ضرب زلزال جديد بقوّة 6.3 درجات على مقياس ريختر ولاية هرات في شمال غرب أفغانستان صباح اليوم الأحد، بحسب ما أعلن المعهد الأميركي للمسح الجيولوجي، وذلك بعد زلزالَين عنيفَين وقعا في المنطقة نفسها في السابع وفي الحادي عشر من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود أنّ مستشفى هرات الإقليمي سجّل سقوط قتيلَين وإصابة 154 آخرين، وذلك بعد نقل الضحايا والمصابين إليه وعلاجهم في نقاط أقيمت في خارج المنشأة.
وقال مدير برنامج أفغانستان لدى أطباء بلا حدود يحيى كليلة لوكالة فرانس برس إنّ "الوضع خطر جداً.. على الصعيد النفسي"، مبيّناً أنّ "الناس في حالة ذعر وصدمة". أضاف أنّ "الناس لا يشعرون بالأمان. أؤكد لكم بنسبة 100 في المائة أنّ أحداً لا ينام في بيته".
وفي وقت سابق من اليوم، كان المتحدث باسم الحكومة المحلية في ولاية هرات نثار أحمد إلياس قد أفاد، في بيان مقتضب، بأنّ الزلزال وقع في مديرية زنده جان وإنّ المستشفى المركزي في الولاية استقبل جثّة شخص واحد وعشرات الجرحى من جرّاء ذلك. وذكر أنّ الزلزال وقع في المكان نفسه الذي ضربه زلزال الأسبوع الماضي.
من جهته، كان المسؤول في هيئة الإنقاذ المحلية محمد آصف كبير قد أفاد وكالة فرانس برس بأنّ الزلزال خلّف 50 جريحاً على أقلّ تقدير، نُقلوا إلى المستشفى المركزي، علماً أنّ هؤلاء الجرحى أصيبوا في المنطقة الحضرية.
وقد أفادت السلطات الوطنية لإدارة الكوارث بأنّها ما زالت تقيّم تأثير الزلزال في المنطقة القريبة من مركزه.
لكنّ كليلة، من أطباء بلا حدود، قدّر أن يكون "عدد الضحايا منخفضاً"، نظراً إلى أنّ سكان المناطق الأكثر تضرّراً كانوا في الأساس ينامون في العراء بعدما دُمّرت منازلهم في خلال الزلزالَين السابقَين.
وقد حُدّد مركز الزلزال على بعد 33 كيلومتراً من مدينة هرات الواقعة في الولاية التي تحمل الاسم نفسه، والتي قُتل فيها نحو 1400 شخص في خلال الزلزالَين السابقَين بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية الأخيرة.
وأشار المعهد الأميركي إلى أنّ هزّة ارتدادية بقوة 5.5 درجات على مقياس ريختر ضربت المنطقة بعد عشرين دقيقة من الزلزال. وقد تبعها هزّات ارتدادية عدّة بقوة 4.2 و4.3 و4.4 درجات.
وقال محمد جنيد، أحد سكان المنطقة، لـ"العربي الجديد"، في اتصال هاتفي، إنّ الزلزال أتى قوياً جداً، كذلك الأمر بالنسبة إلى الهزّة الارتدادية.
وبعد الزلزال الأخير، أعلن مسؤولون، اليوم الأحد، الإفراج عن أكثر من 528 سجيناً في ولايتَي هرات وبادغيس، لأنّ السجون تواجه "خطر الانهيار" نتيجة الأضرار التي ألحقتها بها الزلازل.
وأشارت سلطة إدارة السجون إلى أنّ من بين المفرج عنهم أشخاصاً أنهوا معظم فترات محكومياتهم وظهرت مؤشرات إلى أنّهم "أُصلحوا".
We are grateful for flexible, thematic funding which allowed UNICEF to pre-position life-saving supplies like these kits of winter clothes.
— UNICEF Afghanistan (@UNICEFAfg) October 15, 2023
With these supplies ready to go, we could respond immediately after the earthquake, and bring these kits to children and families quickly. pic.twitter.com/dwkGwL8oUb
في سياق متصل، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الأربعاء الماضي، بأنّ أكثر من 90 في المائة من ضحايا الزلزالَين غربي أفغانستان هم من النساء والأطفال.
وتسبّب زلزال كبير آخر وقع في 11 أكتوبر، وكان مركزه على بعد 30 كيلومتراً شمال هرات، في حالة من الذعر بين السكان المصابين بصدمة نفسية، وخلّف قتيلاً على أقلّ تقدير ومئات الجرحى.
وقال المسؤول الميداني في "يونيسف" صدّيق إبراهيم، الذي يتّخذ من هرات مقرّاً، إنّ الأطفال والنساء يمثّلون القسم الأكبر من وفيات الزلزال الأوّل.
وكان الزلزالان السابقان قد دمّرا ستّ قرى ريفية على أقلّ تقدير في منطقة زنده جان، فيما تضرّر أكثر من 12 ألف شخص من سكانها، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
ويعيش آلاف الأفغان حالياً حول ركام المنازل حيث قُتلت عائلات بأكملها في خلال لحظات، عند وقوع زلزال السابع من أكتوبر. وقد تركتهم الهزات الارتدادية "في حالة قلق وخوف دائمَين"، بحسب منظمة الصحة العالمية.
بالنسبة إلى محمد نعيم الذي خسر 12 قريباً له، من بينهم والدته، "لم يعد بإمكاننا العيش هنا". أضاف لوكالة فرانس برس "مثلما ترون، استشهدت عائلتنا هنا. كيف يمكننا العيش في هذا المكان؟".
ومنذ وقوع الزلزالَين، ينام آلاف الأشخاص في المناطق المتضررة في السيارات والحدائق والخيم، بعدما تحوّلت منازلهم إلى ركام.
وأخبر حريص عريان، من سكان هرات، أنّه أرسل عائلته جنوباً إلى ولاية فراه للهرب من الصدمة الناجمة عن الزلازل. وقال لوكالة فرانس برس إنّ "كثيرين فرّوا... أيّ شخص له أقارب أو سكن في ولايات مجاورة. أما الذين لا يملكون مكاناً للذهاب إليه، فيقضون لياليهم على الطرقات وفي الحدائق".
من جهته، أشار حامد نظامي، من أهالي المنطقة، لوكالة فراس برس، إلى أنّ "أهل هرات يشعرون بالذعر والخوف. نحمد الله على أنّه (الزلزال) وقع في خلال النهار وكان الناس مستيقظين".
لكنّ في هذه المنطقة حيث تنخفض درجات الحرارة بصورة كبيرة في الليل، لن يتمكن المشرّدون من البقاء في الخيم أكثر من شهر، بحسب ما يقول عاملون في المجال الإنساني.
وتعاني أفغانستان أساساً من أزمة إنسانية خطرة مع سحب المساعدات الأجنبية على أثر عودة حركة طالبان إلى السلطة.
وسوف يمثّل تأمين مأوى لعدد كبير من المنكوبين مع اقتراب فصل الشتاء تحدياً لسلطات حركة طالبان، التي تسيطر على السلطة منذ أغسطس/ آب 2021 وتربطها علاقات متوترة مع منظمات الإغاثة الدولية.
وقال وزير الصحة العامة قلندار عباد: "نعرف أنّ في إمكانهم العيش هناك في الخيام لمدّة شهر، لكن البقاء أكثر من ذلك سوف يكون صعباً جداً على الأرجح".
ويبلغ عدد سكان ولاية هرات الواقعة على الحدود مع إيران نحو 1.9 مليون نسمة، وتعاني مجتمعاتها الريفية من جفاف مستمرّ منذ سنوات.
يُذكر أنّ أفغانستان تشهد الزلازل باستمرار، لكنّ الذي وقع في بداية الشهر أدّى إلى أكبر حصيلة للضحايا في هذا البلد الفقير المدمّر بسبب الحرب منذ أكثر من 25 عاماً.
يُذكر أنّ المنازل في مناطق أفغانستان الريفية تُشيَّد من الطين حول أعمدة دعم خشبية، في غياب شبه تام لاستخدام دعائم من الفولاذ أو الخرسانة.
وتعيش عائلات ممتدّة تحت سقف واحد، في العادة، الأمر الذي يعني أنّ أيّ زلازل كبيرة يمكنها القضاء على مجتمعات برمّتها.
(فرانس برس، العربي الجديد)