جاء ذلك ضمن المؤتمر الصحافي للمتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، الذي دقّ ناقوس الخطر بخصوص انهيار النظام الصحي في غزة، وتعرض حياة مئات الحوامل والأمهات المرضى والجرحى والأطفال الخدج والنازحين لخطر فقدان الحياة نتيجة الهروب من نيران القصف، والاستهداف المباشر للمستشفيات.
وأضاف: "سجلت وزارة الصحة مئات حالات الإجهاض والولادة المبكرة نتيجة الذعر والهروب القسري تحت القصف الوحشي"، وأضاف: "عدم توفر الرعاية الصحية في أماكن النزوح وصعوبة الوصول إلى المستشفيات يعرض حياة نحو 60 ألف حامل للخطر".
وبعد وقت قصير من بدء الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، حذرت منظمات أممية، بينها منظمة الصحة العالمية، من أنه "لم يعد هناك مكان آمن للنساء الحوامل للولادة". وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على العدوان، ازدادت الظروف سوءا، وأصبحت الحوامل معرضات لخطر مركب ويُجبرن أحيانًا على الولادة في مخيمات أو على الطريق.
وفي حديث لمنظمة "أطباء بلا حدود"، تقول الفلسطينية مها إن جميع غرف الولادة كانت ممتلئة في المستشفى الميداني الإماراتي عندما داهمها المخاض، ورفضت لهذا السبب، وعادت إلى خيمتها، وقد توفي جنينها حديث الولادة عندما أنجبته في الحمام بالقرب من خيمتها. أكدت المنظمة في بيان صحافي أمس أنه "من دون هذه الحرب، لم تكن لتفقد ابنها".
زيادة حالات الإجهاض في غزة بنسبة 300%
من جهتهم، أفاد العاملون في مجال الرعاية الصحية بزيادة بنسبة 300 بالمائة في معدل الإجهاض بين الحوامل في غزة منذ بدء الحرب الإسرائيلية قبل ثلاثة أشهر، حسب ما قالت نور بيضون، المستشارة الإقليمية لمنظمة كير للحماية والنوع الاجتماعي في حالات الطوارئ، لموقع "Jezebel" الأربعاء.
Miscarriages in Gaza Have Increased 300% Under Israeli Bombinghttps://t.co/gSg9IWBU03 pic.twitter.com/g65gj1acHU
— Jezebel (@Jezebel) January 17, 2024
من جهتها، قالت أمل عوض الله، المديرة التنفيذية لجمعية تنظيم وحماية الأسرة الفلسطينية، للموقع، إن "جميع النساء الحوامل معرضات الآن لخطر الولادة في ظروف غير آمنة، حيث يلدن فيها في السيارات والخيام والملاجئ". وأشارت إلى أنه في المراكز الصحية، "لا تُقبل أحيانا النساء الحوامل بسبب المرافق المكتظة والموارد المحدودة للغاية".
عمليات قيصرية من دون إمدادات أو تخدير
وبسبب محدودية الموارد، توضح عوض الله أن العديد من العمليات القيصرية والولادات "تجرى دون إمدادات طبية أساسية أو تخدير ومن دون أي رعاية ما بعد الولادة. قلة منهن قادرات على الحصول على مواعيد مع أطبائهن أو الحضور بعد الولادة، والكثيرات ليس لديهن خيار سوى البقاء في الملاجئ المكتظة".
ونتيجة لذلك، فإن الكثير من النساء يتعرضن بشكل خطير للعدوى فيما يرتفع خطر وفيات الأمهات. "هناك خطر النزيف والالتهابات من دون وجود الأدوات والأدوية المناسبة"، كما قالت بيضون. كما تواجه العديد من النساء اللواتي أجبرن على الخضوع لعمليات قيصرية طارئة من التهابات في الجروح القيصرية بسبب نقص الأدوات الطبية النظيفة لإجراء العملية.
وأكدت أن هذه الظروف خطيرة بالمثل على الأطفال حديثي الولادة، الذين يموتون بسبب نقص البيئة المعقمة والموظفين المتخصصين".
وتطرق المتحدث إلى الاكتظاظ الهائل في مستشفى تل السلطان للولادة ومستشفى أبو يوسف النجار ومراكز الرعاية برفح، ما يجعلها غير قادرة على تحمل الأعداد الكبيرة من المرضى والجرحى يوميا.
مصير مجهول لـ50 ألف حامل
ووفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فإن "حصيلة العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 24 ألفا و620 شهيدا، و61 ألفا و830 مصابا" منذ 7 أكتوبر الماضي. وأضافت أن "الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 15 مجزرة ضد العائلات في قطاع غزة، راح ضحيتها 172 شهيدا و326 مصابا، خلال الـ24 ساعة الماضية".
وأشارت إلى أنه لا يزال هناك "عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول اليهم".
8 آلاف حالة بعدوى التهابات الكبد الوبائي
وفي السياق، أعلنت الوزارة تسجيلها رسميا "أكثر من 8 آلاف حالة بعدوى التهابات الكبد الوبائي الفيروسي من نوع (A) نتيجة الاكتظاظ وتدني مستويات النظافة الشخصية في أماكن النزوح".
ورجحت أن "تكون أعداد الإصابة بعدوى التهابات الكبد الوبائي مضاعفة في أماكن النزوح المختلفة في قطاع غزة".
والتهاب الكبد "A" هو إصابة شديدة العدوى تحدث في الكبد، ويسببها فيروس التهاب، نتيجة تناول طعام أو شراب ملوث، أو نتيجة للمخالطة اللصيقة بشخص حامل للمرض.
كما حذرت الوزارة "من توقف الفحص المخبري للدم سي بي سي (الفحص الكامل للدم)، في أي لحظة، نتيجة نقص المواد الخاصة به، وكذلك نفاد 60% من المواد الخاصة بالفحوصات المخبرية والفيروسية المختلفة.
وأشارت إلى أن 10 آلاف مريض بالسرطان يتعرضون لمضاعفات خطيرة تودي بحياة عشرات المرضى يوميا، نتيجة عدم توفر الأدوية وانعدام الرعاية الصحية في أماكن النزوح بعد خروج مستشفى الصداقة التركي عن الخدمة.
ويعيش النازحون الفلسطينيون في قطاع غزة أوضاعا قاسية أنتجتها الحرب المستمرة على القطاع، تمثل آخر فصولها بعدم وجود "المراحيض ودورات المياه"، ما يضطر أعدادا من النازحين لقضاء حاجاتهم في "العراء"، إلى جانب الاكتظاظ الكبير داخل مراكز النزوح.
تحكم الاحتلال في المساعدات
وبرغم الواقع المأساوي والعجز عن الاستجابة لحاجة أكثر من 1.3 مليون نازح، لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يتحكم في حجم ونوعية ومسار المساعدات الطبية بهدف إبقاء المنظومة الصحية في حالة انهيار مستمر.
ووفقاً للمتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، فإنه "بعد فرز المساعدات الطبية التي دخلت قطاع غزة، فإن نسبة ما يمكن الاستفادة منه للأسف أقل من 30%، وهذا يعني أن الكم الأكبر من المساعدات لا تلامس احتياجاتنا المطلوبة".
كما تطرق إلى تعثر آلية خروج الجرحى للعلاج، ما يسهم بقتل المئات وهم ينتظرون الموافقة على خروجهم أسابيع طويلة، ويؤكد أن الاحتلال يستخدم هذه الآلية سلاحاً إضافياً لقتل الجرحى.
وطالبت وزارة الصحة الفلسطينية، من خلال مؤتمرها، كافة الأطراف الدولية بالعمل على وضع آليات جديدة فاعلة وضامنة لتدفق المساعدات الطبية وفق الاحتياجات المعلنة، كما دعت مصر والدول العربية ودول العالم الحر لإيجاد آليات جديدة تضمن خروج أكثر من 6500 جريح كأولوية عاجلة، واستقبالهم في مستشفياتها ومراكزها الصحية.
وطالبت الجهات والمؤسسات الأممية بعمل مسح طبي شامل للنازحين وإجراء تدخلات عاجلة لمنع الكارثة الصحية والإنسانية، التي يتعرضون لها بسبب انتشار الأوبئة والمجاعة ونقص المياه الخاصة بالشرب والنظافة الشخصية.