أدى الزلزال المزدوج الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية في السادس من فبراير/ شباط الماضي إلى تشكل بحيرة نتيجة انزياح جبلين والتقائهما على طريق بلدة الإصلاحية بولاية غازي عنتاب، ولم تطلق عليها السلطات أي اسم بعد. وقطعت هذه البحيرة التركية الحديثة طريق قرية إيديللي في منطقة تتبع مدينة الإصلاحية لناحية مدينة نورداغي، وذلك على مقربة من مركز الزلزال في ولاية كهرمان مرعش، ما يبقي المخاوف من جنون الطبيعة قائماً، وخصوصاً إن حدثت هزة كبيرة أو نشاط زلزالي قد يغيّر معالم المنطقة إذا ما جرفت مياه البحيرة أراضي وقرى. في هذا الإطار، عمدت السلطات التركية إلى أخذ الاحتياطات لحماية المنطقة والسكان. وباتت البحيرة مصباً لنهر موسمي أوصل المياه إلى ما فوق أعمدة الكهرباء التي كانت موجودة قبل تشكل البحيرة.
وتقع البحيرة في منطقة منخفضة تجمع مياه الأمطار الغزيرة جنوب تركيا. وتضم تركيا العديد من البحيرات، من بينها بحيرة وان المالحة، التي تفيد دراسات قدمها 36 باحثاً من 12 دولة حول العالم في إطار مشروع بحث بوليو– وان، بأنّ عمر هذه البحيرة يبلغ 600 ألف عام، على الرغم من أنّ نتائج سابقة كانت قد أشارت إلى أنّ عمرها 400 ألف عام. وكان الهدف من هذا البحث معرفة أسباب تحولها إلى بحيرة مالحة، والتغيّرات والعوامل الجويّة التي أثّرت فيها. وأكد الباحثون أنّ مساحتها الكبيرة تشكّلت بسبب انفجار بركان نمرود. ونتيجة لوجود جبال بركانيّة تُحيط بهذه البحيرة، توصّل فريق العلماء إلى تأثّر هذه البحيرة بما يزيد عن 600 بركان منفجر وزلازل عدّة.
وتضم تركيا محمية البحيرات السبع الشهيرة في ولاية بولو، التي تبعد 45 كيلومتراً عن مركز الولاية، واستقت اسمها من البحيرات السبع التي توجد بها، والموزعة على هضبتين تعلو إحداهما الأخرى بـ 100 متر، ما أتاح الفرصة لتكوّن شلالات وبحيرات بيوك وسرين ودرين ونازلي وكوجوك وإينجة وسازلي.
ويقبل السياح ومحبو الطبيعة على زيارة هذه المحمية. وتتوقع مديرة شعبة بولو لحماية الطبيعة سربيل أويصال، أن يصل عدد سياح هذا العام إلى نحو 200 ألف بعد زيادة الخدمات كالتخييم والأنشطة الرياضية. ويقول مدير شركة "يا شام" السياحية محمود آيدن لـ "العربي الجديد"، إن تركيا تضم الكثير من البحيرات، وقلّما توجد ولاية من دون بحيرة أو نهر. ويوضح أن أنهار الفرات ودجلة وسامسون ومندريس وكزل أرماك والنهر السحري شكلت خلال مجراها بحيرات كثيرة، وأدت إلى إطلاق اسم مدن البحيرات على عدد من المدن. ويرى أن البحيرة الجديدة ستنضم إلى البرامج السياحية، وخصوصاً أن ولايات الجنوب، قياساً بالأناضول، تفتقر إلى البحيرات. كما أن سبب تشكلها بفعل الزلزال الأخير يعطيها أهمية إضافية.
ويشير آيدن في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن تركيا تضم بحيرات كبيرة، من بينها بحيرة بوردو التي تزيد مساحتها عن 250 كيلومتراً وعمقها مائة متر، علماً أن بحيرة سالدا أكثر عمقاً بنحو مائتي متر. ويتحدث عن خطورة آثار تغير المناخ خلال السنوات الأخيرة، والذي يهدد الكثير من البحيرات بالانحسار أو الجفاف، وقد جفت بحيرة أق غول في ولاية آق سراي التي كانت تعد موطن طيور النحام وعدد كبير من الطيور المهاجرة، بالإضافة إلى جفاف بحيرة قراطاش في ولاية بوردور غربي تركيا.
وفي ما يلي عدد من البحيرات التي تشتهر بها تركيا:
- كاراغول: تُعرف بحيرة كاراغول الجليدية باسم البحيرة السوداء، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى لون مياهها الأسود الناتج عن عمقها الشديد. تُعد واحدة من أهم المعالم الجاذبة للسياح في المنطقة، إذ تقع على ارتفاع 2759 متراً فوق مستوى سطح البحر، ويمكن الوصول إليها عبر مسار جبلي مُحاط بالغابات المورقة في الصيف وبالثلوج في الشتاء، ويُوفّر إطلالات خلابة على المناطق المُحيطة.
- سالدا: ثاني أكبر بحيرة في ولاية بوردور، وتبعد عن مركز الولاية حوالي 50 كيلومتراً، وتقع على مقربة من مدينة يشيل أوفا، وتبلغ مساحتها 45 كيلومتراً مربعاً ويصل عمقها إلى 184 متراً. وتعد أعمق بحيرة في تركيا ومياهها الأكثر نقاء. ويطلق عليها البعض مالديف تركيا.
- أبانت: تقع في شمال غرب الأناضول على بعد 32 كيلومتراً من مركز مدينة بولو، وتبعد عن إسطنبول حوالي 280 كيلومتراً، وترتفع حوالي ألف و325 متراً فوق سطح البحر، وتشكلت نتيجة انهيار أرضي كبير، وتحيط بها غابات وتعد مقصداً للسياح. وما يميز هذه البحيرة هو نمو أزهار زئبق الماء البيضاء والصفراء في قسم منها بمساحة 1.5 كيلومتر مربع.
- إغيردير: تقع هذه البحيرة العملاقة على مشارف مدينة إغيردير التابعة لولاية إسبارطة، ولا تبعد عن مركز المدينة سوى دقائق سيراً على الأقدام، بينما تبعد عن مركز مدينة إسبارطة حوالي 45 كيلومتراً، ويمكن الوصول إليها بسهولة عبر وسائل النقل الاعتيادية.
تشلدر: تعد أكبر بحيرة عذبة في منطقة شرق الأناضول وتقع في ولاية أردهان، وترتفع حوالي ألف و959 متراً فوق سطح البحر. لذلك، تتجمد طوال أشهر فصل الشتاء ما يجعلها مكاناً مميزاً للتزلج بعربة الخيول واصطياد الأسماك. أما في فصل الصيف، فيتوجه السياح إليها للسباحة.
- مكة: أطلق عليها هذا الاسم بسبب شكلها المشابه لشكل الطواف حول الكعبة، ويسميها آخرون قلادة الحسد لتشابه شكلها مع شكل القلادة الزرقاء المشهورة في تركيا. وتقع في منطقة كارابينار بمدينة هوتامش التابعة لولاية قونية، وهي من البحيرات البركانية الخامدة. أكثر ما يميزها أنها قادرة على امتصاص مياه الأمطار والثلوج بصورة مدهشة. لذلك، حافظت على شكلها المخروطي على مر السنوات، ما جعلها جاذبة للسياح.
- الملح: تعد أكبر بحيرة مالحة في تركيا، بل هي أيضاً واحدة من أكبر البحيرات المالحة في العالم. وتقع في ولاية أقسراي، وتبلغ كثافة المياه فيها 1225 سنتمتراً مكعباً لكل غرام. أما نسبة الملح، فتصل إلى 32.4 في المائة. وتحتل البحيرة مساحة كبيرة في الهضبة الوسطى في تركيا، وتبعد حوالي 65 ميلاً شمال شرق مدينة قونية المجاورة لمحافظتي نيغدة وأنقرة.
- نمرود: ثاني بُحيرة بُركانية في العالم، تقع في محافظة بدليس جنوب شرقي تركيا على ارتفاع 2800 متر عن سطح البحر.