توافر أي توقيت للتريّض. ومثله سجن مزرعة طرة الذي يبلغ متوسّط مدّة التريّض فيه عادة نصف ساعة في اليوم، ما عدا العطل الرسمية. أمّا في سجن مزرعة طرة، فتزيد مدّة التريّض على ساعة واحدة يومياً، وقد تقلّ عن ذلك أحياناً.
في سياق متصل، يُحرَم عدد من السجناء، خصوصاً سجناء الرأي، حقّ التريّض كنوع من العقوبة المضاعفة، مثل عقوبة الحبس الانفرادي المطوّل. وتطول قائمة السياسيين المحرومين التريّض في السجون المصرية، لكنّ من أبرزهم رجلَي الأعمال المصريَّين صفوان ثابت ونجله سيف صفوان ثابت، وكذلك الصيدلي أحمد عبد المعطي، مدير مكتب الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، وأنس البلتاجي، نجل القيادي بجماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي.
وتعاني السجون في مصر من مشكلات عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر زيادة الاكتظاظ، وعدم توافر رقابة حقيقية وفاعلة عليها، وسوء المعاملة، وعدم الاهتمام بالجوانب المعيشية للسجناء من رعاية صحية ونظافة عنابر السجن وتعليم وعمل وتثقيف وغيرها، و"هذه عوامل جعلت إدارات السجون تفشل في أداء دورها الرئيسي، وهو إعادة تأهيل المحكوم عليهم"، بحسب ما أكّدته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في تقرير لها عن التكلفة الاجتماعية والاقتصادية لمنظومة السجون في مصر.
وأوضحت المبادرة في تقريرها أنّ مشكلة الاكتظاظ في السجون المصرية تجعلها حتماً عاجزة عن القيام بدورها في تحقيق أهدافها، ومهما بذلت وزارة الداخلية ومصلحة السجون من جهود، فإنّها "لن تثمر شيئاً في ظلّ الزيادة العدديّة غير المسبوقة في أعداد المحكوم عليهم والمحبوسين احتياطيّاً".
وقد تبيّن من البحث الذي أعدّه المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عن الحبس الاحتياطي أنّ 22.2 في المائة من أفراد عيّنة الدراسة الإحصائية حُبسوا احتياطياً لمدّة تزيد على ثلاثة أشهر، و12.1 في المائة حُبسوا لأكثر من ستة أشهر، و1.8 في المائة حُبسوا لمدّة تزيد على سنة واحدة.