زلزال المغرب يعيد قرويّين إلى "زمن الأجداد"

15 سبتمبر 2023
تساعد الحمير المغاربة المتضرّرين من الزلزال لتسيير شؤونهم اليومية (فيليب لوبيز/فرانس برس)
+ الخط -

عند تخوم قرية مدمّرة، يستخرج مغاربة المياه من بئر لنقلها على ظهر حمير إلى مخيّم يؤويهم منذ أن دمّر الزلزال قرى جبلية في جنوب المغرب ليل الجمعة الماضي.

لطالما كانت ظروف العيش في إغرمان، القرية النائية الواقعة في الأطلس الكبير، بدائية، غير أنّ "المياه كانت متوفّرة في المنازل"، بحسب محمد أوبلاي المقيم في القرية والبالغ من العمر 28 عاماً.

لدى تعبئته حاويات بلاستيكية بالمياه لاستخدامها في غسل الأواني وتحضير الطعام، في العراء، يعلّق أوبلاي على الأوضاع بعد الزلزال قائلاً "عدنا إلى الأيام الخوالي".

الصورة
مخيم مؤقت لمتضرري الزلزال في المغرب (فيليب لوبيز/ فرانس برس)
يؤوي مخيّم مؤقت سكاناً من إغرمان إلى حين البتّ في مسألة إيوائهم (فيليب لوبيز/ فرانس برس)

من جرّاء زلزال ليل الجمعة الماضي، قضى ثلاثة أطفال في القرية المبنية منازلها من طوب الطين. وقد سوّى الزلزال أرضاً قسماً كبيراً من المنازل، وألحق أضراراً بالغة بما تبقّى، حتى أنّ المسجد المبني حديثاً والذي افتتُح قبل خمسة أشهر لم يسلم.

متسلّقاً أكوام الأنقاض التي تفوح منها روائح الماشية النافقة العالقة تحتها، يستطلع أوبلاي حجم الأزمة التي تواجه القرية. ويقول إنّ وزارة الداخلية المغربية "وفّرت لنا 72 خيمة، لكنّنا 90 عائلة"، مضيفاً "لا يمكننا أن نخزّن المؤن فيها. الأولوية لإيواء النساء والأطفال".

الصورة
مغاربة ومساعدات بعد زلزال المغرب (فيليب لوبيز/ فرانس برس)
المساعدات التي قُدّمت سهّلت بعض الشيء العيش في العراء (فيليب لوبيز/ فرانس برس)

من جهتها، كانت سعيدة أوشي تستعدّ لتمضية ليلتها الأولى في خيمة، بعد ليال في العراء تحت أشجار الزيتون. وتشير إلى أنّه "قيل لي إنّنا قد نتمكّن من إشعال مصباح صغير بوصله بالمنزل الوحيد الذي ما زال يتغذّى بالتيار الكهربائي".

واستخدمت أوشي الفرش والوسادات التي وزّعتها جمعيات خيرية لترتيب مساحة للجلوس تتشاركها مع زوجها واثنتين من بناتها وثلاثة أحفاد. وعلى الرغم من ترحيبها بهامش الراحة الإضافي الذي تستفيد منه، لا تخفي أوشي خشيتها على سلامة أحفادها. وتؤكد قائلة: "نحن خائفون على الأطفال... خائفون عليهم. أين هم؟ نحن خائفون من أن يتعرّضوا لأمر ما... نحن خائفون جداً".

ودمّر الزلزال مدرسة القرية، فبات التلاميذ يمضون يومهم خارجاً. وبات مطبخ أوشي يقتصر على مجموعة من الأواني حول موقد حطب تتشاركه مع غيرها من نساء القرية.
والإمدادات الغذائية التي توزّعها جمعيات خيرية محلية تخزّن تحت غطاء يلفحه لهيب الشمس الحارقة.

أمّا مصطفى شامون، فيبدي قلقه إزاء قرب حلول فصل الشتاء الذي يشهد أحياناً تساقطاً للثلوج في القرية. ويأمل الشاب، البالغ من العمر 25 عاماً، بأن تساعد السلطات في إعادة إعمار المنازل قبل تساقط الثلوج، مؤكداً أنه "لا نملك الوسائل للقيام بذلك بأنفسنا".

الصورة
مغاربة في العراء بعد زلزال المغرب (فيليب لوبيز/ فرانس برس)
محاولات لتدبّر الشؤون اليومية بالمتوفّر بعد الكارثة الطبيعية (فيليب لوبيز/ فرانس برس)

ويمارس شامون على غرار قرويين كثر وظائف عدّة في الدار البيضاء، مركز الثقل الاقتصادي في البلاد، لإعالة عائلته، ويشير إلى أنّ لا نيّة لدى والديه للمغادرة، "علماً أنّ كلفة السكن في أنحاء أخرى باهظة جداً".

على الرغم من كلّ شيء، لم تفقد أوشي الأمل، وتقول: "نريد فقط بعضاً من الإسمنت والتراب لإعادة بناء منازلنا بأنفسنا. أريد فقط غرفتَي نوم ومطبخاً... هذا كلّ شيء".

(فرانس برس)

المساهمون