روسيا تسعى لإنشاء مراكز تأهيل للمهاجرين

18 سبتمبر 2022
تعلم اللغة الروسية ضرورة حياتية للمهاجرين (Getty)
+ الخط -

تصرّ روسيا على إدماج المهاجرين القادمين إليها، خصوصاً بعد إعادة فتح الحدود مع السيطرة على كورونا، وذلك من خلال الحرص على تعليمهم اللغة والثقافة الروسيتين.

مع تزايد حركة الهجرة الوافدة إلى روسيا بعد رفع قيود السفر المتعلقة بجائحة كورونا، تضع السلطات الروسية خطة لمنع العزلة الاجتماعية للمغتربين، بما يشمل إنشاء مراكز لتأهيل المهاجرين سواء على الأرض الروسية أو حتى قبل قدومهم إليها. وتحظى هذه الفكرة بدعم السلطات الروسية على أعلى مستوى.

وفي نهاية أغسطس/ آب الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يتوجب على المهاجرين الاطلاع على الثقافة واللغة والقوانين الروسية قبل قدومهم إلى البلاد.  
ما يزيد من أهمية قضية اندماج المهاجرين في الحياة الاجتماعية الروسية، هو زيادة تدفق المهاجرين الأجانب إلى روسيا خلال الأشهر الأخيرة بنسبة 30 في المائة مقارنة مع العام الماضي، وفق تقديرات الوكالة الفدرالية الروسية لشؤون القوميات.  
مع ذلك، ثمة تشكيك بين المعنيين بقضايا الهجرة بجدوى إنشاء مثل هذه المراكز التأهيلية داخل روسيا، نظراً لعمل المهاجرين في ظروف بالغة القسوة لساعات طويلة من دون أيام عطلة تمكنهم من حضور الدورات التثقيفية.

ويرى عضو مجلس العلاقات بين القوميات التابع للرئاسة الروسية، بوغدان بيزبالكو، أن تأهيل المهاجرين الأجانب قبل قدومهم إلى روسيا وليس بعده فكرة جيدة، داعياً إلى إعادة تدريس اللغة الروسية في مناهج الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى.  
ويقول بيزبالكو لـ "العربي الجديد": "أرحب بفكرة إنشاء مراكز لتأهيل المهاجرين. لكن من وجهة نظري، لا ينبغي إقامتها في روسيا وإنما في الدول الأكثر تصديراً للهجرة إليها، وتحديداً أوزبكستان وطاجكستان وقرغيزستان وعلى نفقة حكوماتها". 
وحول رؤيته لحل جذري لمشكلة ضعف مستوى اللغة الروسية لدى المهاجرين الوافدين، يقول: "يجب إعادة تدريس اللغة الروسية في مناهج مدارس هذه الدول وإنشاء وسائل إعلام ناطقة بالروسية؛ فالجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى تستفيد من تحويلات المغتربين في روسيا بقيمة مليارات الدولارات سنوياً، لكنها تقود حملات التضييق على اللغة الروسية، وقد انتقلت أوزبكستان إلى الأحرف اللاتينية، وتجري عملية مماثلة في كازاخستان". 
من جهته، يقول رئيس منظمة "وطندوش" عثمان باراتوف، إن اقتراح إنشاء مراكز تأهيل المهاجرين قومي وشعبوي بامتياز موجه إلى الجمهور الداخلي الروسي قبل الأجانب. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد": "لا أتخيل كيف يمكن تطبيق ذلك، أي أن يذهب المهاجرون إلى هذه الدورات لقراءة أعمال الشاعر الروسي ألكسندر بوشكين، أو الكاتب الروائي ليف تولستوي. هذا مقترح قومي شعبوي أمام الجمهور الداخلي". 

الصورة
لا يمكن الدراسة بالجامعات من دون إتقان اللغة الروسية (Getty)

وحول الصعوبات المتعلقة بحضور الأجانب للدورات التثقيفية، يقول: "يأتي المغتربون إلى روسيا بهدف العمل وتحويل الأموال لذويهم، ويعملون أكثر من ساعات العمل المحددة قانونياً، ومن دون عطل في أحيان كثيرة، فليس من المنطقي أن يحضروا بعد كل ذلك إلى الدورات بدلاً من الراحة والنوم". 
بدوره، يقترح رئيس اتحاد المهاجرين في روسيا فاديم كوجينوف، أن تشمل الدورات بمراكز تأهيل المهاجرين مواد مبسطة حول السلوك الذي يجب اتباعه أثناء الإقامة في روسيا وليس فقط تعلم اللغة الروسية.

ويقول كوجينوف لصحيفة "نيوز.رو" الإلكترونية الروسية: "حبذا أن تعلم هذه المراكز كيف يجب العيش في روسيا، ومن الأفضل أن يتم ذلك بواسطة مواد الفيديو حتى يحضر إليها المهاجرون ويشاهدوا أفلاماً تحت عناوين مثل: كيف يجب أن تحب روسيا الاتحادية؟ وكيف يجب التعامل مع الفتيات؟ ولا ينبغي ذبح الأضاحي في الميادين".  

وكان رئيس الوكالة الفدرالية الروسية لشؤون القوميات إيغور بارينوف، قد كشف خلال لقاء مع بوتين نهاية الشهر الماضي، عن بدء العمل على وضع إجراءات جديدة لمنع انتشار العزلة الاجتماعية للمهاجرين، معتبراً أنه يتعين على المغتربين احترام التقاليد والإلمام بالقوانين والالتزام بها. ويلفت إلى أن الاقتصاد الروسي "يحتاج إلى تدفق القوى العاملة الأجنبية، لكن هذه العمليات تغير فعلياً البيئة الثقافية الإثنية في بعض المناطق"، وهناك مخاطر تكوّن جيوب وتنامي معدل الجريمة بين الأجانب الأمر الذي يؤدي إلى استياء السكان.  
وتظهر إحصائيات وزارة الداخلية الروسية أن النصف الأول من عام 2022، سجل زيادة لافتة في الجرائم المرتكبة على أيدي الأجانب الموجودين في روسيا، والغالبية الساحقة منهم قادمون من بلدان رابطة الدول المستقلة التي تضم جمهوريات سوفييتية سابقة.  
وبحسب هذه الإحصائيات، فإن المواطنين الأجانب والأشخاص بلا دولة ارتكبوا خلال هذه الفترة 21 ألف جريمة بزيادة بلغت نسبتها 11.7 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. وبلغت حصة مواطني رابطة الدول المستقلة في هذه الجرائم نحو 82 في المائة. مع ذلك، لا تزيد حصة الأجانب في إجمالي عدد الجرائم المرتكبة في روسيا عن 4 في المائة، وفق تقديرات الخبراء. 

المساهمون