ريف الرقة: المخيمات العشوائية بلا خدمات

12 فبراير 2024
لا تدرج الإدارة الذاتية المخيمات العشوائية في الرقة ضمن خططها (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

لم تستطع أمينة الجاسم، التي تقيم في مخيم عشوائي، شمال شرقي سورية، تأمين ملابس شتوية لأولادها الثلاثة هذا العام، بسبب الأحوال المادية الصعبة لعائلتها، وحالها مماثلة لعائلات نازحة كثيرة تعيش في هذه المخيمات.
تقول أمينة، البالغة 45 من العمر، وتعيش مع عائلتها في مخيم السلحبية العشوائي في الريف الغربي بمدينة الرقة، وكان زوجها فقد أحد أطرافه خلال الحرب، لـ"العربي الجديد": "أحاول ترقيع وترميم الملابس البالية التي استخدمها أولادي خلال السنوات الماضية، وكنت آمل في أن أستبدلها هذا العام، لكن زوجي بات غير قادر على العمل الذي تعتبر فرصه شبه معدومة في المنطقة أصلاً. وهو يبقى مع الأولاد في الخيمة حالياً، في وقت أجمع الحطب من أطراف المخيم، وأبيعه للسكان لتأمين بعض الاحتياجات الأساسية".
ويضم مخيم السلحبية مئات الأسر النازحة التي كانت وصلت من ريف حماة قبل سنوات، وهو أحد 58 مخيماً عشوائياً في ريف الرقة التي يسكنها أكثر من 14 ألف عائلة نازحة من مناطق مختلفة، مثل حمص وحماة ودير الزور. وهذه المخيمات غير مدرجة ضمن برامج المنظمات الإنسانية، وتعمل العائلات المقيمة فيها في جمع البلاستيك، ومواد قابلة لإعادة التدوير، من أجل الحصول على دخل قليل.
ومثل أمينة، تعاني زهرة المحمد (37 عاماً)، وهي أم لخمسة أطفال فقدت زوجها في الحرب، من ظروف حياتية ومعيشية صعبة، بسبب قلة المساعدات، وتردي الخدمات، وسوء الطقس. وتقول لـ"العربي الجديد"، وهي تجلس قرب نار أشعلتها باستخدام بقايا روث أبقار وغنم داخل خيمتها بمخيم المقص: "يمرض أطفالي بشكل متكرر، ويعانون من تدني درجات الحرارة التي تجعل الخيمة باردة جداً، ولا نستطيع بالتالي الجلوس أو النوم داخلها خلال الليل. نحصل على مساعدات قليلة لأن المنظمات لا تعترف بهذا المخيم. ولو ساعدتنا كل شهرين أو ثلاثة لاستطعنا العيش بشكل أفضل".
ويقول حامد الحسين، الذي يقيم في المخيم اليوناني، نسبة إلى مطعم يحمل هذا الاسم في المنطقة، لـ"العربي الجديد": "وصلت قبل سنوات من ريف دير الزور إلى هذا المكان، وأعيش معاناة يومية في تأمين المستلزمات الأساسية لعائلتي". يضيف: "يضم المخيم نحو 250 عائلة نازحة من مناطق متفرقة، وغالبية سكانه لم يتسلموا مساعدات غذائية منذ أشهر، علماً أنها قليلة وغير منتظمة في الأصل". 
ويوضح مكتب المخيمات، التابعة للإدارة الذاتية في الرقة، أنه وجّه منظمة لمساعدة عائلات مصنّفة بأنها الأكثر عوزاً في المخيم اليوناني، لكن تلبية كل الاحتياجات تحتاج إلى إمكانيات أكبر.

تحتاج تلبية كل احتياجات مخيمات الرقة إلى إمكانيات أكبر (دليل سليمان/ فرانس برس)
تحتاج تلبية كل احتياجات مخيمات الرقة إلى إمكانيات أكبر (دليل سليمان/فرانس برس)

ويصف الصحافي والناشط المدني، مدين عليان، الوضع في المخيمات العشوائية في ريف الرقة بأنه "مأساوي". ويخبر "العربي الجديد" بأن "أي جهة لا تساعد القاطنين في هذه المخيمات أو ترشدهم للتوجه إلى مخيمات نظامية، وحتى مكتب الشؤون الإنسانية التابع للإدارة الذاتية، المسؤول عن توجيه المنظمات الإنسانية، لا يدرج هذه المخيمات في خطط عمله، وليس لديه وصول حقيقي إليها. أيضاً لا يرغب بعض السكان في الذهاب إلى مخيمات منظمة، حيث سيفقدون فيها حريتهم، وقدرتهم على التحرك بسهولة، بسبب القوانين التي تفرضها إدارات هذه المخيمات".
ويوضح عليان أنه "مع قدوم فصل الشتاء تتفاقم معاناة قاطني المخيمات، ويضاف إليها عدم توفر وقود التدفئة وملابس شتوية، وتشكّل الوحول لدى هطول الأمطار. والخيام القديمة لا تحمي السكان من الرياح الباردة والأمطار، علماً أن بعض العائلات لا تملك أيضاً أغطية شتوية مناسبة".
وفي مايو/ أيار الماضي، أعلنت الإدارة الذاتية أنها ستنفذ بالتعاون مع المنظمات الإنسانية مشروعاً يهدف إلى جمع المخيمات العشوائية في أخرى منظمة، من أجل تسهيل الجهود التي تبذلها المنظمات الإنسانية لمساعدة النازحين. وأوضحت أن دمج المخيمات العشوائية سيسمح أيضاً بإنشاء قاعدة بيانات حقيقية للنازحين تسهّل تقديم مساعدات لهم. وأعلن مسؤول في مجلس الرقة المدني اقتراب الانتهاء من إنشاء مخيم جديد، يجمع 8 مخيمات عشوائية، بهدف تسهيل تقديم خدمات لسكانها.

إلى ذلك نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن جهاد حسن، الرئيس المشارك للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة المدني، قوله إن "المجلس بدأ في تجهيز مشروع الصرف الصحي في مخيم العدنانية وأرضيته لاستقبال نحو 3000 عائلة، علماً أن 250 عائلة انتقلت إليه فعلاً من مخيم تل البيعة العشوائي شرقي مدينة الرقة". وأوضح أن موقع مخيم العدنانية اختير لأن أرضه ملك عام، بخلاف مواقع معظم المخيمات العشوائية المشيّدة على أملاك خاصة، ما تسبب في مشكلات بين النازحين وأصحاب الأراضي.

المساهمون