"زاريادي"... حديقة وسط موسكو على أطلال الماضي السوفييتي

21 سبتمبر 2024
تقع حديقة زاريادي على بعد أمتار من الكرملين (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **موقع وتاريخ حديقة زاريادي**: تقع قرب الساحة الحمراء والكرملين، افتتحت عام 2017، وتستقطب ملايين الزوار سنوياً. كانت موقعاً تاريخياً مهماً، حيث كان مقرراً بناء برج ستاليني بعد الحرب العالمية الثانية، لكن المشروع ألغي وأنشئ فندق روسيا بدلاً منه.

- **شهرة وتطور الحديقة**: اكتسبت شهرة بعد كأس العالم 2018، وأصبحت وجهة مفضلة للمشجعين. أنشئت خلال عامين ونصف بمشاركة 5 آلاف فرد يومياً.

- **مساحة وزوار الحديقة**: تبلغ مساحتها 10.2 هكتارات، وتستقطب أكثر من 12 مليون زائر سنوياً، وأدرجتها مجلة "تايم" ضمن أفضل 100 مكان في العالم عام 2018.

على بعد أمتار من الساحة الحمراء والكرملين في وسط موسكو، ثمة حديقة خضراء تطلق عليها تسمية "زاريادي" افتتحت عام 2017 ويقصدها ملايين الزوار من سكان العاصمة وضيوفها للاسترخاء بعيداً عن صخب الشوارع المزدحمة، والتقاط صور تذكارية من الجسر المعلق فوق نهر موسكفا، والاستمتاع بالإطلالة منه.
تعني تسمية الحديقة باللغة الروسية "منطقة ما وراء الصفوف" نسبة إلى الأسواق التجارية التي كانت على مقربة من هذا الموقع على مر العصور، وتضم مسطحات خضراء واسعة تمثل مناطق روسية مختلفة لناحية المناخ، وعدداً من قاعات العروض والأجنحة المتخصصة والمتاجر والمطاعم. ولعلّ المقصد الأبرز هو الجسر المعلق فوق موسكفا، وله إطلالة بانورامية على الكرملين والمناطق الأثرية من جهة، والبرج الستاليني الواقع على ضفة كوتيلنيتشيسكايا من جهة أخرى.
ويعدّ الجسر المعلق فوق موسكفا معلماً معمارياً فريداً، إذ "يطير" الجسر فوق النهر بلا أعمدة على ارتفاع 15 متراً فوق منسوب المياه.   
ومع انفتاح روسيا على العالم العربي واستضافتها بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2018، نالت زاريادي شهرة واسعة، وقصدها مشجعون للاسترخاء خلال الأوقات المتاحة ما بين المباريات.
ويعزو مدير مكتب راديوس للرحلات في موسكو، أنطون لاتينين، إقبال الروس والأجانب على زيارة حديقة زاريادي إلى موقعها الجغرافي المتميز الذي يجعلها موقعاً مثالياً للاسترخاء واستنشاق الهواء النقي بعد جولة في الساحة الحمراء والكرملين. ويقول لاتينين لـ "العربي الجديد": "نالت حديقة زاريادي شعبيتها بالدرجة الأولى بفضل موقعها الجغرافي المتميز عند المخرج من الساحة الحمراء، فأصبحت محطة هامة للاستجمام وسط الأشجار وتناول الطعام والتقاط صور تذكارية والاستمتاع ببعض الوسائل الترفيهية، مثل التحليق الافتراضي فوق موسكو وغيرها من مناطق روسيا".
ويلفت إلى الأهمية التاريخية لموقع "زاريادي" قائلاً: "هذه واحدة من أقدم مناطق موسكو حتى قبل الحقبة السوفييتية. لكن بعد الحرب العالمية الثانية (1939 ــ 1945)، تقرر تشييد أعلى برج ستاليني فيها ليرمز إلى هيبة الاتحاد السوفييتي، وجرى وضع الأساسات، لكن، ألغي المشروع بعد وفاة جوزيف ستالين عام 1953 واعتقال المشرف على المشروع رئيس المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية، لافرينتي بيريا، وإعدامه".

يلتقطون صوراً تذكارية فوق الجسر المعلق (العربي الجديد)
تقع حديقة زاريادي على بعد أمتار من الكرملين (العربي الجديد)

والأبراج الستالينية أو "الأخوات السبع" كما تُلقّب، هي تسمية عامة للأبراج التي بدأ إنشاؤها في موسكو بموجب قرار مجلس وزراء الاتحاد السوفييتي المؤرخ بـ 13 يناير/ كانون الثاني 1947، فوضعت أحجار الأساس لثمانية أبراج لدى الاحتفال بذكرى مرور 800 عام على تأسيس موسكو في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه.
إلا أن البرج الثامن لم يكتب له القدر أن يرى النور، بل أنشئ مكانه في ستينيات القرن الماضي فندق روسيا الذي دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بوصفه أكبر فندق في العالم ضم نحو 3 آلاف غرفة، لكنه هدم في عام 2006، وجرى تأسيس حديقة زاريادي العامة في مكانه في وقت لاحق.  
ويوضح لاتينين دوافع هدم فندق روسيا، قائلاً: "لم يعد الفندق يواكب الزمن في ما يتعلق بمستوى الخدمات، إذ باتت الرؤية المعاصرة إلى موسكو ما بعد السوفييتية تقتضي إحاطة الساحة الحمراء بأفخر الفنادق من فئة 5 نجوم فقط، لا بفنادق سوفييتية متهالكة. وحالياً، ثمة مشروع لإقامة فندق على أطراف زاريادي، لكن ليس بحجم فندق روسيا بالطبع".
بعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، تحول الفندق إلى مقصد للعصابات ورجال المافيا واجتماعاتهم. وفي عام 1998، اغتيل مدير الفندق، يفغيني تسيمباليستوف، الذي كان من الشخصيات المقربة من الرئيس الروسي آنذاك بوريس يلتسين. 
إلا أن لاتينين يقلل من أهمية دور مثل هذه الحوادث في إغلاق الفندق. ويقول: "هذا السؤال لا يوجه إلى الفندق في حد ذاته، وإنما إلى العصر الذي عاشته روسيا في ذلك الوقت، وبهذا المنطق لكانت أغلقت غالبية فنادق موسكو".

قضايا وناس
التحديثات الحية

أنشئت حديقة زاريادي خلال فترة قياسية، إذ لم تتخط أعمال البناء عامين ونصف العام، واستمر العمل بمشاركة أكثر من 5 آلاف فرد يومياً. واستبقت إنشاء الحديقة أعمال تفكيك هياكل فندق "روسيا" التي ضمت 375 ألف متر مكعب من الخرسانة، من خلال استخدام تكنولوجيا الليزر.
تبلغ مساحة الحديقة 10.2 هكتارات فقط، وهي بذلك ليست كبيرة قياساً بغيرها من حدائق موسكو، لكنها تستقطب أكثر من 12 مليون زائر سنوياً، وقد أدرجتها مجلة "تايم" الأميركية ضمن قائمة أفضل 100 مكان في العالم عام 2018.

المساهمون